ادلب رهن القيادة السورية و ابناءها
بلدتا كفريا والفوعة بصمودهما البطولي وتحديهما الكبيرين لما يسمى بجيش الفتح وجبهة النصرة التي تحولت فيما بعد الى ما يسمى بهيئة تحرير الشام، دخلتا التاريخ من ابوابه الواسعة لما سجلتهما من مقاومة عنيدة من قبل اهاليهما طيلة ثلاث سنوات كانت عصية على التكفيريين من اقتحامهما رغم عشرات الهجمات الشرسة التي شنوها على هاتين البلدتين الوحيدين اللتين بقيتا خارج سيطرة التكفيريين في محافظة ادلب ولا تبتعدان سوى 20 كيلومترا من الحدود التركية، لكن ثمن هذا الصمود كان غاليا على اهاليهما الذين قدموا 6500 بين شهيد وجريح وتحملوا انواع العذاب من نقص في الدواء والغذاء والخدمات العامة حتى كادت ان تتحول الى كارثة انسانية لولا انتصارهم وخروجهم من البلدتين وفي نفس الوقت ان استمرار هذا الوضع في كفريا والفوعة كان مكلفا وعبئا كبيرا على المجموعات التكفيرية التي ذاقت الويل والذل والهوان وعجزت عن كسر ارادة هاتين البلدتين، لكن ما هو ايجابي في خروج اهالي كفريا والفوعة انه سيفسح المجال للجيش العربي السوري وقوى المقاومة ان تتحرك بسرعة وفي غاية الاطمئنان بانه ليس هناك ما يعيق تحركها تجاه محافظة ادلب الخطوة المرتقبة والحتمية للجيش السوري بعد حسمه لمحافظة درعا واتمامها بالقنيطرة التي تجري فصولها النهائية في هذه الايام.
ولا شك ان الخاتمة القاتلة لما جرى للمجموعات المسلحة في كفريا والفوعة كان مكلفا ومزعجا في نفس الوقت حيث اثار غضبها واستياءها وهذا ما برز من خلال تصرفاتها واعتداءاتها الاثمة على الباصات التي اقلت اهالي البلدتين، لكنها اثبتت للجميع بانها لا حول ولا قوة لها امام الاملاءات التركية التي هي اليوم تقرر مصير هؤلاء وفقا لتفاهمات جرت مع الجانبين الروسي والايراني.
لكن اليوم امام تركيا محنة جديدة وكبيرة حول مصير المجموعات التكفيرية التي تجمعت في ادلب واكثر ما تخشاه هو اندفاعة الجيش العربي السوري وقوى المقاومة تجاه هذه المحافظة وتحريرها على غرار ما جرى في الغوطة والجنوب السوري لذلك تحاول تركيا بعرضها لنص "الورقة البيضاء" حل الازمة في ادلب حتى تتجاوز الحل العسكري الذي هو قادم لامحالة وهو بالطبع مكلف للمجموعات المسلحة ولها ايضا حيث ستخسر انقرة جميع اوراقها ولم يعد في جنطتها ما تفاوض عليه لان وجودها في هذه المحافظة ودعمها للمسلحين الخارجين على القانون والدولة السورية غير شرعي وهذا ما يضعف من موقفها اقليميا ودوليا خاصة وانها داخلة في تفاهماتها مع الجانبين الايراني والروسي لخفض التوتر في مناطق التصعيد، لكن تحذيرها الاخير بان الموقف لم يتكرر على غرار ما جرى في الغوطة الشرقية والجنوب السوري هو مجرد رسالة للداخل التركي وحفظ ماء وجهها وليس له محل من الاعراب لان بقاء هذا الوضع مع وجود عشرات الفصائل السورية المتناحرة والمختلفة التوجهات والايدلوجيات هي مكلفة وعبء كبير على تركيا نفسها لكنها تحاول عبثا رفع السقف عسى ان تحصل على مكاسب وامتيازات تحلم بها، الا ان ما يجري على الارض غير الذي تتمناه تركيا فمن يحسم الموقف هو قرار القيادة السورية وتلهف ابناء المحافظة لقدوم الجيش السوري وانقاذهم من شرور هؤلاء القتلة الادوات الى الخارج.