الجزء المخفي من مقالة حسين شريعتمداري حول المرجع الكبير السيد السيستاني
د.محمد العبادي
الكاتب حسين شريعتمداري هو المدير المسؤول عن صحيفة ( كيهان ) الايرانية ، ويعتبر من النخب الثقافية في ايران وله مقالات وبحوث ودراسات ولقاءات كثيرة وهي منتشرة على سطح الانترنيت لمن أراد الاطلاع على شخصيته ومواقفه .
ورد في صحيفة (كيهان) في عددها ٢٢٥٧٢ بتاريخ ٢٦/ ايلول / ٢٠٢٠م ، مقالا للكاتب شريعتمداري يحمل عنوان ( نابعة من المحبة ) ، أو على ترجمة أخرى (نابعة من الإخلاص والإرادة لكم ).
وكان هذا المقال قد تناول البيان الصادر من مكتب سماحة السيد السيستاني والذي صدر بعد لقائه بممثلة الأمم المتحدة جينين هينيس بلاسخارت بتاريخ ١٣/ ايلول / ٢٠٢٠م .
المقال الصادر في الصحيفة المذكورة اعلاه ؛ قد تم تقطيعه بشكل فني ودقيق من أكثر من جهة اعلامية وموقع الكتروني ، لاسيما ان تلك الجهات والمواقع كانت ولازالت تتصيد في الماء العكر ،ونذكر منها :( راديو بيام اسرائيل، وراديو فردا [المعادي ] ، BBC News ، وموقع العربية [ الفارسي ] ، ومواقع ايرانية مثل موقع روزنامه دنياي اقتصاد ، آفتو خبر ...) وغيرها .
واصطفت مع هذه المواقع والجهات بعض المواقع والكروبات في العراق مع العلم ان كثيراً منهم لا علاقة له بمرجعية النجف واحترامها ، ومرجعيته اميركا ودول الانبطاح والتطبيع العربي !.
ان بعض هذه المواقع حاولت ان تضفي على المقال الذي صدر عن الكاتب صفة رسمية وقالت ان الكاتب هو [ مستشار السيد خامنئي ، وقالت أخرى أنه من المقربين من السيد خامنئي، وقال قائل منهم أنه ممثل خامنئي و..و..الخ ] !!!.
أنهم يريدون أن يسيئوا للعلاقة التاريخية المتجذرة بين العراق وإيران.
نعرف جميعا ان المرجعية لها مكانتها وقداستها ، وقد أثبتت دائما أنها مع مصالح العراق ،بل مع مصالح جميع المسلمين .
شيء رائع ان يدافع الناس عن المرجعية الدينية متمثلة بالمرجع الكبير سماحة السيد السيستاني ، والرائع أكثر ان يلتزم اولئك المدافعون والمنتقدون بتوجيهات المرجعية السديدة عند كل موطئ وموطن، لاسيما ونحن نعيش في عصر الاختلافات والملاحم والفتن .
عود على بدء فإن كلام الكاتب شريعتمداري قد حرف عن مواضعه ؛فالرجل من المحبين والمؤيدين لمرجعية السيد السيستاني ( دام ظله) ،وملتفت إلى مقام المرجعية واعلميتها حيث قال ( لم يكن من اللياقة ان يصدر التحذير من قبلي إلى فقيه فطحل نحرير ، وعالم رفيع الشأن) . كما أنه تشبث بأهداب الاعتذار ان تقدم بالبلاغ في حضرة سماحة السيد السيستاني حيث قال الكاتب ( استميحه عذرا ان اتقدم بحضرته بهذا الطلب ).
لقد كتب شريعتمداري انه ليس في مقام الانتقاد ،بل في مقام الإخبار ومثله كمثل الهدهد الذي جاء ذكره في سورة النمل على الرغم من ان علمه محدود ولايقاس إلى علم ومكانة سليمان، لكنه قال ( احطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين ) .
الكاتب حسين شريعتمداري ليس في مقام الانتقاد والاعتراض ( قال اخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا ) ، بل في مقام العرض والإخبار ( وجئتك من سبأ بنبأ يقين ) .
يبدو لي أن الكاتب المحترم لم يلتفت إلى تلك الكلمة المهمة في البيان الذي صدر عن مكتب سماحة السيد وهي ان تتم الانتخابات [ باشراف عراقي جدي ، وايضا برقابة العراق الجدية ويتم ذلك بالتنسيق مع الدائرة المختصة التابعة للبعثة الاممية].
ان نص العبارة التي وردت في بيان مكتب السيد السيستاني تنسف النتيجة الخاطئة التي استوحاها وبناها الكاتب من مقدمات غير صحيحة ،حيث ورد في البيان بخصوص اجراء الانتخابات ما يلي: ( ويتم الإشراف والرقابة عليها بصورة جادة بالتنسيق مع الدائرة المختصة بذلك في بعثة الأمم المتحدة ) .
ان عبارة البيان واضحة المعنى واشتبه الكاتب في إلقاء تبعة ما ورد في البيان على مكتب السيد السيستاني وليس على السيد السيستاني حيث أظهر الكاتب اعتقاده بحنكة وحكمة المرجع السيستاني ( ان مايشفع لي من معرفة إجمالية ويقيني بحنكة سماحة اية الله العظمى السيستاني الممزوجة بالحكمة تجعلني أؤمن بوقوع الخطأ عن لقاء سماحته بالمبعوثة الأممية وأن مكتبه قد افتقد للدقة في نقل وصياغة البيان ).
ان الكاتب المحترم قد وقع في الاشتباه وعدم الدقة في قراءة بيان المكتب ، لكنه كان قد استدرك بأدب على جرأته وأن توضع تلك الجرأة في خانة المحبة والولاء والاحترام وليس في خانة الكره والاستعلاء حيث قال ( اكرر رجائي ان يصنفوا جرأة الكاتب في خانة الولاء والاحترام الذي اكنه لسماحته ) .
واخيرا اشير الى ان الكتابة والقول والعمل هو مسؤولية في عرصة الحياة ، وهناك من يتربص بكل كلمة ويتعلق باذيالها ليصنع العداوة بين المسلمين جميعا ، وعليه اظن ان الانسان عليه ان يعقل الأنباء والأخبار عقل دراية ويتثبت من حقيقتها، لان الإعلام المشبوه قد ركب كل رذيلة في سبيل ان يصل إلى أهدافه في إيجاد الخلاف بين أبناء البلد الواحد ، بل بين البلدين الشقيقين العراق وإيران.