kayhan.ir

رمز الخبر: 89032
تأريخ النشر : 2019January19 - 20:28

سورية المُنتَصرةً و السعوديّة وقطر .. مَشْهَدٌ غايةٌ في الغَرابة !


خالد الجيوسي

يَبدو المشهد الخليجي في التعامل مع عودة سورية إلى الحُضن العربي وجامعته، غايةً في الغَرابة، فالاشتراطات التي تفرضها بعض تلك الدول على الدولة السوريّة وقيادتها، لضمان عودتها، وجُلوسها خلف علمها الرسمي، صعبة الفهم، وحتى التَّحقيق، فماذا يعني أن تتأمّل أو تشترط العربيّة السعوديّة "ابتعاد” سورية عن إيران؟.

وماذا يعني أن تتحدّث قطر عن بقاء المُسبّبات ذاتها التي تمنع عودة فتح سفارتها في دمشق، وهل تعي كُل من السعوديّة، وقطر، أنّ سورية لم تكن معنية بتجميد عضويتها في الجامعة العربيّة يوم انطلاق الأزمة، ومُقاطعتها تمهيداً لإسقاط نظامها، فهل يكون منطقيّاً أن تسعى سورية "جاهدةً” لتنفيذ الشروط العربيّة، بعد "الانتصار” وسيطرة جيشها على أكثر من 85 بالمائة من أراضيه، فقط للعودة إلى حُضن عربي ضعيف، بات فيه تحالف مُكوّن من دولتين أو ثلاثة لا أكثر؟.

ومن المُؤسِف أن تتقاطع المُطالبات أو الأُمنيات السعوديّة، مع النصائح الإسرائيليّة لإيران، فالأُولى ترغب من الرئيس السوري ابتعاده عن "حليفته” إيران الذي ساندته في أزمته منذ 8 أعوام، والثانية أي "إسرائيل" تنصح الأخيرة (إيران) بالانسحاب من الأراضي السوريّة بصيغة التَّهديد المُبطّن، وهو ما رد عليه الإيرانيّون سريعاً بالرفض، والتأكيد على عدم سحب "المُستشارين” من الأراضي السوريّة وبقائهم.

مِن المُفيد التَّذكير، أنّ الإيرانيين دخلوا إلى الأراضي السوريّة، بطلبٍ من حُكومتها، ولن يخرجوا إلا بطلبٍ منها، أو إعلاناً نهائياً بانتهاء الحرب، واستعادة الجيش العربي السوري، كامل سيادته على أراضيه، ومن المُفيد التَّذكير أيضاً أن الرئيس السوري بشار الأسد كان قد رفض عروضاً ماليّة، وأُخرى تسهيليّة من السعوديّة وغير السعوديّة في بداية الأزمة، وابتداء فُصول المُؤامرة، فقط مُقابل تخلّيه عن الجمهوريّة الإسلاميّة، وبطبيعة الحال المُقاومة، ومحور المُمانعة، فكيف له اليوم أن يرد الجميل الإيراني، بالتخلّي عن التحالف معها، كُرمى عيون السعوديّة، وبعد انتصار سوري كان لإيران، وحزب الله الفضل فيه؟.

ثُمّ ماذا يُمكن أن تستطيع العربيّة السعوديّة تقديمه للقيادة السوريّة اليوم، فهزائم الفصائل المُعارضة والجيوش التي دعمتها، تصدّرت عناوين الصحف، وعلاقاتها مع الكيان الصهيوني الذي يعتبر سورية عدوّاً أزليّاً وتقصف طائراته عاصمتها، في أحسن الأحوال، ودمشق ليست معنيّةً بالتأكيد بذلك التقارب، أو حتى وجود وسيط سعودي للتنسيق معه.

وبل إنّ هزائم المملكة على يد حركة الحوثيين في اليمن، النسخة المُصغّرة من القوّة الإيرانيّة، لا يُعطيها الأفضليّة في تراكمات إيجابيّة لاختيارها كحليفٍ بديل، هذا عدا عن صورة بلاد الحرمين المُشوّهة، بفِعل جريمة مقتل الصحافي جمال خاشقجي على الأراضي التركيّة، وليس لها اليد العُليا في التأثير بقرارات ما تبقّى من أراضي تحت السيطرة الكُرديّة شرقاً، ومحافظة إدلب التي تخضع فصائلها المُسيطِرة عليها بشكلٍ أو بآخر لتركيا.

إنّ عودة سورية للحُضن العربي إن تمّت، وهي ستتم بالانتصار السوري النهائي بكُل الأحوال، وقد أعادت الإمارات العربيّة المتحدة فتح سفارتها في دمشق بالمُناسبة، لم ولن تعني تخليّاً سوريّاً عن إيران، وهذه النغمة التي بتنا نسمعها على وسائل الإعلام العربيّة من مُحلِّلين المُفترض أنهم "خُبراء”، عن وجوب مُساندة "سورية الأسد”، للتصدّي إلى المشروع الإيراني، وتدخّلاته في دول المنطقة العربيّة، نعتقد أنها نغمة ساذجة، بعيدة كُل البُعد عن الواقع، وتطبيقها يبدو نَسْجاً من الخيال، فإيران ذاتها وقبل عدّة أشهر فقط، وحسب هؤلاء ذاتهم كانت تتدخّل في الشأن السوري، وحوّلتها إلى مُستَعمرةٍ إيرانيّة، فكيف للسُّوري بمَنْطِقِهِم أن يَحمِي المِنطَقة مِن الإيراني؟.

الموقف القطري بالنسبة إلينا، صعب الفهم، فمن جهة تتحالف قطر مع إيران، بعد موقف الأخيرة الإيجابي والمُتضامن ضِد حصارها من قبل السعودية، الإمارات، البحرين، وفي ذات التوقيت ترفض إعادة فتح سفارتها في العاصمة دمشق، لأن ذات المُسبّبات في إغلاقها، لم تنتهِ، مع الإشارة إلى أنّ إيران والنظام السوري هُما المسؤولان عن قتل وتشريد الشعب السوري حسب الأدبيات القطريّة، وذلك قبل إعلان "هوشتهم” على الطريدة السوريّة التي "شردت” وانتصرت، فهل تنتظر قطر مثلاً سُقوط النظام، فبسقوطه تنقضي أسباب رفضها إعادة فتح سفارتها، أم أنّ في الأمر نكايةً فحسب بمُقاطِعها السعودي، الذي سيفتتح سفارته في العاصمة السوريّة نهاية الأمر، وهو يُشاهد المُستشارين الإيرانيين على مَقْرُبةٍ منه في شوارع دِمشق؟!.