لماذا فرضوا الحظر على ظريف؟!
حسين شريعتمداري
ما زالت تداعيات قضية فرض العقوبات على وزير الخارجية "ظريف" متواصلة بشكل متلاحق بعد نشر الخبر مشفوعة بتصريحات داخلية وخارجية، اذ تم وصف اجراء ترامب بغير المدروس، والتصرف الاحمق، والبعيدة عن العرف الدبلوماسي و... مما تسجل علامة جيدة. ولكن للعملة وجه آخر لا ينبغي التغافل عنه. فالوجه الآخر للعملة مشحون بالعبر والدروس، اذ ان فرض الحظر على ظريف يعكس مدى اللبس الذي وقعت الحكومة المحترمة فيه لست سنوات في الوثوق باميركا وربط جميع الامور ـ حتى شرب الشعب للماء ـ بالمفاوضات النووية، بالرغم من نصح وتحذير اصحاب الرأي، مما كلف هذا الخطأ الكبير الكثير من امكانات البلد! وبعبارة اخرى فان الحظر على السيد ظريف بمثابة علامة واضحة تشطب على مواقف الحكومة لست سنوات.
فلو القينا نظرة خاطفة على السنوات الست الماضية فما الذي سنشهده؟! من مكاسب وفيرة اعطيناها! قبال حفنة من الوعود المستقبلية! فالحكومة التي قدمت هذه المكاسب ا لعاجلة وفيما تحصل على جملة وعود بالآجل، ينبغي ان لا تواجه بمعارضة اميركية، لتصل الامور الى فرض عقوبات على وزير الخارجية وهو كبير المفاوضين!
من هنا لابد ان نلتفت ان ترامب لطالما أعلن برغبته في التفاوض مع ايران معلنا ان واحدة من اسباب خروجه من الاتفاق النووي هي دعوته للتفاوض من جديد حتى التمس وسطاء عدة صغارا وكبارا، وبذلك لم يكن من المفترض ان تفرض على ظريف هذه العقوبات!
فلماذا يا ترى هذه العقوبات على ظريف؟! وبخصوص اجراء ترامب هنالك وفرة من الاحتمالات الا انه من بينها نشير لثلاثة أقرب للواقع من الاخريات، وهن؛
1 ـ بعد ان شدد سماحة قائد الثورة على ان التفاوض مع اميركا بمثابة "سم" معلنا عدم السماح بذلك بقوة، فان هذا الباب قد اغلق للابد. من هنا لما تنتفى فرضية التفاوض، فلماذا لا تسبق اميركا الاحداث بفرض حظر على ظريف حفظاً لماء وجهها وصيانة لمكانتها السياسية؟! فاهمية ظريف بالنسبة لاميركا هو حضوره في المفاوضات، ولذا حين تسلب فرضية التفاوض فمن البديهي، ومع الاعتذار، ان تنعدم ضرورة حفظ مكانته بالنسبة لاميركا!
2 ـ ولا يستبعد ان يكون الدافع لفرض حظر على ظريف هو حض الحكومة للتسارع في التفاوض مع اوروبا! ولما كانت الترويكا الاوروبية قد اعلنت مرارا وبصريح العبارة، انها لا تختلف عن اميركا في التعامل مع ايران من الناحية الستراتيجية، فان كانت العقوبات على ظريف بهذا الهدف المشار اليه لاحقا فان خارطة طريق الحكومة في التعامل مع اوروبا يساوي السقوط في بئر عميق قد حفرته اميركا بالتواصي مع اوروبا!
3 ـ كما و نقرب احتمالا آخر وهو، بالنظر لدور الحكومة في فرض الاتفاق الكارثي (خطة العمل المشترك) ـ بالطبع بشكل لا ارادي ـ على الشعب والنظام، سعت اميركا بفرض الحظر على السيد ظريف وهو كبير المفاوضين الايرانيين، وهي تقصد من طرف خفي وبالاستفادة من حيلة "التظاهر بالمعارضة" بان الاتفاق النووي لايصب في صالحها وانما يصب لصالح ايران، وبذلك تدفع الحكومة الاستمرار في مسيرها السابق، لتفرض على ايران الاسلامية خطة العمل 2، و3 و... في اطار معاهدة بالرمو، وFATF وCFT و...!
إن المقاربة الواضحة هي فشل المسار الذي اعتمدته الحكومة لست سنوات خلت بالوثوق باميركا واوروبا، وتعليق الامور الاساس للبلاد على شماعة المفاوضات وخطة العمل المشترك، مما يستدعي ان تغير الحكومة السكة التي خطتها نحو الخارج وادارة البوصلة نحو الداخل.