ايران تنتصر في حرب الناقلات
عندما قامت بريطانيا في الرابع من شهر تموز الماضي بعملية قرصنة مكشوفة للناقلة الايرانية "غريس 1" في منطقة جبل طارق، لم يدر في ذهنها ان تتلقى صفقة ايرانية مزدوجة ومن العيار الثقيل الاولى ان تقوم ايران الند بالند بتوقيف ناقلة بريطانية انتهكت قوانين الملاحة في مضيق هرمز رغم انها كانت برفقة اربع قطع بحرية اميركية واخرى بريطانيا والثانية ان بريطانيا وقفت عاجزة عن العمل لاطلاق سراحهها.
ومضت الايام وبريطانيا تمتص الصدمة ولم تعرف ما تفعله رغم انها ضربت في صميم ابهتها العظمى وايفادها للوسطاء الى طهران للافراج عن ناقلتها لكن طهران ثبتت على موقفها المبدئي ومن منطق الاقتدار والارادة التي لا تلين رفضت الوساطات وفرضت معادلة جديدة برسم خارطة طريق لتأمين الملاحة الدولية في منطقة الخليج الفارسي، وهذا ليس امراً جديداً وقد جرى العمل به منذ عقود متوالية حيث لم تشهد هذه المنطقة أية عملية قرصنة أو خلل يؤدي الى انعدام الامن فيها.
التصريحات الحاسمة لتنكسيري قائد القوة البحرية لحرس الثورة الاسلامية لـ "الميادين" كانت الشرارة الاولى لان تقطع واشنطن ولندن آخر أمل لهما في ان تكسبا اي امتياز من معركة الناقلات مع طهران خاصة عندما اكد ان "المواكبة العسكرية لاية سفينة لن تمنع قوات حرس الثورة الاسلامية من احتجازها واذا كنا في الماضي نغض الطرف عن بعض الانتهاكات الصغيرة لهذه السفن فان ذلك لن يتكرر مستقبلا". هذه التصريحات قطعت الشك باليقين ولم يعد أمام بريطانيا الا ان تقبل بهذه الهزيمة أمام ايران لكنها تبقى الثعلب المتمرس على خبثه، حيث القت الكرة في ملعب سلطات جبل طارق في الايعاز اليها خلال الـ 48 ساعة الاخيرة بالافراج عن السفينة الايرانية وبالطبع بالتنسيق مع بولتون الذي وصل لندن قبل يومين.
فاميركا هي الاخرى خسرت اللعبة وبان عجزها أمام طهران في قضية اسقاط الطائرة المسيرة المتطورة جدا، اضافة الى الفضيحة الاخرى التي تحملتها وهي فشل مساعيها لانشاء تحالف دولي لحماية الملاحة الدولية في الخليج الفارسي وحاول ترامب ان يخرجها بهذا الاسلوب المفضوح في التبرير بان السفن الاميركية لن تتعرض الى اي حادث في مضيق هرمز لذلك ليس من الضروري ان نرسل قطعنا البحرية الى هناك وهذا يؤكد بوضوح تخلي بلاده عن أكبر وأقدم حليف لها وهي بريطانيا.
ومن المقرر ووفقا للمؤشرات والتقارير التي صدرت من اسبانيا ان الناقلة الايرانية "غريس 1" ستغادر اليوم "الخميس" جبل طارق وهذا يعد انتصاراً لايران في حرب الناقلات التي بدأتها بريطانيا بايعاز من الجانب الاميركي.
لكن نهاية هذا الاحتجاز لم تسدل الستار نهائيا على التوتر في مياه الخليج الفارسي مادامت القوات الاجنبية تتواجد فيها ومادامت اميركا تمارس حربها الارهابية الاقتصادية ضد ايران وما يضع حدا لهذا التوتر وانعدام الامن في هذه المنطقة هو احترام قواعد الاشتباكات الجديدة التي وضعتها ايران النفط مقابل النفط والامن مقابل الامن والمضائق مقابل المضائق وفي غير ذلك فان الرياح العاصفة في مياه الخليج الفارسي ستصفع الدخلاء المعتدين الذين لا يريدون الامن والاستقرار لابنائها ودولها.