kayhan.ir

رمز الخبر: 76172
تأريخ النشر : 2018May20 - 20:53

سيادة اوروبا ومستقبلها رهن باستقلال قرارها


انسحاب الرئيس الاميركي ترامب من الاتفاق النووي من جانب واحد وعدم الاخذ بالنصائح الاوروبية وحتى عدم الاصغاء لوجهات نظرهم الذي زار بعضهم واشنطن قبيل اتخاذ ترامب قرار الانسحاب والذي كان في الواقع اهانة مقصودة واحتقار فاضح لهم تلخص الموقف بان واشنطن هي التي تملي وعلى الاخرين التبعية وهذا ما دفع بالاوروبيين ان يرفعوا نبرة التحدي للدفاع عن استقلالهم امام اميركا لكن ذلك لم يتجاوز فعلا العمل بل ظل في اطار الكلام وهنا ثارت ثائرة ايران بان على اوروبا ان تحسم موقفها وفي سقف زمني محدد والا هي ستكون الاخرى في حل من هذا الاتفاق الذي لم يدر عليها الفائدة المرجوة وتكون بالتالي هي الاخرى بعد الولايات المتحدة من ينسحب من الاتفاق لكن ذلك لم يكن سهلا على هذه القارة التي ستضحي بسمعتها ومصداقيتها اولاً واستقلال قرارها ثانياً وهذا ما سينعكس عليها سلبا لانها ستخسر الكثير من المواقع لصالح الاخرين كروسيا والصين اضافة الى ان هذه القارة وما فيها من دول كبرى ستظهر على الساحة العالمية بانها تابعة لاميركا ولا تملك استقلالها.

هذه العوامل المدمرة ليست سهلة على صاحب القرار الاستراتيجي في اوروبا وان لم تكن جميعها على قلب رجل واحد امام اميركا التي تنفذ من هذه الثغرة لتشتيت وحدة صفهم، لكن الدول المتنفذة فيها كالمانيا وفرنسا وبريطنيا تحاول الثأر للنيل من سيادتها وهي ترسل اشارات الى ايران عبر تصريحاتها المتوالية للمحافظة على الاتفاق النووي وحث ايران عن ذلك، لكنها في نفس الوقت تطرح ورقة الصواريخ والنفوذ على طاولة المفاوضات.

طهران قالت كلمتها التاريخية وعلى لسان قائد الثورة الاسلامية قبيل الاتفاق وبعيد التوقيع عليه، نفذوا الاتفاق النووي بحذافيره حتى ننتقل الى القضايا الاخرى التي لا علاقة له بالملف النووي بتاتا، لكن الطرف الاميركي وبدل ان ينفذ بنود الاتفاق النووي الذي وقع عليه انسحب منه دون اي مبرر يطالب باتفاق جديد مع طهران التي تؤكد بضرس قاطع لا اتفاق جديد ولا تفاوض على القضايا السيادية.

ووسط هذا الجدل العقيم حول قضايا اصبحت خلف ظهورنا تحرك الجانب الاوروبي بعد اجتماع بروكسل بحضور ظريف ونظرائه من فرنسا والمانيا وبريطانيا بايفاد مبعوثه الى طهران وهو المفوض بشؤون الطاقة "ميفيل ارياس" لطمأنة ايران بان الاتحاد الاوروبي سيقف بوجه اميركا ويحافظ على التعاون الاقتصادي مع ايران لكن ذلك لم يطمئن ايران حيث تطلب الاخيرة ايجاد آليات لتطبيق الاتفاق النووي وليست مجرد وعود سرعان ما ينتهي مفعولها بالاملاءات الاميركية ولا يمكن لطهران ان تقتنع بما تطرحه اوروبا بتفعيل قانون التعطيل لحماية الشركات الاوروبية امام العقوبات الذي صودق عليها قبل 22 عاما.

فالقارة الاوروبية اليوم امام محك تاريخي هل تصمد امام الاملاءات الاميركية وتضربها عرض الحائط ام تفرط باستقلالها وتصبح كغالبية دول العالم الثالث دولة ذيلية لاميركا لا حول لها ولا قوة. وهنا يشكك الكثيرون من انه كيف يمكن لقارة لازالت تحت الحماية الاميركية من الخروج عليها والاستقلال بقرارها. ونقطة الخلل لدى الجانب الاوروبي بانه يطالب بامتيازات من الطرف الذي نفذ بنود الاتفاق في وقت يملي عليه الواقع بانه هو من يقدم الامتيازات لايران.

وعلى اية حال هذه مشكلة اوروبا وليست ايران فاذا كانت اوروبا جادة في قرارها ونهجها السياسي المستقل للحفاظ على استقلالها وهيبتها وسيادتها وهي قلقه فعلا من انسحاب ايران من الاتفاق النووي لما له من تداعيات دولية واقليمية ولما سينجم عنه من خسائر اقتصادية ينعكس عليها لم يكن امامها سبيل سوى ان ترفع صوتها لتقول لاميركا كفى عنجهية وتدخلا في قراراتنا السياسية والاقتصادية.