تسخين جبهة ادلب لايقاظ مارد الموت
مقتل اربعة جنود سوريين واصابة آخرين في محيط بلدة أبو الظهور شرق إدلب يكشف ان هناك محاولات لتسخين هذه الجبهة تمهيدا لتخريب اتفاق منزوعة السلاح الذي تم التوصل اليه بجهود روسية - تركية.
فقد شن مسلحو تنظيم "أجناد القوقاز” هجوما عنيفا ضد مواقع الجيش السوري على محوري تل السكرية وقرية قميص غرب بلدة أبو الظهور في ريف إدلب الجنوبي الشرقي.
الهجوم بدأ منذ ساعات الصباح الباكر حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بين الجيش السوري وبين المجموعات المسلحة الأجنبية المستوطنة في المنطقة استمرت لأكثر من 3 ساعات وأسفرت عن مقتل واصابة الجنود السوريين.
وقال مصدر عسكري أن وحدات الجيش السوري المنتشرة على هذا المحور تمكنت من التصدي للهجوم وإيقاع عدد من القتلى بصفوف مقاتلي "أجناد القوقاز” وتدمير عرباتهم، مشيرة إلى حسم المعركة بعد استقدام تعزيزات عسكرية إلى المنطقة تزامنا مع تنفيذ سلاحي المدفعية والصواريخ في الجيش السوري سلسلة من الضربات على تحصينات التنظيم ومواقعه في المنطقة، وعلى خطوط إمداده من المستوطنات التي يسيطر عليها بالقرب من تل السلطان.
الاشتباكات العنيفة لم تسفر عن تغيير في خارطة السيطرة الجغرافية في المنطقة، وكشفت ايضا عن جهوزية وحدات القوات السورية لإحباط كل محاولات الهجوم التي تتعرض لها المناطق الآمنة.
منطقة كانت آمنة ومستقرة
تسخين جبهة ادلب لايقاظ مارد الموت
المثير في الامر ان منطقة أبو الظهور هي إحدى نقاط التماس الهادئة نسبيا، وهي تحوي ممرا إنسانيا يرعاه مركز المصالحة الروسي في سوريا، وهو مخصص لعبور المدنيين من مناطق سيطرة التنظيمات الإرهابية المسلحة في إدلب وريفها، نحو المناطق الآمنة الواقعة تحت سيطرة الدولة السورية، في مناطق مختلفة من البلاد.
وانتقل خلال الأشهر الماضية عشرات آلاف المدنيين من مناطق سيطرة المسلحين في إدلب إلى مناطق سيطرة الدولة، عبر ممر أبو الظهور الإنساني الذي تم افتتاحه عدة مرات منذ مطلع العام الحالي، كان آخرها بتاريخ 25 سبتمبر/ أيلول الماضي.
ورفض تنظيم "أجناد القوقاز” تنفيذ "اتفاق سوتشي” الذي يقضي بانسحاب التنظيمات المتشددة من منطقة منزوعة السلاح بعرض 15 إلى 20 كيلومترا تتوزع على أرياف اللاذقية وحماة وإدلب وحلب.
وشاركه رفضه هذا تنظيمات أخرى كجبهة "النصرة” وتنظيمات "حراس الدين” و”أنصار التوحيد” و”أنصار الدين” و”تجمع الفرقان” و”الحزب الإسلامي التركستاني” بالإضافة إلى تنظيمات متشددة عديدة أخرى.
كما تحدث المرصد السوري المعارض عن اندلاع اشتباكات عنيفة داخل المنطقة منزوعة السلاح واشاروا الى ان مجموعة من مسلحي "جيش أبو بكر الصديق" التابع لـ"هيئة تحرير الشام"، التي تشكل "جبهة النصرة" الإرهابية عمودها الفقري، هاجمت مواقع للقوات السورية في منطقة وادي المزروعي بمحور الكتيبة المهجورة واشار "المرصد" الى أن الاشتباكات العنيفة بين الطرفين استمرت حتى انسحاب المجموعة المهاجمة إلى مواقعها، وأسفرت عن وقوع خسائر بشرية من الطرفين.
