الاتفاقية الايرانية - السورية وقوة الردع الجديدة
إيهاب شوقي
عندما توجد المقاومة فهذا يعني وجود الارادة تلقائيًا، لأنها شرطٌ للمقاومة، وبالتالي فإن محور المقاومة يتمتع بالجهوزية الكاملة واللياقة التامة لخوض هذه الحرب الممتدة. وفي أحدث معارك هذه الحرب، جاءت الاتفاقية الشاملة التي وقّعها وزير الدفاع السوري علي أيوب ورئيس أركان الجيش الايراني محمد باقري للتعاون العسكري فيما بينهما.
وما تم اعلانه هو أن الاتفاقية تنص على تعزيز التعاون العسكري والأمني في مجالات عمل القوات المسلّحة ومواصلة التنسيق، وكما جاء على لسان رئيس أركان الجيش الإيراني اللواء باقري فإن "الاتفاقية الموقعة تعزز إرادتنا وتصميمنا على التعاون المشترك في مواجهة الضغوط الأميركية، مؤكّداً أن بلاده ستقوم بتقوية أنظمة الدفاع الجوية السورية في إطار توطيد العلاقات العسكرية بين البلدين.
ورغم أنها ليست الاتفاقية الأولى بين البلدين، الا أن عنوانها الأبرز المتعلق بالدفاع الجوي وسياقه الاستراتيجي يوصل رسائل هامة ينبغي إبرازها، ومنها ما يلي:
1- مجرد عقد الاتفاقية هو رسالة إلى أميركا تحمل عنوان التحدي وخاصة لقانون قيصر، والذي يتضمن في أحد بنوده مغادرة إيران وما تسميه أميركا (ميليشياتها) سوريا، وهي خطوة في سياق منظومة كبيرة من التحدي تشمل فنزويلا ومسار الحصار المفروض عليها، كما تشمل اعلان الجهوزية لتوريد ما يحتاجه لبنان وانتظار ضوء من الدولة اللبنانية للوفاء بذلك.
2- الأهم والأخطر، هو أن مضمون الاتفاقية الشاملة يحمل تغييرًا لقواعد الاشتباك الراهنة، والتي بموجبها يقوم العدو بانتهاك الأجواء والاعتداء على أهداف داخل الأراضي السورية دون رادع كاف، وهو ما يعني أن الاتفاقية ستوفر الردع اللازم، وخاصة اذا ما تم تفعيل منظومتي الدفاع الجوي الإيرانيتين باور373 و خرداد3، وهو ما بشر به خبراء لهم ثقل وموثوقية مثل السيد أمير الموسوي.
3- مواجهة الحرب النفسية والاعلامية التي تشن على محور المقاومة والتي تحاول الايحاء بوجود خلافات بين دوله تارة، أو تسليط الضوء على "أزمات" مزعومة ومختلقة داخل المحور.
وقد جاءت الاتفاقية الشاملة لتحمل معها امكانية أن يحل نظام الدفاع الجوي الايراني محل النظام الروسي في استهداف طائرات العدو وردع انتهاكاته لرفع الحرج عن الروس واحترام توازناتهم الدولية، وهو جرس انذار ورسالة للعدو يجب أن يتلقاها بكل جدية قبل أن يفكر في مواصلة انتهاكاته.
وتأتي قواعد الاشتباك الجديدة في سوريا هنا كواحدة من حلقات الردع الجديدة، ومنها:
أولًا: ما قاله الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، من أن المقاومة لن تسمح بالجوع، وهنا فرض قاعدة جديدة تتعلق بأن استمرار الحصار واستمرار السياسات القذرة لتعطيل الحلول في لبنان هو عدوان واشتباك يفرض ردًّا يردعه.
ثانيًا: المبادرة، حيث لم يعد محور المقاومة مكتفيًا بالرد، بل أصبح صاحب مبادرة، فإيران تكسر الحصار وتبادر بارسال المساعدات وتتوعد من يستهدف ذلك، وحزب الله يقدم مبادرات جديدة تتعلق بانقاذ الأوضاع.
هذه رسائل متعددة يقينًا وصلت لكبار العتاة والمستكبرين، وربما مصدر التصعيد الوحيد لدى من فهموا الرسائل هو عدم تصورهم وتقبلهم للوضع الجديد ورعبهم من تطوره، فيقدمون على خطوات رعناء، سيكون محور المقاومة جاهزًا لمواجهتها.