ما شهدته المحافظات الجنوبية خلال الايام الماضية من تظاهرات مطلبية لتوفير الخدمات كانت تظاهرات محقة وقانونية في بلد يتمتع بالديمقراطية وقد نالت تأييدا من جميع مؤسسات الدولة وحتى المرجعية الرشيدة في النجف الاشرف التي هي صمام امان العراق وهذا ما هو ثابت عبر التاريخ في هذا البلد، لكن العامل الاهم الذي شوه صورة هذه التظاهرات وسرعان ما التقفها الشارع العراقي هو دخول المندسين عليها من عملاء اميركا والسعودية الذين حاولوا ركوب الموجة وتحريف مسار هذه التظاهرات المطلبية المحقة الى مسار سياسي وامني بهدف تخريب البلد وضرب العملية السياسية. فقط قام المندسين الاعتداء على الممتلكات العامة ومؤسسات الدولة وهنا سرعان ما عزلت الجماهير العراقية التي تحركت من اجل المطالبة بتوفير الخدمات صفوفها عن المندسين المرتبطين باعداء العراق بل اكثر من ذلك قامت بمساعدة القوات الامنية على تشخيص هؤلاء المندسين.

مشكلة الاميركان وذيولهم في المنطقة كالسعودية انهم لا يفهموا واقع الشعوب ومثال ذلك القريب ان النظام السعودي شن عدوانا غاشما على اليمن وبتنسيق اميركي لحسم الموقف خلال اسابيع لكن وبعد مرور اربع سنوات وجدت نفسها غارقة في الرمال اليمنية.

فتحريك عملائهم في العراق لركوب الموجه وحرف مسار التظاهرات ينطلق من اوهامهم وحساباتهم الخاطئة والغبية حين فتحوا حسابا فاحشا على محافظات هي في الاساس خزان بشري لحماية العراق وسيادته واستقلاله وهذا ما ثبت عمليا عبر القضاءعلى داعش فكيف بهم لا يحافظون على مناطقهم من اعداء العراق. والاهم من كل ذلك مَن مِن العراقيين لا يعلم ان اساس المشكلة والوضع المتردي الذي وصل اليه العراق في جانب الخدمات هو الاحتلال الاميركي وتدميره المتعمد للمنشآت المدنية والبنى التحتية وبعد ذلك مصادرته للقرار العراقي وعدم السماح له الدخول في مشاريع استراتيجية لتقويم الخدمات. والثاني هو دور النظام السعودي الدموي في العراق بعد السقوط الطاغية صدام منذ 2003 وحتى الامس القريب بارسال المجموعات التكفيرية الانتحارية والتفجيرية وما سببته من دمار هائل وانهار دم سالت في العراق.

ان اميركا الشيطان الاكبر تتحين اي فرصة للوقيعة بالعراق والعودة ثانية من الشباك، لانها خسرت مرتين؛ الاولى عندما فتح حسابا خاطئا للاحتلالها للعراق كلنها اجبرت وتحت ضغط المقاومة ومن ابناء هذه المناطق بالذات الهروب من العراق؛ والثانية يوم صدرت داعش للعراق بهدف استثمارها وجعلها ذريعة لمحاربتها والعودة ثانية لكن الشعب العراقي وخاصة ابناء هذه المحافظات من ابناء الحشد الشعبي هم الذين هزموها عبر القضاء على داعش وافشلوا مخططها الخبيث.

فالانتكاسات المتوالية لاميركا في العراق تدفع بها للانتقام من الشعب العراقي وخاصة ابناء الحشد الشعبي وقيادته البطلة باية صورة كانت وهي تحاول اليوم فرض وجودها العسكري بالقوة على هذا البلد مع ما انتفت ذريعة محاربة داعش الذي حسم امرها ابناء الحشد الشعبي والقوات المسلحة العراقية.

ولا يخفى على المتتبع للشأن العراقي بان اميركا روجت مؤخرا وعبر مبعوثها الخاص للعراق بان ابعاد "ابو مهدي المهندس" من قيادة الحشد يخفف من التوتر في العراق ويسهل ولادة الحكومة العراقية، لكن زيارة رئيس الوزراء حيدر العبادي الى قيادة الحشد الشعبي امس الاول وان كانت للتشاور والتنسيق لمواجهة الاحداث الاخيرة لكن البعض فهمها على انها رد غير مباشر على واشنطن بان ابو مهدي المهندس خط احمر والقرار بشأنه قرار عراقي محض.