تسخين جبهة حماة
تسخين جبهة ادلب لايقاظ مارد الموت
الهجمات الارهابية امتدت ايضا الى مدينة حماة واريافها، فقد تمكنت وحدة من الجيش السوري من إحباط محاولة هجوم مجموعة إرهابية على نقاط عسكرية على أحد محاور ريف حماة الشمالي.
وقالت مصادر عسكرية أن وحدة من الجيش السوري "وجهت ضربات مركزة على تحرك لمجموعة إرهابية حاولت التسلل من محور قرية عطشان إلى نقاط عسكرية في محيط البلدة شمال مدينة حماة بنحو 45 كم على الحدود الإدارية مع محافظة إدلب.
وأشارت المصادر الى أن الضربات أسفرت عن إحباط التسلل بعد مقتل وإصابة العديد من الإرهابيين وفرار من تبقى منهم باتجاه المناطق التي انطلقوا منها.
بماذا علقت الخارجية الروسية؟
وزارة الخارجية الروسية علقت على الهجمات الارهابية التي وقعت في ادلب وقالت: أن المسلحين من "جبهة النصرة" والفصائل الأخرى المرتبطة بـ"القاعدة" يسعون لتقويض تطبيق الاتفاق بين روسيا وتركيا حول إقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب السورية.
وذكرت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، في مؤتمر صحفي عقدته الخميس: "لا يزال الإرهابيون من النصرة والتشكيلات أخرى المرتبطة بالقاعدة في منطقة خفض التصعيد بإدلب يسعون لتقويض تطبيق الاتفاق المبرم بين روسيا وتركيا في سوتشي يوم 17 سبتمبر".
وأوضحت زاخاروفا أن المسلحين يواصلون قصف مواقع القوات الحكومية السورية جنوب محافظة إدلب وكذلك في شمال غرب محافظة حماة.
ادلب واتفاق المنطقة المنزوعة
وتمثل إدلب المحاذية لجنوب غرب تركيا معقلا أخيرا للمسلحين في سوريا حيث تسيطر على أكثر من 70 بالمئة من أراضيها فصائل مسلحة على رأسها "هيئة تحرير الشام" (تنظيم "جبهة النصرة" الإرهابي سابقا)، وكانت هذه المحافظة خلال السنوات الأخيرة وجهة لعشرات الآلاف من المسلحين والمدنيين الذين تم إجلاؤهم من مناطق عدة كانت تحت سيطرة الفصائل المسلحة أبرزها مدينة حلب والغوطة الشرقية لدمشق.
وفي الـ17 سبتمبر الماضي أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ونظيره التركي، رجب طيب أردوغان، عقب لقائهما داخل منتجع سوتشي، عن التوصل إلى اتفاق حول إقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين أراضي سيطرة الحكومة السورية والفصائل المسلحة في المحافظة.
وينص الاتفاق على إقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق 15-20 كيلومترا على خطوط التماس بين قوات الحكومة السورية والجماعات المسلحة عند أطراف إدلب وأجزاء من ريف حماة الشمالي وريف حلب الغربي وريف اللاذقية الشمالي، وذلك بحلول 15 أكتوبر الجاري، وتتمثل المرحلة الأولى من العملية بسحب كل الأسلحة الثقيلة من تلك الأراضي حتى 10 أكتوبر.
ويقضي الاتفاق أيضا بأن تسير روسيا تركيا، الدولتان الضامنتان إلى جانب إيران لعملية أستانا الخاصة بتسوية الأزمة السورية، دوريات مستقلة في المنطقة منزوعة السلاح بالتنسيق بينهما، على غرار الدوريات التي تجريها القوات التركية والأمريكية في منطقة منبج شرقي حلب.
