kayhan.ir

رمز الخبر: 120348
تأريخ النشر : 2020October04 - 21:15

الاطلسي في القوقاز بعد خسارته المتوسط والخليج الفارسي..!

* محمد صادق الحسيني

يحاول الاميركي الذي تهشمت صورته الدولية وانكسرت كل موجاته المتتالية على بوابات الشام وتخوم بغداد واسوار صنعاء ، بعد ان عجز في شرق المتوسط وفشل في هرمز فضلا عن باب المندب في تحقيق اختراق مهم ضد محور المقاومة وتحالف القوى المناهضة للاحادية الاميركية...

نقل مسرح عملياته الى القوقاز عبر مخلبه العثماني لتحقيق الاهداف التالية:

١- تحويل القوقاز الى جسر عبور لقوات الناتو من البحر الاسود الى بحر الخزر لاعاقة دفاعات القوات الروسية عبر نهر الفولغا ( خط الدفاع الاول في صد اي حرب عالمية)

٢- محاولة ربط اربيل المتحالفة مع تل ابيب بباكو المتحالفة هي الاخرى مع الكيان الصهيوني عبر الحاضنة التركية الاردوغانية لوضع ايران ( شمال غرب) في وضع قوس او هلال يُطبق على القوة الايرانية الصاعدة حاملة مشروع العبور الى فلسطين لتحريرها.

٣- حماية خطوط نقل الغاز الآذربايجانية والطرق السريعة التي تنطلق من باكو عبر جورجيا وصولا الى تركيا.

واليكم تفاصيل الاهداف المباشرة والبعيدة المدى للعدوان الاميركي الاطلسي ( العثماني) الاسرائيلي على القوقاز :

ليست هي المرة الاولى ، التي تحاول فيها قوى الاستعمار الغربية السيطرة على منطقة القوقاز ، لاسباب استراتيجية واقتصادية ، بسبب امتلاكها كميات كبيرة من النفط ، في اربعينيات القرن الماضي ، مضافاً اليها الغاز في القرن الحالي .

اذ ان زعيم الرايخ الثالث ، ادولف هتلر ، قد وقع أمراً عسكرياً ، بشن حملة عسكرية لاحتلال منطقة القوقاز كاملة ، وذلك بتاريخ ٢٨ / ٦ /١٩٤٢ ، اسماها : الحملة الزرقاء او المهمه الزرقاء ( Unternehmen Blau ) بلغة هتلر الالمانية .

وقد جرد هتلر لهذه الحملة القوات التالية :

مليون جندي الماني .

الف ومائتين وثلاثة وستين دبابة .

سبعة عشر الفاً وخمسة وثلاثين مدفع ميدان .

الف وستمائة واربعين قاذفة قنابل ومقاتلة اعتراضية .

ولكن كل هذه القوات عجزت عن تحقيق اي تقدم ، في المعركة التي استمرت من ٢٨/٦/١٩٤٢ وانتهت بتاريخ ١٩/١١/١٩٤٢، عندما نجحت الجيوش السوفييتية بتدمير كل القوات المشار اليها اعلاه وفرض الحصار الشامل على الجيش السادس الالماني ، في منطقة ستالينغراد ، ذلك الحصار الذي انتهى بتدمير الجيش الالماني السادس ( بقيادة مارشال الدبابات الالماني باولوس ) وابادته بالكامل وتحرير منطقة ستالينغراد .

ان ما يجري حالياً ، من عدوان اميركي اطلسي ، عبر مشاركة تركيا المباشرة فيه ، اسرائيلي سعودي خليجي ، ليس سوى نسخة عن حملة هتلر الزرقاء ، ذات الاهداف القريبة جداً من اهداف النازية الالمانية ، لا بل هي اكثر شموليةً من اهداف المانيا النازية .

نقول ذلك لان ما يجري حالياً ، من عدوان شامل على جمهورية ارمينيا ، عبر الرئيس الاذري ، إلهام عليوف وزوجتة مِهربان التي عينها نائبةً له ، وهما الاكثر فسادا في العالم ، لا يمكن وصفه ( العدوان ) بحربٍ او نزاعٍ بين ارمينيا واذربيجان وانما هو عدوان شامل ، على منطقة القوقاز وما بعد بعد القوقاز .

