kayhan.ir

رمز الخبر: 90902
تأريخ النشر : 2019February24 - 20:37

التبادل السلمي للسلطة هو المخرج


يبدو ان الصوت المدوي للشارع السوداني الذي يواصل تحركه للشهر الثالث على التوالي عبر التظاهرات والاحتجاجات في المطالبة بتنحي الرئيس عمر البشير من سدة الحكم بات مسموعا ومؤثرا في دهاليز القصر ودوائر الحكم مما دفع بالرئيس البشير ان يطلق مبادرة للحوار ويحل حكومة الوفاق الوطني استعدادا لما يبشر به لكنه في الوقت نفسه يناقض نفسه ومبادرته حين يعلن غداة ذلك اعلان حالة الطوارئ في البلاد لعام واحد ويعزل المحافظين ويعين حكاما عسكريين للولايات السودانية وهذه علامة فارقة بين ما يدعو له من جهة ويعسكر الحكومة والمحافظات من جهة اخرى وقد فهمت احزاب المعارضة رسالته جيدا حينما تحدت مبادرته فورا وكسرت حالة الطوارئ مباشرة من خلال مواصلتها التحرك في الشارع واصفة خطابه بانه مخيب للامال ويخلو من اية رؤية لحل المشاكل في السودان.

وهذا دليل على ان الخطاب والمبادرة التي اطلقها الرئيس البشير لم يمتص غضب الشارع فحسب بل زاد من لهيبه وتحركه وتمسكه في الاصرار على شعاره بتنحي الرئيس والسماح ثانية بان يشق السودان طريقه في عمليته الديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة وانهاء حكومة العسكر.

ومما زاد من غضب الشارع السوداني هو نبرة الرئيس العالية ومكابرته وهروبه الى الامام في الاعلان عن وقوفه على مسافة واحدة من الموالاة والمعارضة وكأن هذه الاحتجاجات تطال غيره ولا تعنيه لا من قريب ولا من بعيد.

لكن ما يشهده اليوم السودان من ازمة مستعصية باتت مكشوفة ومعقدة اخترقت حتى الحزب الحاكم مما اضطر ان يؤجل مؤتمره العام بسبب الخلافات والانشقاق الحاصل في الجناح المنافس للرئيس البشير وهذا يدلل على ان السودان يمر بمرحلة من اصعب المراحل المعقدة في تاريخه السياسي.

وما كان لافتا في تطور المشهد السوداني، غداة اعلان حالة الطوارئ وصول "ساريز" مدير الشؤون الافريقية في مجلس الامن القومي الاميركي كمبعوث لواشنطن الى الخرطوم وكأن بلاده هي من تقف خلف مبادرة الرئيس البشير للالتفاف على تحرك الجماهير السودانية في ازاحة البشير من الحكم بسبب تقلب مواقفه وانتقاله من محور الى محور والقاء الشباب السوداني في محارق الموت خدمة للنظام السعودي المستبد والعدواني في شنه الحرب على بلد عربي وشقيق كاليمن أملاً بتحسين اوضاع بلده الاقتصادية لكن ذلك ليس لم يحصل بل العكس قد تدهورت اوضاعه الاقتصادية يوما بعد يوم الى الاسوأ.

واليوم وبسبب هذه الاوضاع المأساوية فانه لا يوجد اي حوار بين الشارع والحكم وان اهم اقطاب المعارضة المتمثلة بحزب الامة وتجمع المهنيين وحركة العدل والمساواة واحزاب اخرى تصر على مطالبها بتنحي الرئيس البشير والتمهيد لاجراء انتخابات حرة و نزيهة تعود بالبلاد الى سابق عهدها في تبادل سلمي للسلطة يحقق الامن والاستقرار والاستقلال للبلد.