ثورة يناير لن تخمد
مهدي منصوري
التظاهرات الشعبية التي انطلقت وبصورة مفاجئة والتي ضمت الالاف من المصريين في وسط القاهرة وفي مختلف المحافظات المصرية والتي رفعت شعارا واحداً المطالبة برحيل السيسي، وقد اطلق شرارة هذه التظاهرات الدعوة التي اطلقها رجل الاعمال المصري محمد علي الذي عمل مقاولا مع الجيش المصري سنوات عدة، قبل ان يبدأ مؤخرا في بث فيديوهات تكشف فساد الرئيس السيسي وزوجته وعدد من قادة الجيش، وقد جوبهت هذه التظاهرات خاصة في ميدان التحرير وسط القاهرة منطلق ثورة يناير باطلاق قنابل الغاز من قبل القوات المتواجدة لتفريقهم مع اغلاق الطرق المؤدية الى الميدان وقيام الامن المصري بالاعتقالات العشوائية بحيث اعاد الى الذاكرة حقبة مبارك المعزول.
والملفت في الامر والذي اثار استغراب مختلف الاوساط الاعلامية والسياسية ان التظاهرات لم تقتصر على القاهرة فحسب بل شملت جميع المحافظات الكبيرة والتي رفعت اصواتها بالهتاف "قول ما تخافشي الخاين لابد يمشي"، "وارحل، ارحل" وهي نفس الهتافات والشعارات التي حملتها ثورة الشعب المصري في يناير كانون الثاني 2011 التي اطاحت بالصنم حسني مبارك بعد ثلاثة عقود في السلطة.
والملاحظ ايضا والذي لابد من الاشارة اليه ان السيسي وحزب مبارك كانوا يعتقدون ان ثورة يناير قد خمدت وانهم تمكنوا من سرقتها او احتوائها الا ان الذي حدث بالامس عكس تصورا جديدا كان غائبا عن اذهان هؤلاء العملاء الذين يريدون ان يبقى الشعب المصري يعيش حالة من الذل والهوان وان يكون اسيرا للمساعدات الخارجية التي طوقته وبصورة زرعت فيه الفقر والعوز بالتساوي بينهم.
ان ثورة يوليو التي خرجت من رحم هذا الشعب والتي كانت فريدة في وقتها بحيث اسقطت حقبة من الدكتاتورية العسكرية التي خنقت الاصوات والانفاس وقد اظهرت شعارات الثورة آنذاك الانعكاس الكبير لارادة الشعب المصري الحر والشجاع والذي كانت مطالبه بالاضافة الى اسقاط النظام غلق السفارة الصهيونية والاميركية وغيرها واخراج مصر من التبعية الاستكبارية والاستعمارية، لذلك وبفبركة الانتخابات تمكن الاعداء من سرقة هذه الثورة وابعاد قادتها عن الميدان ليسيطروا من جديد على مقاليد الامور، الا ان الشرارة الشعبية المصرية التي انطلقت بالامس عكست ان ابناء الثورة لازالوا متواجدين في الميدان وانهم قادرون على تغيير الاوضاع الى صالحهم ومن جديد، وان النار التي كانت تحت الرماد اخذت تنتقد وتشتعل من جديد خاصة وان السيسي اليوم يعيش حالة من الضعف بسبب سياساته التعسفية وحالة الطوارئ وغيرها من الممارسات الاجرامية التي جعلت من مصر سجنا كبيرا.
واخيرا والذي لابد من الاشارة اليه ان على السيسي ان لا يخطو بخطوات مبارك الاجرامية التي ذهبت به الى مزبلة التاريخ، وان يتعامل مع الشعب المصري الثائر بصورة عقلانية وان ينزل من عليائه خاضعا لمطالب هذا الشعب، والا فان تجربة مبارك ليست بعيدة عنه وان هذا الشعب سيسقطه من عرشه لانه لايمكن ان يخمد صوته الهادر بعد اليوم.