اميركا تسارع الزمن بفرارها من افغانستان
ثمة تطورات ساخنة باتت الساحة الافغانية تشهدها عكس اجواءها الخريفية الذي يلفها البرد القارص لكن ما يدور اليوم في ساحتها داخليا وخارجيا آخذ بالتصعيد وحتى في الميدان فمن جهة تستعر المعارك في الجنوب أي في ولاية هلمند التي تعتبر من المناطق القليلة التي لم تسيطر عليها طالبان حتى الان ومن جهة اخرى احتدام المفاوضات بين الاميركان وطالبان في الدوحة والتي يرافقها قصف جوي اميركي مكثف لمواقع طالبان في افغانستان لدعم القوات الحكومية حسب ما تزعم.
ولا شك ان التدهور الامني الحاصل في ولاية هلمند والذي معد له سلفا، يأتي جراء شن قوات طالبان هجماتها ضد القوات الحكومية كوسيلة للضغط بهدف تعزيز موقعها في المفاوضات التي تسير ببطء شديد ولم تحقق لحد الان اي تقدم ملحوظ لذلك يسعى الطرفان باستمرار تسجيل نقاط اضافية ليستثمر في المفاوضات كورقة رابحة تعدل من رجحان كفته.
غير ان المفاجئ هذه المرة هو ما اعلن خلال الـ 24 ساعة الماضية عن مغادرة القوات الاميركية لاكبر قاعدة لها في افغانستان وهي قاعدة "بغرام" الجوية والتي تحتضن اشهر معتقل يديره الاميركان. لكن اللافت في هذا الحدث انه مؤشر كبير لهروب مبكر للاميركان من افغانستان نتيجة للضربات المستمرة التي يتلقونها في هذا البلد. ولا ننسى ان نشير الى ان الجانبين الاميركان والطالبان قد وقعا في شباط الماضي في الدوحة على الاتفاق ينص على ان تسحب القوات الاميركية من افغانستان منتصف العام 2021.
لكن ما صرح به الرئيس ترامب الاسبوع الماضي كان مناقضا لهذا الاتفاق اذ اعلن بانه سيسحب القوات الاميركية من افغانستان بـ"حلول عيد الميلاد". وهذا مؤشر آخر على ان اميركا تبحث عن مخرج للانسحاب المبكر لتتخلص من ورطتها القاتلة في هذا البلد.
لكن السؤال المفترض طرحه ما الذي فعلته اميركا في افغانستان منذ غزوها لهذا البلد عام 2001 وحتى اليوم؟ سوى تصدير الارهاب والتدمير والخراب والقتل والتشجيع على زيادة انتاج المخدرات؟ هل هناك خدمة انسانية او مادية او معنوية تستحق الذكر قدمتها اميركا للشعب الافغاني الفقير؟ بالتاكيد لا، ان اكثر ما فعلته هو المزيد من الدمار والفقر وسفك الدماء وتاخير البلد الى مائة عام اخرى الى الوراء.
هذه هي ماهية اميركا الحقيقية اينما تحل يحل معها الارهاب والدمار والفساد وعندما تجبر على المغادرة وتطرد من البلد الذي تتواجد فيه كمحتل تنفذ سمومها وحقدها الدفين عبر تدمير المنشآت التي كانت تستخدمها ابان تواجدها اذ لا يسلم من اجرامها وغدرها حتى الحجر. فاي بشر هؤلاء الاميركا المتوحشون الذين لا يتورعون عن ارتكاب ابشع الاعمال اللاانسانية وهذا ما يثبت عمق اجرامهم و حماقتهم ليظهروا للعالم كم هم واطئين ومتسافلين ومتخلفين لان المحتل عادة ما يترك ما استخدمه من منشأة واعتدة خلال وجوده ليلوذ بنفسه بالفرار من غيره رجعة ولا مأسوف عليه.