kayhan.ir

رمز الخبر: 85373
تأريخ النشر : 2018November13 - 21:16

العقوبات الاميركية ضد ايران ستؤول الى الفشل


عادل الجبوري

يعتبر العراق من بين اكثر البلدان المعنية بالعقوبات الاميركية الاقتصادية ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية، لاسباب وعوامل مختلفة، قد يكون اهمها وابرزها، التجاور الجغرافي من خلال حدود برية تمتد لما يقارب الف وخمسمائة كيلو متر، الى جانب القواسم المشتركة والمصالح المتبادلة، سياسيا وامنيا واقتصاديا وثقافيا ودينيا.

ومن الطبيعي جدا ان يكون للعراق موقف معارض بشدة لتلك العقوبات انطلاقا من زاويتين، الاولى، تتمثل بانعكاساتها السلبية على مساحات عدة من الوضع الاقتصادي العراقي، والزاوية الاخرى، تتمثل في رفض السياسات الاحادية الجانب المخالفة للقوانين الدولية، والمحكومة بحسابات ومصالح سياسية خاصة، والتي يمكن ان تلحق الكثير من الضرر والاذى بملايين الناس.

الى جانب ذلك، فأن هناك رؤية عراقية، يتبناها عدد لايستهان به من ساسة واصحاب رأي، مفادها ان العقوبات الاميركية على طهران سوف تؤول الى الفشل، لان تجربة اربعين عاما من الحصار والعقوبات والضغوط والمؤامرات الاميركية والغربية، لم تفض الى ماكان مرجو منها، والدليل على ذلك ان ايران تتمتع اليوم بثقل سياسي كبير في محيطها الاقليمي والمجتمع الدولي، وتمتلك من الامكانيات والموارد والقدرات المختلفة ما يجعلها مؤهلة لمقاومة وافشال الكثير من المؤامرات، واكتساب المزيد من عناصر القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية.

القرار الامريكي بفرض العقوبات على الجمهورية الاسلامية فيه غباء مفرط

وفي هذا السياق يقول عضو مجلس النواب السابق وامام جمعة براثا الشيخ جلال الدين الصغير، ‏"ان القرار الامريكي بفرض العقوبات على الجمهورية الاسلامية فيه غباء مفرط، وهو يقدم للجمهورية الاسلامية فرصة تأريخية جديدة لاذلال امريكا واخضاعها للمنطق الايراني، كما فعلوا من قبل، وسيرده الايرانيون بأحتراف، فهم شعب صبور، قد يختلف فيما بينه في تفاصيل الحياة، غير انه يتحد في الازمات.

ويشير الشيخ الصغير الى "ان الغباء الامريكي في قضية العقوبات لم ينظر الى المتغيرات الميدانية، فالسعودية التي كان يعول عليها ميدانيا في ذلك تعاني من اكبر انتكاسة سياسية داخلية ودولية، وهي مرشحة لحرب الامراء بشكل يقيني، واوضاع الميدان العراقية والسورية ما عادت كما كانت، والاوضاع الدولية ليست كما كانت. والايرانيون مروا بعقوبات اقسى من هذه وفي وقت كان مجلس الامن هو طرف هذه العقوبات، وقد تمكنوا من الفوز على هذه العقوبات بالاتفاق النووي المعروف لا ان يسقطوا بسببها، وكما هي العادة عند الايرانيين كلما ضغط عليهم من الخارج ابدعوا في الاكتفاء الذاتي من الداخل، وواقعهم التأريخي يؤكد ذلك".

ويضيف الصغير قائلا، "اما امريكا التي زاد ترامب من عزلتها واوقعها في الخلاف الداخلي لاول مرة منذ عقود، هي الان طرف يحاول بتكبر ان يفرض عقوبات على شركائه، وهذا قد ينجح للبرهة الاولى، ولكنه يمثل خطأ فادحا للمستقبل، ولعل طرح الاستثناءات هو مخرج اولي من احراجات الرفض الدولي للعقوبات، ستعقبه اخرى تحت الكواليس".

من جانبه، يرى رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، ان العراق، مثل الاتحاد الاوربي وروسيا والصين واليابان، ليس جزءا من منظومة العقوبات الاميركية ضد ايران، وانه يسعى الى الحفاظ على مصالحه الوطنية، علما ان رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، كان قد صرح قبل عدة شهور، انه لايتعاطف مع العقوبات الاميركية المفروضة على ايران.

استيرادات السوق العراقية من إيران وصلت في الاعوام الماضية الى ثلاثة عشر مليار دولار

ومن زاوية اقتصادية بحتة، يوضح الخبير الاقتصادي العراقي باسم جميل انطوان، بأن استيرادات السوق العراقية من إيران وصلت في الاعوام الماضية الى ثلاثة عشر مليار دولار، ولاشك ان العقوبات الامريكية على ايران ستؤدي الى شح البضائع الإيرانية في العراق، في ذات الوقت الذي يشير فيه انطوان الى ان هناك طرقا اخرى غير نظامية(تهريب) لادخال البضاعة الى العراق.

ويؤكد الخبير الاقتصادي المذكور، ان استثناء العراق من العقوبات الامريكية على إيران يخص النفط والطاقة، لكن هذا الاستثناء له مدة محددة، ولن تصرف مبالغها لإيران، بل ستبقى بصورة ارصدة مجمدة بعد حل المشكلة، وانه يمكن استخدم هذه الأموال للأشياء الضرورية فقط، مثل الادوية والمواد الغذائية وغيرها.

في حين يشير الكاتب والصحافي العراقي جهاد العيدان الى انه على ارض الواقع، نحن امام مشهد جديد من الحرب الناعمة بين ايران وامريكا، حيث ان الرهان الامريكي على احداث خلل ميكانيكي في العلاقة بين الشعب والنظام بات مستحيلا في ضوء ردود فعل الشارع الايراني، فقد رأينا انه ومع دخول الحزمة الثانية من الحظر الامريكي على ايران حيز التنفيذ، بدأت مظاهر الفشل تتجلى في اكثر من جانب او موقف او محطة، فهذا الحظر الهب الشعب الايراني، وخصوصا الفئات الشبابية التي اعلنت رفضها للحظر والتفافها حول قياداتها, وهذا الامر يشكل الفشل الكبير، لان فلسفة الحظر تستهدف العلاقة بين الشعب والنظام الاسلامي، فاذا بالحظر يتحول الى قوة دفع والتحام بين الشعب وقيادته، مما اطاح بالجانب الاساسي لهذا الحظر ودوافعه واسسه ومخططاته، فبدلا من ان يكون شحنا للتأليب ضد النظام الاسلامي الحاكم، تحول الى استقطاب بين الشعب ونظامه الاسلامي، مما شكل محطة للعمل الجاد للاطاحة بالحظر والقوى التي تقف وراءه.

ومن دون شك، فأن اي اضعاف لايران، يستتبعه اضعافا للعراق، والعكس صحيح، فأيران وقفت بكل ثقلها الى جانب العراق حينما تعرض للعدوان الداعشي قبل اربعة اعوام، بينما اكتفت دولا عديدة بألتزام الصمت والتفرج، واكثر من ذلك، بادرت اخرى الى دعم واسناد تنظيم داعش بطرق ووسائل مختلفة.

والبعد الاقتصادي في العقوبات الاميركية على ايران، وان كان ينعكس على العراق كثيرا، الا ان الابعاد الاخرى لاتقل اهمية وتأثيرا عنه، وهو ما يجب وضعه في الحسبان، عند كل خطوة يتم الاقدام عليها، وفي كل قرار يصار الى اتخاذه من قبل اصحاب الشأن في بغداد.