اذ ان هذا العدوان ، حسب ما افادت مصادر استخبارية مختصة ومتخصصة بشؤون القوقاز ومستندة الى معلومات دقيقةٍ ، ميدانيةً والكترونية ، يستهدف المحاور التالية :

اولا : ايران .

ان اهم الاهداف الفورية، التي تطمح قوى العدوان الاميركي الاطلسي الاسرائيلي الى تحقيقها ، هي جر ايران الى حرب اقليمية في منطقة القوقاز وشمال غرب ايران على وجه الخصوص ، وذلك لاستنزافها في حرب لا ناقة لها فيها ولا جمل . فالقصف المدفعي الذي تعرضت له بلدة محمد صالح ، في محافظة ، خدا آفارين ( Khoda Afarin ) الحدودية الايرانية اكثر من مرة ، منذ بدء العمليات العسكرية في منطقة ناغورنو كاراباخ ، لم يكن قصفاً عن طريق الخطأ ، سواء البشري او الحسابي ، بل انه كان عملية قصف مدفعي مبرمج نفذتها بطارية مدافع هاون يديرها ضباط مدفعية اسرائيليون ، في داخل الاراضي الاذرية ، بهدف استدراج رد مدفعي ايراني توريطاً للاخيرة . وما التسريبات التي تنشرها المصادر الاستخبارية الاسرائيلية والخليجية / السعودية ، حول استنفار الحرس الثوري الايراني ، وتجهيزه لكتيبة مدفعية ميدان وكتيبة دبابات للرد على مصادر النيران ، الا دليلاً اضافياً على اهداف العدوان .

ثانياً : روسيا .

ان روسيا اليوم مستهدفةً ، تماما كما كان الاتحاد السوفييتي مستهدفاً آنذاك ، خاصة اذا ما اخذنا بعين الاعتبار قيام الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي ، بضخ آلاف من عناصر داعش المسلحين ، عبر تركيا الى اذربيجان ، وتسريبها من هناك الى كافة مناطق القوقاز وما بعد القوقاز ، اي شرقاً باتجاه اوزبكستان وتركمانستان وقرغيزيا وطاجيكستان قرب الحدود الصينية ، ثم شمالاً ، باتجاه الجمهوريات الاتحادية الروسية ، مثل جمهورية داغستان والشيشان وإنغوشيا وجمهورية شمال أوسيتيا وجمهورية كاباردينو / بالكاريا / وجمهورية الشركس ، وكلها جمهوريات من جمهوريات الاتحاد الروسي . الامر الذي يجعل من خلق حالة عدم استقرار دائمة على حدود روسيا الجنوبية ، وربما حتى داخل حدودها الجنوبية ، أمراً في غاية الخطورة الاستراتيجية ، اذ ان هذا التهديد قد يصل الى دعم المعسكر الاطلسي الاميركي لمحاولات انفصالية في هذه الجمهوريات ، كما حدث في بداية تسعينيات القرن الماضي في جمهورية الشيشان ، التي شهدت حربين دمويتين فشلت خلالهما المخططات الاميركيه في تحقيق اهدافها . وهو ما يعتبر تهديداً استراتيجيا مباشراً لروسيا لا يمكنها السكوت عليه .

اذن ، ها نحن نرى اهداف هذا العدوان تصل الى ما وراء القوقاز ، اي الى هدف تفتيت الاتحاد الروسي واخضاع جمهورياته للهيمنة الاميركية الاوروبية ، حيث لا بد ان نرى هذه المخططات مقترنة مع الجهود الاطلسية الاميركية المتواصلة ، لضم اوكرانيا وجورجيا الى عضوية حلف شمال الاطلسي ، احكاما لتطويق روسيا الاستراتيحي ، نظراً لما تقوم به دول هذا الحلف ، من استفزازات مستمرة ضد روسيا ، من البحر الاسود جنوباً ( محاولات طائرات الاستطلاع والقاذفات الاستراتيجية الاميركية اختراق الاجواء الروسية باستمرار انطلاقاً من قواعدها في تركيا ورومانيا وبلغاريا ) ، وصولاً الى نفس هذا النمط من الاستفزازات ، عبر الاجواء الاوكرانيه والبولندية واللتوانيه واجواء لاتفيا واستونيا في الغرب ، وصولاً الى مدينة لينينغراد ، على بحر البلطيق ، شمال غرب روسيا.

