الجيش العربي السوري في طريقه نحو تحرير ادلب
شارل أبي نادر
لا شك ان التطورات الميدانية الاخيرة في الشمال السوري، وتحديدا في ارياف حماه الشمالي وادلب الجنوبي والجنوبي الغربي، توحي وكأن قرار تحرير ادلب ومحيطها عسكريا قد اتخذ بشكل نهائي، وحيث تتساقط تباعا وبشكل دراماتيكي، اهم مواقع الارهابيين إستراتيجيةً في الارياف المذكورة، يبدو أن هناك تغييراً ميدانياً جذرياً ينتظر تلك الجبهة الحساسة، والتي تمثل نقطة ارتكاز اساسية لعملية تحرير ادلب ومحيطها.
في متابعة لمسار الاعمال العسكرية الاخيرة بعد ان تم تحرير بلدتي الهبيط وسكيك ، وحيث يبدو ان الضغط الان يتركز لتحرير خان شيخون، والتي وصلت وحدات الجيش العربي السوري على مسافة متساوية منها لا تتجاوز الثمانية كلم، من الهبيط غربا ومن سكيك شرقا، يمكن للجيش العربي السوري وحلفائه ، وانطلاقا من الوضع الميداني الان، تنفيذ عدة مناورات هجومية ، وقرار اعتماد احداها او اكثر، يرتكز حتما على الهدف النهائي من عملياته العسكرية الحالية.
فهل اتخذ القرار النهائي بتحرير مدينة ادلب ومحيطها حتى الحدود التركية؟ ام ان مناورته سوف تركز فقط على تحرير وفتح الطرق الرئيسة، دمشق ـ حلب واللاذقية ـ حلب، ام فتح احدى الطريقين دون الاخرى؟ أم انه سوف يكتفي حاليا بتحرير مثلث ريف حماه الشمالي ببلداته الرئيسة : مورك ، كفرزيتا ، اللطامنة ، والضغط بانتظار اعادة سريان تطبيق اتفاق سوتشي بشكل كامل واطلاق العملية السياسية؟
لناحية هدف تحرير مدينة ادلب:
لتحقيق هدف تحرير ادلب، يبقى الضغط الذي يمارسه الجيش العربي السوري حاليا باتجاه خان شيخون اساسيا كمحور هجوم جنوب شرق، وامتدادا الى معرة النعمان فمدينة اريحا على التخوم الجنوبية لمدينة ادلب، ولكن يبقى لتعزيز هذه المناورة الهجومية اعتماد محور هجوم اساسي آخر، وهو انطلاقا من ابو الضهور باتجاه سراقب والضغط على مدينة ادلب من الشرق، وهذا المحور ضروري للسيطرة على تقاطع الطرق الرئيسة في سراقب.
لناحية تحرير وفتح طريق حلب دمشق:
ايضا يبقى محور ابو الضهور ـ سراقب ضروريا لتحقيق هذا الهدف، حيث تعتبر وصلة خان شيخون معرة النعمان سراقب اساسية من الطريق الدولي المذكور، وتحريرها ينقل المواجهة غربا اكثر من عشرين كلم باتجاه مدينة ادلب، مما يزيد الضغط على الاخيرة بشكل واسع تحضيرا لاي عملية هجومية لاحقة.
لناحية فتح وتحرير طريق حلب اللاذقية:
ايضا يبقى تحرير سراقب نقطة ارتكاز اساسية تؤسس لتحرير وفتح طريق حلب ـ اللاذقية، والتي انطلاقا منها (سراقب) يتم التوسع غربا نحو اريحا فجسر الشغور وامتدادا نحو اللاذقية، وحيث تُعتبر العمليات العسكرية غرب سراقب من أصعب العمليات، كونها تشكل خط الدفاع الاساسي عن مدينة ادلب بالنسبة للارهابيين وخاصة جبهة تحرير الشام، يحتاج فتح هذا المحور الى دعم اساسي من ريف اللاذقية الشمالي الغربي باتجاه جسر الشغور، والى محور اخر يضغط عبر سهل الغاب، انطلاقا من الزيارة وتل واسط شمالا نحو الفريكة ـ محنبل على الطريق الدولي المذكور.
لناحية تحرير مثلث (مورك ـ كفرزيتا ـ اللطامنة):
يبقى هذا الهدف هو الاقرب ميدانيا من الاهداف الاخرى والذي هو في نفس الوقت لا يُخرّب اتفاق سوتشي او لا ينهيه بشكل كامل الى حد ما، فتحرير هذا المثلث المتبقي من ريف حماه الشمالي، سوف يضع تركيا والارهابيين في موقف صعب وضاغط نحو تنفيذ بنود الاتفاق المذكور، وسوف يوسع هامش الحماية اكثر لوحدات الجيش العربي السوري ولمدن حماه التي طالما تعرضت لهجمات ارهابية عنيفة ، كما وانه سوف يُبعد نقاط اطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة عن قاعدة حميميم الجوية.
لتحقيق هذا الهدف انطلاقا من الوضعية الميدانية والعسكرية الحالية لوحدات الجيش العربي السوري، من الضروري متابعة الضغط على خان شيخون من المحور الشرقي (سكيك) ومن المحور الغربي (الهبيط)، وذلك من دون الدخول الى خان شيخون واحكام السيطرة النهائية عليها قبل توسيع الضغط من الجنوب والشرق والغرب على بلدات المثلث المذكور: اللطامنة وكفرزيتا ومورك، والهدف من هذه المناورة ترك محور انسحاب للارهابيين باتجاه الشمال، دون محاصرتهم واجبارهم على خوض معارك انتحارية، سوف تكون مُكلِفة نظرا للعدد الكبير بينهم من الانغماسيين والانتحاريين المعروفين (الايغور والقوقازيين والشيشان وغيرهم من ارهابيي القاعدة الاجانب).
في النهاية، يبقى ما حققه حتى الان الجيش العربي السوري في ريف حماه الشمالي من تقدم، اساسيا في معركة تحرير ادلب ومحيطها بالكامل، وذلك مهما كانت أهدافه المرحلية المرتقبة، وكل استعادة سيطرة وتحرير لاي بلدة او موقع او تل، يضاف الى مسيرة تحرير كامل الجغرافيا السورية الاكيدة والثابتة والتي سوف تتحقق حتما باذن الله.