موقف الحكومة السورية
وفي السياق نفسه فقد اتهمت الحكومة السورية تركيا بعدم الوفاء بالتزاماتها في اطار اتفاقها بشان إقامة منطقة منزوعة السلاح وخالية من المتشددين شمالي غرب البلاد.
وقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم فى تصريحات اعلامية إن تركيا غير راغبة فيما يبدو فى تنفيذ الاتفاق وان "الارهابيين متواجدون بأسلحتهم الثقيلة فى هذه المنطقة وهذا مؤشر على عدم رغبة تركيا بتنفيذ التزاماتها وبالتالي ما زالت مدينة إدلب تحت سيطرة الإرهاب المدعوم من تركيا والغرب.
وكان مصدر عسكري سوري رفيع قد حذر من عمل عسكري ستشنه القوات السورية على ادلب في حالة استمرار الهدمات على القوات السورية وقال المصدر "إن الجيش السوري سيشن عملا عسكريا في المنطقة منزوعة السلاح في حال استمرت التنظيمات الإرهابية بالاعتداء على نقاطه ومواقعه، وخاصة مع فشل الجانب التركي بتنفيذ التزاماته بموجب اتفاق سوتشي".
التوسع التركي في الاراضي السورية
استفادت تركيا من الوضع الموجود لتحقيق المزيد من التوسع في الاراضي السورية ونشرت وسائل الاعلام هناك انباءا عن ايعازات قدمتها تركيا للفصائل المسلحة في إدلب وريف حلب الغربي والشمالي بالاستعداد للتوجه إلى شرق الفرات في الشمال السوري لمواجهة القوات الكردية (قسد) التي تسيطر على المنطقة هناك.
ونشرت صحيفة الوطن السورية اخبار التصعيد التركي والقصف المدفعي الذي نفذته ولأول مرة ضد قرى غرب مدينة عين العرب شمال شرق حلب الواقعة على الضفة الشرقية لنهر الفرات.
وأفادت مصادر كردية للصحيفة أن "أردوغان يخطط لاجتياح عين العرب بالكامل، ليتخذها نقطة انطلاق نحو باقي مناطق شرق الفرات للسيطرة على المواقع المتاخمة لحدود بلاده في المرحلة الثانية ثم على باقي المناطق، غير آبه بوجود قواعد أمريكية فيها أو برفض "المجتمع الدولي" لمساعيه في الهيمنة على مناطق جديدة في سوريا على غرار ما قامت به ميليشيات "درع الفرات" و"غصن الزيتون" فيما مضى.
قلق اميركي من المخططات التركية
واكتفت الولايات المتحدة بابداء القلق ازاء مايحدث لقسد والقصف الذي تنفذه القوات التركية ضد المناطق الكردية وذكر المتحدث باسم البنتاغون شون روبرستون، أن الولايات المتحدة على اتصال مع أنقرة وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) حول هجوم أنقرة المخطط على شمال شرقي سوريا.
وقال روبرستون "نحن على دراية بتصريحات تركيا عن هجوم مخطط له في شمال شرقي سوريا واتصلنا مع تركيا وقوات سوريا الديمقراطية لتهدئة الوضع.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد جدد التأكيد على أن بلاده عازمة على القضاء على المقاتلين الأكراد، شرقي نهر الفرات
وقال إردوغان في كلمته أمام الكتلة البرلمانية لحزب "العدالة والتنمية" الحاكم، "استكملنا خططنا وتحضيراتنا للقضاء على التنظيم الإرهابي في شرق الفرات"، لافتا إلى أن " تركيا بدأت التدخل ضد الجماعات الإرهابية في سوريا.
والسؤال الذي يتبادر الى الأذهان في هذه الظروف هل ستستطيع الوساطة الاميركية بين "قسد" والحكومة التركية من كبح جماح القوات التركية المندفعة نحو شرق الفرات؟
هذا ماستكشفه الايام القادمة!