اي ان كل ماذكر اعلاه يؤكد ان الهدف ، مما يجري في منطقة كاراباخ ، هو تحويل القوقاز الى منطقة عدم استقرار دائم ، مما يستنزف طاقات روسيا المالية والعسكرية ، في ما لو نجحت قوى العدوان ، في التمكن من اقامة وتثبيت بنى تحتية قادرة ، لداعش وغيرها من المسميات الارهابية ، في اذربيجان بدايةً ليتوسع هذا الوجود الى مناطق اخرى في الخاصرة الجنوبية لروسيا .

ولكن ما فشل في تحقيقه الزعيم النازي الالماني عام ١٩٤٢ لن ينجح في تحقيقه احفاده الاطلسيين واتباعهم ، من صهاينة واعراب ، لا من خلال هذا العدوان الممنهج ولا من خلال التآمر المساند لهذا العدوان ، الذي تمثل في مسرحية " تسميم " " المعارض " الروسي نافالين ، التي تتواصل فصولها حالياً ، كما تتواصل مؤمرات نفس غرف العمليات السوداء ، في اعداد مؤامرة " تسميم " جديده في سوريا ، ليس ضد معارض سوري بل ضد الشعب السوري في محافظة ادلب بهدف اتهام الجيش الروسي والجيش العربي السوري بتنفيذ الجريمة التي يخططون لها .

ثالثاً : الصين .

وفي اطار ما تقدم ، من معلومات ، مقترنةً بقراءةٍ موضوعيةٍ لهذه المعلومات ، لا بد لنا ان نؤكد على ان جزءاً أساسياً من الجهود التخريبيه ، التي يجري تنفيذها في جنوب القوقاز ، عبر اشعال فتيل الحرب في منطقة كاراباخ ، موجه ضد جمهورية الصين الشعبية بشكل مباشر ايضاً ، وذلك للاسباب التالية :

١)عجز الولايات المتحده ودول حلف شمال الاطلسي معاً ، ليس فقط عن مواجهة الصين عسكريًا فحسب ، وانما عجز واشنطن وحلفائها في الاتحاد الاوروبي حتى عن منافسة الصين اقتصاديا ، الامر الذي سيؤدي بالضرورة وبصورة مجردة تماماً الى تربع الصين على عرش العالم خلال سنوات قليلة . وهو ما يعني انهاء الهيمنة الاستعمارية الاميركية الاوروبية في العالم اجمع والى غير رجعة .

وبالنظر الى ان مشروع طريق الحرير الصيني هو احد اهم ركائز سياسة الصين الدولية ، على الصعيد الاقتصادي وبالتالي السياسي والعسكري مستقبلاً ، وهي السياسة المبنية على المنافسة الاقتصادية الشريفة والابتعاد عن سياسات العدوان واشعال الحروب ، تلافياً لنشأة اوضاع غير مستقره لا تساعد على تنمية التعاون الاقتصادي بين الدول ، فان الولايات المتحدة قد لجأت الى اشعال فتيل الحروب المتدحرجة في منطقة القوقاز ، التي شكلت عقدة اساسية واستراتيجية هامة على الصعيد التجاري والسياسي والعسكري وحتى الديني ، في حقبة طريق الحرير الصينية القديمة ، التي كانت قائمة منذ سنة ١١٥ قبل الميلاد وحتى بداية القرن الثالث عشر الميلادي ، والتي كانت تتم عبرها التبادلات التجارية بين الصين وجنوب اوروبا على وجه الخصوص ، مارةً بمنطقة القوقاز الشمالي والجنوبي . وهي المناطق التي تحاول واشنطن وادواتها السيطرة عليها حاليا لعرقلة تنفيذ مشاريع البنى التحتية الضرورية للحركة التجارية ، التي هي قيد التبلور على قاعدة مشروع طريق واحد وحزام واحد الصيني العملاق.

وهذا يعني ان الولايات المتحدة ، ومن خلال ادواتها الاقليميه ، الصهيونية والعثمانية والرجعية العربية تسعى الى السيطرة على كامل منطقة القوقاز الاستراتيجية ، وليس فقط الحاق اقليم ناغورنو كاراباخ بأذربيجان كما يدعي اردوغان .

