kayhan.ir

رمز الخبر: 134720
تأريخ النشر : 2021July17 - 20:24
في ذكرى شهادته..

الامام محمد الباقر(ع) الرائد الأكبر للحركة العلمية والثقافية

 

 

 

 

الإمام محمد الباقر (عليه السلام) هو خامس الأئمة الاطهار الذين نصّ عليهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) ليخلفوه في قيادة الأمة الاسلامية ويسيروا بها الى شاطئ الأمن والسلام الذي قدّر الله لها في ظلال قيادة المعصومين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.

وأشرقت الدنيا بمولد الإمام الزكي محمد الباقر الذي بشّر به النبي  (صلى الله عليه وآله) قبل ولادته، وكان أهل البيت (عليهم السلام) ينتظرونه بفارغ الصبر لأنه من أئمة المسلمين الذين نص عليهم النبي (صلى الله عليه وآله) وجعلهم قادة لاُمته، وقرنهم بمحكم التنزيل وكانت ولادته في يثرب في اليوم الثالث من شهر صفر سنة ( 56 هـ ) وقيل سنة ( 57 هـ ) في غرة رجب يوم الجمعة وقد ولد قبل استشهاد جده الإمام الحسين (عليه السلام) بثلاث سنين وقيل بأربع سنين كما أدلى  (عليه السلام) بذلك وقيل بسنتين وأشهر.

وسماه جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) محمد، ولقّبه بالباقر قبل أن يولد بعشرات السنين، وكان ذلك من أعلام نبوته، وقد استشف (صلى الله عليه وآله) من وراء الغيب ما يقوم به سبطه من نشر العلم واذاعته بين الناس فبشّر به أمته، كما حمل له تحياته على يد الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الانصاري.

اشتملت حياة الإمام محمد الباقر(عليه السلام)  ـ على غرار سائر الأئمة المعصومين(عليهم السلام) ـ على مرحلتين متميزتين:

المرحلة الاُولى: مرحلة ما قبل التصدي للقيادة الشرعية العامة والتي تشمل القيادة الفكرية والسياسية معاً وهي مرحلة الولادة والنشأة حتى استشهاد أبيه(عليه السلام) .

وقد عاش الإمام محمد الباقر(عليه السلام) في هذه المرحلة مع جدّه وأبيه(عليهما السلام) فقضى مع جدّه الحسين(عليه السلام) فترة قصيرة جداً لا تزيد على خمس سنين في اكثر التقادير، ولا تقل عن ثلاث سنين.

وعاش مع أبيه الإمام زين العابدين(عليه السلام) مدة تقرب من اربع وثلاثين سنة، وكانت سنيناً عجافاً; إذ كانت الدولة الأموية في ذروة بطشها وجبروتها، وقد عاصر فيها عليه السلام  كلاً من معاوية بن أبي سفيان ويزيد بن معاوية ومعاوية ابن يزيد ومروان بن الحكم وعبدالله بن الزبير وعبدالملك بن مروان والشطر الأكبر من حكم الوليد بن عبدالملك.

وأما المرحلة الثانية فتبدأ باستشهاد أبيه (عليه السلام) في الخامس والعشرين من محرم الحرام سنة (95 هـ ) وهي مرحلة التصدي لمسؤولية القيادة الروحية والفكرية والسياسية العامة وهي الإمامة الشرعية حسب مدرسة أهل البيت(عليهم السلام) وهي لا تنحصر في القيادة الروحية فقط كما لا تقتصر على القيادة السياسية بمعنى مزاولة الحكم وإدارة الدولة الإسلامية.

وقد عاصر عليه السلام في هذه المرحلة الأيام الأخيرة من حكم الوليد بن عبدالملك وسليمان بن عبدالملك وعمر بن عبدالعزيز ويزيد بن عبدالملك وشطراً من حكم هشام بن عبدالملك واستشهد في حكم هشام هذا وعلى يد أحد عمّاله الظالمين.

لقد عانى الإمام الباقر من ظلم الاُمويين منذ ولادته وحتى استشهاده، عدا فترة قصيرة جدّاً هي مدّة خلافة عمر بن عبد العزيز التي ناهزت السنتين والنصف، وعاصر أشدّ أدوار الظلم الأموي، كما أشرف على اُفول هذا التيار الجاهلي وتجرّع من غصص الآلام ما ينفرد به مثله وعياً وعظمة وكمالاً.

واستغرقت هذه المرحلة ما يقرب من تسعة عشر عاماً، وأصّل فيها مسيرة الائمة الهداة من قبله مستلهماً ـ من أجداده الطاهرين وعلومهم والعلوم التي حباه الله بها  ـ الاُسلوب الصحيح لتحقيق أهداف الرسالة المحمدية.

واستطاع الامام الباقر عليه السلام خلال تلكم الأعوام أن يقدّم للاُمة الاسلامية أبرز معالم مدرسة أهل البيت  (عليهم السلام) في جميع الاصعدة وأخذ على عاتقه تربّية عدة أجيال من الفقهاء والرواة وبنى قاعدة صلبة من جماعة صالحة تتبنّى خط أهل البيت (عليهم السلام) الرسالي السليم وتسعى جاهدة لتحقيق أهدافهم المُثلى.

 

وأقام الإمام (عليه السلام) طيلة حياته في المدينة المنورة، فلم يبرحها إلى بلد آخر -الا انه اجبر على ذهابه للشام كما سيأتي ذكره-، وقد كان فيها المعلم الأول، والرائد الأكبر للحركة العلمية والثقافية، وقد اتخذ الجامع النبوي مدرسة له فكان يلقي في رحابه بحوثه على تلاميذه.

وقد تخرج من مدرسة هذا الإمام العملاق مجموعة من العلماء الكبار الذين جابوا الأرض شرقا وغربا ناشرين فيها العلم والمعرفة وطأطأت لشخصياتهم المتفوقة الاُمة الاسلامية بشتى قطاعاتها.