kayhan.ir

رمز الخبر: 85171
تأريخ النشر : 2018November10 - 20:59

الخطط البديلة لـ’داعش’


محمد محمود مرتضى

لم يصب كبد الحقيقة من ظن أن الضربة القوية التي تلقاها "داعش" في العراق وسوريا سوف تؤدي الى نهاية التنظيم، اذ إن "داعش"، ومنذ أن ظهرت علامات أن أيامه في العراق وسوريا باتت معدودة، عمد الى تنفيذ ما يشبه "استراتيجية التضليل"، محاولاً السيطرة على مناطق عراقية وسورية مرة أخرى، وهذا ما أكده مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية، في تقرير صدر منذ يومين.

وأضاف المرصد في تقريره، إن "داعش" اعتمد خلال الفترة السابقة على استراتيجية الانسحاب التكتيكي؛ من أجل التمدد في أماكن أخرى، والانتشار في مساحات بديلة، كما اعتمد آلية للتوظيف؛ من أجل تجنيد واستقطاب عناصر جديدة في صفوفه.

وأشار المرصد، إلى أن عناصر "داعش" الفارين من سوريا والعراق اندمجوا في كيانات إرهابية بديلة في بعض الدول، التي يكثر بها الإرهاب، محاولين تأسيس تنظيمات أخرى تشبه التنظيم الأم وتندرج بعد ذلك تحت رايته.

وأكد مرصد الإفتاء، أن تنظيم "أبوبكر البغدادي" اعتمد على اللامركزية في الانتشار والتمدد، وذلك من خلال تجميع الفارين لأنفسهم وتكوين كيانات وتنظيمات أخرى تسير على نهج التنظيم الأم.

وأوضح المرصد، أن العناصر الداعشية الفارة شكلت عقب خسارتها في سوريا والعراق تنظيمات تحت أسماء مختلفة منها: "الرايات البيضاء"، و"أنصار البخاري"، و"أنصار الفرقان"، ومن المتوقع أن تكون هذه التنظيمات الوريث "الشرعي" لتنظيم "داعش".

يمكن للمراقب أن يلحظ ظهور تلك التنظيمات في نهايات العام الماضي (2017) في أعقاب الخسائر التي لحقت بالتنظيم؛ ف"الرايات البيضاء" نشطت في العراق على خلفية الأزمة حدثت بين "بغداد" و"أربيل"، و هزيمة "داعش"، حيث اتخذت تلك الجماعة العلم الأبيض المطبوع عليه صورة الأسد كرمز لها.

أما تنظيم "أنصار البخاري"، فقد تشكل من عناصر عربية وأجنبية عام 2014 ورغم أنه لم يعلن عن نفسه بشكل رسمي، لكنه بدأ يظهر وينشط من خلال مجموعة من العمليات الإرهابية التي قام بها جاء في نهايات العام الماضي، كما نشط التنظيم أيضًا في بعض الدول الأفريقية مثل: ليبيا والصومال.

وبحسب تقرير مرصد الإفتاء، فإن "داعش" بدأ في الوقت الراهن بتوزيع المهام والمسؤوليات على أفراد أقل خبرة من قيادات الصف الأول؛ ففوض مسؤولية صنع القرار إلى مستويات أدنى للقادة المحليين، دون أن ننسى أن التنظيم يعاني في الآونة الأخيرة من تصدعات هيكلية وداخلية. على أن تفويض المسؤوليات الى افراد اقل خبرة يعود الى اسباب عدة ابرزها: مقتل العديد من قيادات الصف الاول، اضافة الى ان عناصر الصف الثاني والثالث قد يكونون أقل تتبعاً من قبل أجهزة الاستخبارات، فضلا عن الاستخبارات العالمية التي تخترق مثل هذه التنظيمات غالبا ما تجند قيادات من هذا الصف تمهيدا لوصولهم الى مراكز قيادية.

ومهما يكن من أمر، فقد أشار المرصد في تقريره، إلى أن التنظيم توسع في استخدام الإنترنت؛ لتوظيف القيادات وتوزيع المهام والمسؤوليات عليهم، وذلك وفقًا لما سُمي بـ"الخلافة الافتراضية".

خطوات تنظيم "داعش" هذه كانت متوقعة، اذ ظهر واضحا منذ مدة أن التنظيم يقوم يزرع خلايا نائمة في بلاد الشام والرافدين وبعض البلدان، لا سيما تلك التي تُعاني من اضطرابات وأزمات سياسية خاصة الدول الأفريقية.

وقد استطاع "داعش" خلال الفترة الماضية توزيع عناصره الفارين من سوريا والعراق على تنظيمات تحمل نفس الايديولوجية من تلك الموجودة ببعض البلدان، وذلك كي يستطيع العودة من جديد إلى ساحة القتال.

ورغم الضربات الكبيرة التي تلقاها الا أن التنظيم أثبت أنه يتمتع بمرونة جدية وبدعم كبير، ما يثبت أن دولا كبرى، على رأسها الولايات المتحدة، تقوم بدعمه وبتغطية تحركاته المالية والتنظيمية، ما مكّنه من العودة مرة أخرى بأسماء وأشكال مختلفة، وهذا ما نراه اليوم، حيث أكثر من تنظيم خرج من رحم "داعش" خلال الشهور السابقة.