دنبوس زغيّر صالح الصريفي رُعْب القَلمْ ...
لا أحد ينكر ما للقلم من دور في بناء الحضارة الانسانية بل هو عماد هذه الحضارة ورمزها وشعارها ومرتكزها العلمي والتقني ، ولولا هذا الدور والأثر لما أقسم به الله في آية ، وبين دوره في آية اخرى في كتابه الكريم ...
"ن ۚ وَالْقَلَمِ" ،"الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ" .
ولكن مثلما للقلم دور في بناء الانسان والحضاره له دور في هدم الانسان والحضارة ايضا ، وهذا يعتمد على الكيفية والطريقة في الاستخدام . وبناء عليه يمكن ان يكون القلم ، علم أو سيف .
أمم العلم (نقصد بأمم العلم الدول والحكومات والمؤسسات التي تقود المجتمعات الانسانية نحو العلم والتطور والازدهار والعدالة والرفاه) التي تنشد الرقي والتطور والازدهار في بناء الانسان وإعمار الارض ترتكز على القلم في بنائها من خلال المراجعة الدورية المستمرة لحركتها في الحياة فتنتقد لتكمّل وتراقب لتكتشف وتحاسب لتحيا ، أما أمم الصنم (نقصد بأمم الصنم الدول والحكومات والمؤسسات التي تجعل من نفسها اصناما للمجتمعات الانسانية)التي تنشد الجهل والتسلط والاستغلال والنهب وسلب الانسان إرادته وسرقة عقله فهي تُكَسّرَ القلم الذي يحول بينها وبين وجودها وديمومتها وتسلطها ، فتحوّل القلم الى أداة للقتل والدمار ، وللتجهيل والتضليل وإشاعة الفتنة والصراع والفوضى ، وتراقب القلم لتخنقه وتعاقب القلم فتسجنه وتنتقم من القلم فتقتله ، فبعض المؤساسات والشركات الصنمية، كـعائلة روتشلد صاحبة البنك والصندوق الدوليان وعائلة روكفلر صاحبة البنك الفيدرالي الامريكي يمنعا الاعلام والصحافة والاقلام من التحقيق عنهما أو إكتشاف اسرارهما وفضح ممارساتهما وهكذا شركة كوكا كولا وشركات تصنيع الاسلحة السرية والنووية ، أو وكالة المخابرات المركزية السي آي أيه ، وغيرها من مؤسسات الهيمنة والتسلط والقتل ، تمنع كل قلم يسول له نفسه الاقتراب منها فتلاحقه وتطارده وتضطهده وتعاقبه وتحرمه من الحياة اما بالاغتيال او السجن أو المحاصرة لينتهي به الأمر متسولا في الشوارع، وهكذا بعض الدول الصنمية ، فالكيان الصهيوني دولة إسرائيل اللقيطة ، استطاعت ان تسن قانونا في اكثر من عشرين ولاية امريكية يعاقب كل من ينتقد إسرائيل ، وحتى في اوربا الديمقراطية ايضا استطاعت اسرائيل ان تسن قانونا يعاقب كل من ينفي "مسخرة الهولوكوست "، وهكذا بعض الممالك والامارات والمشيخات الصنمية ، أو الأنظمة الشمولية البوليسية، تمنع انتقادها وكشف اسرارها وفضح سلوكياتها لان ذلك تجاوز واعتداء على الذات الملكية والأميرية والسيادية ، وكذلك بعض القوانين الصنمية فاوربا الديمقراطية تعاقب من ينتقص أو يتجاوز على قانون المثلية الجنسية ، وانتهاء الى بعض المؤسسات الكهنوتية الصنمية المسيحية واليهودية والبوذية والكنفوشية والهندوسة والسيخية والاسلامية ، يُمنع انتقاد عقائدها وكشف اسرار مؤسساتها وفضح سلوكيات رجالاتها، لان ذلك تجاوز واعتداء على الذات المقدسة وكل من تسول له نفسه تناولها ينتهي به الأمر الى التشويه والتهديد والمطاردة والملاحقة وانهاء الحياة إما منبوذا مهمشا ومحاصرا وجائعا ومريضا ، أو ميتا في السجن أو الاغتيال .
وهذا هو جوهر الصراع بين أمة الصنم وأمة القلم وعلى طول التاريخ البشري يحدثنا القرأن الكريم بإعتباره أقدم وأصدق مصدر في ناحيته الانثروبولوجية بأن أمة القلم هي الأمة المستخلفة وهي الامة الوارثة وهي الامة المنتصرة وهي الامة التي تملأ الارض قسطا وعدلا بعد ان ملئت ظلما وجورا " وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ".