نيويورك تايمز: سياسة فرض العقوبات الترامبية تسوق الاقتصاد الأمريكي إلى الهاوية
الوقت- كتبت صحيفة "نيويورك تايمز"، بأن اعتماد الرئيس "ترامب" المفرط على تداعيات العقوبات سوف يستهدف في نهاية المطاف قوة واقتصاد أمريكا وحول هذا السياق ذكر الموقع الإلكتروني الخاص بهذه الصحيفة الأمريكية في تقرير تحليلي تم نشره، أن عملية فرض عقوبات على الجانب الإيراني تواجه في وقتنا الحالي العديد من الهجمات، وتواجه حكومة "ترامب" حالياً الكثير من ردود الأفعال السياسية المختلفة بسبب قرارات الرئيس الأمريكي المتهورة.
من جهتهم أكد الدبلوماسيون الأوروبيون على أنهم سوف يواصلون العمل معاً خلال الأيام والأسابيع القادمة وذلك من أجل إيجاد نظام بنكي بديل للتعامل مع البنوك الإيرانية للتحايل على العقوبات الأمريكية ومن المرجّح أن تعارض كلُّ من الصين والهند وروسيا والعراق فرض عقوبات جديدة على الجانب الإيراني، وفي سياق متصل قال الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" قبل عدة أيام بأنه سوف يتجاهل هذه العقوبات.
إن التحديات والعقبات التي تواجهها استراتيجية الحكومة الأمريكية الجديدة تجاه إيران ما هي إلا جزء من استجابة العالم لمواجهة تكتيكات البيت الأبيض العدائية والمتسلطة، التي جلبت العار لأمريكا وقلّصت بشدة دورها وتأثيرها على مستوى الساحة الدولية، وبالنظر إلى زيادة التهديدات في كوريا الشمالية وأفغانستان وأماكن أخرى في العالم، فإنه يبدو بأن هذه التكتيكات لن تكون ناجحة.
ولفترة طويلة، كان مسؤولو الحكومة الأمريكية يطلقون تصريحاتهم معربين بأن استراتيجياتهم، ستحقق نتائج جيدة في نهاية المطاف ولكن وبعد مرور عامين على وصول "دونالد ترامب" إلى البيت الأبيض، لم تتحقق أي نتائج ملموسة على أرض الواقع وعندما ضحك زعماء العالم في الأمم المتحدة على الرئيس "ترامب" في شهر سبتمبر الماضي، لم تكن تلك الضحكة سوى علامة على إهانتهم لأساليبه المتهورة واعتماده على العقوبات والتعريفات الجمركية بدلاً من اعتماده على الاقتصاد والاستثمار والحوار وعلى الرغم من أن استخدام أمريكا لنظام العقوبات قد ازداد تدريجياً على مدى العقود الماضية، إلا أن الرئيس "ترامب" وضع هذا النهج في صميم سياساته الخارجية وهنا يمكن القول بأن الحكومة الأمريكية الحالية تستعين بأداة العقوبات للتأثير على الأحداث العالمية، ولمعاقبة الخصوم، والقضاء على التحديات التي تقف أمام الهيمنة الأمريكية.
ووفقاً لنتائج الاستبيان الذي قامت به شركة المحاماة "جيبسون دن" المتعددة الجنسيات، فلقد فرضت حكومة "ترامب" خلال العام الماضي عقوبات على تسعمئة وأربعة وأربعين من الأفراد والمنظمات، ووفقاً لـ"آدم سميث"، أحد كبار المسؤولين عن العقوبات في إدارة "أوباما"، الرئيس السابق لأمريكا، فمن المتوقع هذا العام أن يرتفع ذلك الرقم وهنا تذكر العديد من التقارير الإخبارية بأن الجزء الأكبر من العقوبات التي فرضت في الماضي كانت تعود للرئيس "باراك أوباما"، الذي تفاخر في عام 2016 بأنه فرض عقوبات على ستمئة وخمس وتسعين شخصية ومنظمة.
وأعرب "سميث" بأن العقوبات هي أفضل وسيلة لأشخاص مثل "ترامب" الذي أصبح رئيساً لأمريكا وهو لا يملك أي خبرة في المجال الحكومي ولا يملك أيضاً علاقات حقيقية مع أعضاء الكونغرس الأمريكي أو مع قادة العالم، والعقوبات سمحت له بإدارة البيت الابيض وفقاً لطريقته الخاصة ولفت إلى أن الاهتمام المفرط بالعقوبات يُظهر تناقضاً كبيراً في السياسة الخارجية لـ"ترامب" وذلك لأنه لم يعارض أيُّ من الرؤساء الأمريكيين المعاصرين العولمة بقدر ما عارضها "ترامب"، حيث إنه في 25 سبتمبر الماضي قال أمام أعضاء الأمم المتحدة: "إننا نرفض أيديولوجية العولمة".
ومن الضروري هنا أن نوضح بأن قوة العقوبات جاءت من نفس الاتفاقيات الدولية التي لا يتفق معها "ترامب" ولهذا فإننا نرى بأن أمريكا، قامت بفرض الكثير من العقوبات على العديد من الدول والأشخاص بذريعة أنهم يهددون السيادة والهيمنة الأمريكية، بطبيعة الحال، إن المشكلة الكبرى هنا، هي أن جميع تلك العقوبات نادراً ما تكون فعّالة وهذا الأمر أثبتته إيران، حيث تشير معظم التقارير إلى أن نفوذ إيران في الشرق الأوسط زاد بشكل كبير بين عامي 2012 و 2015، عندما كانت تعيش تحت وطأة أشد العقوبات قسوة على الإطلاق وبالإضافة إلى عدم جدوى العقوبات، فلقد أدى استخدام حكومة "ترامب" الانفرادي لتلك العقوبات إلى إنشاء حملة بقيادة بعض الدول الأوروبية وروسيا والصين لمراجعة أنظمتها المالية والدفع بأمريكا للخروج من قلب النظام المالي العالمي ولهذا فمن المؤكد أن يؤثر هذا الأمر سلباً على قوة أمريكا واقتصادها واقتصاد حلفائها.
في وقتنا الحالي، يواجه قرار "ترامب" بالانسحاب من الاتفاق النووي الكثير من التحديات والعقبات الخطيرة وذلك بسبب تلك التهديدات التي أطلقها "ترامب" للحلفاء الذين لم ينسحبوا من ذلك الاتفاق النووي، وهنا يقول الدبلوماسيون الأوروبيون إنهم مصممون على إنشاء قناة مستقلة عن الدولار لمواصلة تعاملاتهم المالية والتداول مع إيران وهنا تجدر الإشارة إلى أن السلطات الروسية والصينية لسنوات عديدة حاولت إقناع الدول الأوروبية بإنشاء قناة تجارية مستقلة عن الدولار الأمريكي ومستقلة عن أمريكا وبالطبع، لم تسفر تلك الجهود حتى الآن عن أي نتائج ملموسة ولكن نظراً للتطورات التي تشهدها الساحة العالمية فإنه من المؤكد أن يتغير هذا الوضع.
يشعر منتقدو حكومة الرئيس الأمريكي "ترامب" بالقلق من صحة التصريحات التي أطلقها الرئيس الإيراني والتي عبّر فيها بأن العقوبات الجديدة عزلت أمريكا بدلاً من إيران، كما أنهم قلقون من أنه في الوقت الذي سوف يتضرر فيه الاقتصاد الإيراني على المدى القصير، فإن العقوبات الجديدة ستؤدي في نهاية المطاف إلى إنشاء آلية مالية جديدة مستقلة عن أمريكا، ما قد يتسبب بأضرار جسيمة لقوة واقتصاد أمريكا.