الحلم الاميركي في العراق لن يتحقق!
مهدي منصوري
لايمكن للضغوط التي تمارسها حكومة ترامب ضد العراقيين لفرض واقع جديد لن تحصد منها واشنطن سوى الخيبة والخسران، لان الاوضاع اليوم في العراق والمنطقة هي غير التي كانت في عام 2003 وان اميركا اليوم ليست اميركا الامس، لانها فقدت مصداقيتها بالكامل في ظل رئاسة المتخلف عقليا ترامب والذي يعيش حالة من الارباك والقلق الكبيرين باتخاذه القرارات الفردية المرتجلة والتي لم تستند الى الواقع بشئ.
ومن نافلة القول ان اندحار الارهاب في كل من العراق وسوريا شكل صدمة كبيرة لم يعد يتحملها لا ترامب ولا الذين قدموا كل ما لديهم من امكانيات لان لا تصل الاوضاع بالارهابيين الى الحالة المزرية التي هم عليها اليوم بحيث ان داعميهم وصلت بهم الحيرة حدا لا يجدون لهم ملجأ يستطيعون ان يعيشوا فيه بامان، ولذا فلم يتبق لهم سوى ان يذهبوا للارض الرخوة وهي العراق لتكون الضحية لهذا الارهاب.
الا ان ترامب الاهوج الذي يتحرك اليوم بقوة من أجل استقرار ليس فقط الارهابيين، بل عددا من قواته في هذا البلد وبذرائع وحجج لايمكن ان تقنع ابسط فرد في الشعب العراقي، فان هذا الامر لم يواجه الرفض القاطع من العراقيين وعلى مختلف مستوياتهم، بل ان رسائل التهديد بالمواجهة كان العنوان الاول الذي يتصدر هذا الرفض لانه لايمكن وضمن اية ظروف او شروط ان يقبل به العراقيون الذين بذلوا الغالي والنفيس من اجل تحرير بلدهم من دنس الاميركان والارهابيين والتي قدموا في سبيلها تلك الدماء الطاهرة التي روت شجرة الحرية والاستقلال في هذا البلد لتأتي اليوم لتنحني او تخضع امام الضغط الاميركي وغيره، والواضح للجميع ان سبب الازمات التي تعيشها المنطقة بل العال اليوم هو بسبب السياسات الحمقاء التي يتبعها ترامب في فرض الارادات على الشعوب ورغم ان مثل هذه السياسات ومن خلال التجربة قد فقدت فاعليتها ولم تعد لها ذلك التاثير، لان الشعوب بلغت حدا من الوعي والادراك بحيث لايمكن ان تخدع بالاكاذيب التي هي العنوان الابرز لسياسة ترامب.
ولذا فان العراقيين اليوم قد ادركوا اللعبة الاميركية الصهيونية السعودية جيدا وفهموا هدفها الاجرامي الذي يريد لبلادهم ان تكون منطلقا لخلق الازمات التي ينفذها هذا المثلث المشؤوم مع دول المنطقة، فلذا اتخذوا قرارهم الاساس الا وهو ان يقطعوا الطريق على الاميركان ومن لف لفهم من العبث باستقلال وسيادة بلدهم وذلك بالمطالبة من حكومتهم العمل على اخراج القوات الاميركية المتواجدة ولاي سبب كان وبالطرق الدبلوماسية والسلمية، وانهم لايمكن ان ينخدعوا بالادعاءات الاميركية الكاذبة والمزيفة وهو ان بقاء قواتهم لحمايتهم من الارهاب الذي هو صناعتهم الرئيسة والاساسية. وبغير ذلك فان المواجهة المباشرة هي السبيل الاوحد لافشال المشروع الاميركي الصهيوني السعودي في مهده.
وبنفس الوقت فان الحلم الاميركي في عودة العراقيين الى المرجع الاولى والى ما قبل عام 2003 وذلك بدعم بعض فلول صدام او تشكيل بعض التكتلات السياسية التي تحمل هذه التوصية لايمكن ان يجد طريقه للتطبيق لان العملية السياسية الديمقراطية الجديدة والتي تمثل ارادة هذا الشعب ستبقى محمية بهذه الارادة ولايمكن لاي قدرة على تغييرها خاصة اذا كانت هذه القدرة معلنة عداءها وحقدها الدفين عليهم والتي لم تترك وسيلة لاراقة دمائهم الا واستعملتها ضدهم خلال عقد من الزمان ونيف.