من هنا فان من الضروري فهم طبيعة هذا المخطط العدواني على حقيقته ، اي على انه حلقة مكملة لتطويق الصين الشعبية استراتيجياً . فبالاضافة الى التحرشات والاستفزازات المتواصلة ،التي تقوم بها الاساطيل البحرية الاميركية والاوروبية ، كالقوة المسماة " قوة حماية التجارة الدولية " وغيرها ، في بحر الصين الجنوبي ، وبحار الصين الاخرى ، وشرق المحيط الهندي وغرب المحيط الهادئ ( الممتدة من جزيرة غوام حتى بحر الفلبين وجزيرة تايوان الصينيه المنشقة ) ، بالاضافة الى هذه التحرشات ومثيلاتها الجوية ، المنطلقة من القواعد الاميركية في اليابان وكوريا الجنوبية وقواعد المحيط الهندي ، نجد ان الخبراء الاستراتيجيين الاميركيين ، وفي ظل عجزهم عن المواجهة العسكرية المباشرة ، في جنوب شرق آسيا ، يلجأون الى خلق المصاعب الاستراتيجية للصين ، على صعيد التجارة الاستراتيجية ، املاً منهم في اضعافها اقتصادياً ، وبالتالي عسكرياً ، كي يتمكنوا من تحقيق اهدافهم ، في تكريس الهيمنة الاميركية على العالم من جديد .

لكن ما يغيب عن بال هؤلاء المخططون هو حقيقة ان المصالح المشتركة ، بين الصين الشعبية وروسيا وايران ، وعلاقات التنسيق الوثيق ، التي تربط الدول الثلاث ، على مختلف الاصعدة ، كفيلةً بافشال كل هذه الاوهام ، وان اتباع واشنطن في انقرة وتل ابيب واعراب النفط لن يكونوا قادرين على تغيير موازين القوى الاستراتيجية ، لا على صعيد منطقة القوقاز وآسيا الوسطى ، ولا على صعيد موازين القوى في جنوب شرق آسيا وغرب المحيط الهادئ . وهي بالتالي مشاريع محكومة بالفشل ، كسابقاتها من المشاريع الاميركية ، التي انطلقت من احتلال افغانستان ، ثم العراق ومن بعدها محاولة ضرب حزب الله في لبنان سنة ٢٠٠٦ ، تعزيزاً لاحتلال العراق وتمهيدا للسيطرة على "الشرق الاوسط" بأكمله ، وصولاً الى الفتن والحروب التي اشعلتها الولايات المتحدة في الدول العربية ، تحت مسمى الربيع العربي ، منذ عام ٢٠١١ ، وانتهاءً بالعدوان الاميركي الاسرائيلي السعودي على اليمن، الذي فشل تماماً في تحقيق اي من اهدافه .

٢)التمهيد لتوسيع دائرة الحروب والفتن الطائفية والعرقية، في عموم منطقة آسيا الوسطى، وليس فقط في منطقة شمال وجنوب القوقاز، وذلك عبر تكليف مخلب الناتو، تركيا اردوغان، وتحت اشراف غرفة العمليات الاميركية التركية الاسرائيلية المشتركة ، وبتمويل سعودي ، بنقل الالاف من مسلحي داعش ، الموجودون في سورية حالياً ، والذين تم نشرهم على محاور : فضولي وجبرائيل ، جنوب منطقة ناغورنو كاراباخ ، على الحدود الايرانيه الاذرية ، لاستخدامهم ضمن الاهداف المذكورة اعلاه ، الى جانب انشاء معسكرات تدريب مخصصة لاعادة تدريب هذه العناصر ، وتسريبها الى دول وسط آسيا السوفييتية السابقة ، وصولاً الى الصين ، ظناً منهم ان بمقدورهم تغيير موازين القوى الاستراتيجية ، او خلق مناطق عدم استقرار دائمة ، على حدود الصين الغربية وحدود روسيا الجنوبية والجنوبية الغربية وحدود ايران الشماليه الغربية .

بائسون هؤلاء الاطلسيون من واشنطن حتى انقرة...

لم يقرأوا التاريخ جيداً ولا استوعبوا بعد السنن الكونية الحاكمة في كل تحولات الدنيا...

وما يمكرون الا بانفسهم ولا يشعرون

ساريكم آياتي فلا تستعجلون

بعدنا طيبين قولوا الله