kayhan.ir

رمز الخبر: 89357
تأريخ النشر : 2019January25 - 19:33

ما الجديد في القمة الروسية - التركية الأخيرة حول سوريا؟


شارل ابي نادر

في الظاهر، لم تكن قمة الأمس في الكرملين بين الرئيسين الروسي والتركي مختلفة عن غيرها من عشرات القمم حتى الآن، الثنائية أوالثلاثية منها بوجود ايران. فالملف السوري كان مشتركاً في جميعها، ومعطيات حل الأزمة في سوريا حسب وجهة نظر كل طرف هي نفسها تقريباً في أغلبها، وقد يكون الطارىء فقط، والذي أعطاها دينامية جديدة فرضت التسارع في متابعتها، هو الانسحاب الأميركي المرتقب من سوريا، وما يمكن أن ينتج عنه من تداعيات، ستكون مؤثرة بدون أدنى شك على جميع الأطراف المعنية بالملف السوري.

هذا الطارىء على الملف السوري (الانسحاب الاميركي)، هو غير مؤثر بالمبدأ على نظرة كل طرف معني بالأزمة السورية، لأن مخاوف الأتراك من "الارهاب الكردي" كما يثابر الرئيس اردوغان دائما على تسميته، لم ولن تتغير، حيث طالما صوبت أنقرة على تلك المخاوف بوجود الاميركيين، وكانت دائما تعتبر أن الوجود العسكري الاميركي لم يساهم بحماية أمنها القومي أو حدودها، لا بل ساهم بتقوية تلك المجموعات بمواجهة حدودها وأمنها.

اليوم أيضاً، ترى أنقرة أنه مع هذا الانسحاب ،هي مضطرة لاتخاذ كافة الاجراءات الأمنية والعسكرية، والهدف هو تقويض نفوذ وقدرة المجموعات الكردية المسلحة، في شمال وشرق سوريا، وهي بذلك جاهزة كما يبدو لأن تعمل بطريقة غير مشروعة، تتجاوز عبرها القانون الدولي والسيادة السورية، وبمعزل عن اعتبار تحركها العسكري جنوباً هو عدوان موصوف بكامل عناصره.

لناحية الروس، ايضا لم تتغير نظرتهم في ضرورة استعادة الدولة السورية سلطتها وسيادتها كاملة على جغرافيتها، شمالا وشرقا، بوجود الأميركيين أو بوجود منظمات مسلحة كردية أو عربية، ارهابية أو معتدلة، وأيضا ترى موسكو في الانسحاب الاميركي - بلسان الرئيس بوتين شخصيا - تطوراً ايجابياً لمصلحة حل الأزمة السورية، أو بمعنى آخر، سيشكل هذا الانسحاب غياباً أو اختفاءً للكثير من المعطيات التي كانت تؤثر سلبا في حل الأزمة السورية وتؤخره.

وأيضا تبقى النظرة الروسية ثابتة، في أهمية الدور التركي لتأمين الأرضية المناسبة لحل الأزمة السورية، في الشمال وفي ادلب ومحيطها بالتحديد، أو في الشرق وعلى كامل الحدود السورية التركية، والدليل هو عشرات القمم والاتفاقات والاجتماعات الجانبية العسكرية والديبلوماسية التركية الروسية، وأيضا بمعزل عن التباطؤ التركي أحيانا أو التواطؤ أحيانا أخرى، نستنتج دائما الاعتماد الروسي على أنقرة في هذا الملف، بالالحاح أحيانا وبالانتقاد أحيانا أخرى، ودائما نحو تحميل الأتراك مسؤولية أساسية في هذا الملف، حيث كانوا مساهمين أساسيين في تأزيمه وفي تطوره السلبي، عسكرياً وأمنياً وسياسياً.

انطلاقا من الموقف التركي الذي تتمحور مطالبه حول حماية الأمن القومي والحدود وتقويض النفوذ الكردي المسلح، والمؤثر سلباً على داخل تركيا، ومن الموقف الروسي الذي يتمحور حول تأمين الأرضية المناسبة، عسكرياً وسياسياً وأمنياً وديبلوماسياً، لتمكين الدولة السورية من استعادة سيادتها وسلطتها على كامل جغرافيتها ...

بالمقابل ايضا، انطلاقا من مسؤولية انقرة في وجوب وقف دعم المجموعات المسلحة، الارهابية وغير الارهابية في سوريا ، وفي ضرورة تسهيل تنفيذ ما التزمت به في سوتشي وفي استانة ، وايضا انطلاقا من مسؤولية روسيا في المساهمة مع الدولة السورية ، لاطلاق ورشة التفاوض السياسي حول الاصلاحات الدستورية والادارية ، بطريقة تحترم سيادة الدولة وفي الوقت نفسه تحترم خصوصية وحقوق جميع المكونات...

انطلاقا من كل ذلك، جاءت الاشارة الروسية في اجتماع أمس بين الرئيسين اردوغان وبوتين، والتي أفصح عنها الأخير بطريقة واضحة، حول فكرة الاعتماد على اتفاق أضنة السوري - التركي، والذي تم توقيعه عام 1998، ليكون حلاً أو نقطة ارتكاز أساسية للحل، ذلك من خلال التزام الدولة السورية بكل ما يؤمن أمن الحدود التركية السورية، وبملاحقة ومتابعة كل ما يشكل خطراً على الأمن القومي التركي، انطلاقاً من الأراضي أو المكونات السورية (الكردية وغيرها)، مع الاعتراف بأن أي اخفاق سوري في ضبط ما يؤثر سلباً على الأمن القومي التركي انطلاقاً من الأراضي السورية، يعطي الحق لأنقرة باتخاذ جميع الاجراءات الأمنية اللازمة داخل سوريا وبحدود 5 كلم تقريبا (أحد بنود اتفاق أضنة).

فهل تكون العودة لاتفاق أضنة السوري - التركي مدخلا للحل، بحيث تنتشر الدولة السورية شرق الفرات على كامل الحدود وفي العمق وتضبط أمن الجميع، وتتسارع المفاوضات السياسية مع الاكراد ومع المجموعات الاخرى، شرقا وشمالا، فتنتفي الحجج التركية الواهية حول أمنها المهدد، وتلمس المجموعات المعارضة جدية التسوية السياسية، وتأخذ الأزمة السورية طريقها للحل الصحيح؟