kayhan.ir

رمز الخبر: 91690
تأريخ النشر : 2019March10 - 20:19

صمت ماكرون امام احتجاجات الجزائر.. يخفي القلق وليس الرضا !


برغم الصمت الذي يخيم على قصر الإليزيه وسط هدير المظاهرات الجزائرية التي دخلت أسبوعها الثالث معلنة رفضها القوى للعهدة الخامسة لبوتفليقة، فإن تسريبات أكدت أن الرئيس إيمانويل ماكرون وفريقه الحاكم منشغلون جدا بالملف الجزائري، حيث وُصف انهيار النظام في الجزائر بأنه "الكابوس الذي يقض مضجع ماكرون”.

والحذر في تصريحات المسؤولين الفرنسيين واضح للغاية، وأقصى ما وصلت إليها مثل وزير الخارجية جان إيف لودريان، هو القول إن ما يقع في الجزائر شأن داخلي وإن فرنسا لا تتدخل في شؤون الآخرين.

وهذا الحذر الفرنسي الرسمي راجع الى مفاجأة تصاعد هدير الملايين الغاضبة في شوارع العاصمة والمدن الأخرى، كان آخرها يوم بالجمعة الثالثة على التوالي تحت شعار "جمعة الكرامة” وبدت المظاهرات أكبر من مثيلاتها الجمعتين السابقتين برغم إيقاف السلطات وسائل النقل العامة لمنع المتظاهرين من الاحتشاد معا، ولم ينس المواطنون ان يرفعوا شعارات مناهضة لفرنسا التي دام استعمارها لبلدهم 132 عاما حيث يتهمون الطبقة الحاكمة بكونها تابعة لباريس.

ورغم سيادة السلمية والتحضر فى سلوك المتظاهرين، إلا ان الشرطة اعلنت في بيان لها عن اعتقال 195 شخصا وسط العاصمة ، وصفتهم "بالمنحرفين الذين كانوا يريدون القيام بأعمال تخريب”. وأضاف بيانها أن 112 من أفراد الأمن أصيبوا بجروح خلال المظاهرات.

وفي اطار القلق الفرنسي المسكوت عنه، نقلت لونوفيل صحيفة أوبسرفاتور عن مسؤول فرنسي كبير تأكيده أن اضطراب الأوضاع الأمنية بالجزائر ودخولها دوامة عدم استقرار بعد وفاة بوتفليقة هو الكابوس الحقيقي الذي يقض مضجع ماكرون.

وسبق لوسائل الإعلام الفرنسية أن أكدت أن ماكرون استدعى السفير الفرنسى بالجزائر كزافي درينكورت لمناقشة ما يحدث هناك لأن التخوف كبير من أن تطور الأحداث بشكل سلبي سيؤثر بشكل مباشر على باريس ومصالحها فى الجزائر.

وبشكل عام يرجع المتابعون أسباب القلق الفرنسي الكبير من احتمال أن تنحو الاوضاع في الجزائر منحى سلبيا في ثلاث قضايا أساسية، أولها الخوف من تدفق المهاجرين الى فرنسا ، وثانيتها ارتفاع مخاطر الإرهاب ضد فرنسا وأوروبا بشكل عام، واخيرا تأثر المصالح الاقتصادية الفرنسية بشكل مباشر تدهور الاوضاع.

هجرة مضادة

وفي اطار هذه المخاوف الفرنسية ،أكدت الصحف الفرنسية – التي تخصص مساحات واسعة لتغطية الاحتجاجات الجزائرية – أن باريس ترتعد من هجرة مئات الآلاف من الشباب إلى فرنسا هربا من عدم الاستقرار في الجزائر.

وفرنسا تتذكر ما حدث مع بداية العشرية السوداء في تسعينيات القرن الماضي، حيث تدفق عليها آلاف المهاجرين من مختلف الفئات هربا من المذابح التي كان يتعرض لها الجزائريون، وسط اضطرابات أمنية وصراعات مسلحة لا تنتهي بين الجيش والأجهزة الأمنية وبين المسلحين.

وحاليا يشكل المهاجرون الجزائريون الجالية الأولى في فرنسا، بينما يصل عدد مزدوجي الجنسية إلى أكثر من مليون شخص، وقد نظموا عدة وقفات احتجاجية تضامنا مع المطالبين بعدم ترشح بوتفليقة لعهدة خامسة.

الإرهاب

ومن الناحية الامنية ، يوضح محللون أن الجزائر خط دفاع مهم ضد التنظيمات المسلحة النشطة بالصحراء الكبرى، وهي التي لها حدود مع كل من مالي والنيجر.

وبالطبع من شأن التعاون الأمني المهم بين فرنسا والجزائر ودول المنطقة أن يتأثر سلبا بدخول هذا البلد دوامة عدم الاستقرار.

مصالح اقتصادية

وفي الجانب الاقتصادي، بلغت التبادلات التجارية بين البلدين نحو خمسة مليارات يورو، وبحسب الإعلام الفرنسي تعد فرنسا المستثمر والمشغل الأجنبي الأول بالجزائر، بالاضافة الى انها تستورد 10% من الغاز الجزائري، كما أن الجزائر تضم عدة مصانع فرنسية أحدها لشركة رينو، فضلا عن أنها مستهلك كبير للقمح الفرنسي.

وتشير احصاءات نشرت عام 2018 الى وجود أكثر 500 شركة فرنسية بالجزائر توفر أكثر من أربعين ألف وظيفة مباشرة، ونحو مئة ألف وظيفة غير مباشرة، كما أن حجم صادرت فرنسا إلى الجزائر وصل إلى 6.4 مليارات يورو، بينما تبلغ نسبة الواردات التى تستوردها فرنسا من الجزائر إلى 4.4 مليارات .

ولكل هذا يتوقع انه إذا ما اضطربت أوضاع الجزائر الأمنية فلا شك أن المصالح الاقتصادية الفرنسية ستتأثر سلبا، لكن متابعين يؤكدون أن العلاقات التاريخية والإستراتيجية بين البلدين متجذرة لدرجة أن أي تغييرات قد تأتي بها الاحتجاجات الجارية لن تؤثر على علاقاتهما المشتركة، على الاقل اقتصاديا

صحيفة الشرق المصرية