كيف سيتحوّل البرلمان اللبناني الى ضمانة للمعادلة الذهبية؟
لا يُنكر أحد أنّ أول الرابحين في الانتخابات النيابية كانت المقاومة. فهذه الحقيقة لا مجال للتشكيك والتأويل في صدقيتها، بشهادة الأرقام التي حصدتها القوى المدافعة عن هذه المقاومة ومشروعها، والتي كانت وليدة إرادة الشعب.
الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أكّد صدقية هذه النظرية التي ستتحوّل الى واقع مع البرلمان الجديد الذي أفرزه القانون النسبي، وهو الذي كرّر غير مرة دخول العمل السياسي لحماية ظهر هذه المقاومة. برأيه، فإنّ تركيبة المجلس النيابي الجديدة تشكل انتصارا للمقاومة وبيئتها.
فالبرلمان في لبنان يتميّز بمهام متنوعة عكس العديد من البرلمانات في العالم. إذ يستمد خصوصيته من الدور المتشعّب الذي يلعبه، والذي يؤثّر في كل مجريات الحياة السياسية. إنّه المؤسسة الدستورية الأقوى -اذا صحّ التعبير-، فمن خلاله تُسمى الحكومة، لتحدّد خطّة عملها عبر بيانها الوزاري فإما أن يعطيها الثقة أو يحجبها عنها. ومن خلاله يُنتخب رئيس الجمهورية رأس السلطة العليا في البلاد. كما تُدرس عبر لجانه المتنوعة العديد من المشاريع، تماماً كما تُقر في جلساته التشريعية مختلف القوانين. فكيف سيستطيع البرلمان العتيد حماية المُقاومة؟.
في الشكل وقبل الخوض في المضمون، لا بد من التنويه الى المقاعد النيابية التي حصدتها القوى المؤيدة للمقاومة، والتي لا يمكن تجاوز حجمها.
ففي حساب بسيط، تظهر لنا تركيبة المجلس الجديدة، والتي تحوي 45 نائباً لقوى "8 آذار" (حزب الله، حركة امل، الحزب القومي، تيار المردة، جمعية المشاريع، أسامة سعد، جميل السيد، عبدالرحيم مراد، فيصل كرامي وجهاد الصمد، ايلي الفرزلي وادي دمرجيان)، 40 نائباً لقوى "14 آذار" (المستقبل، القوات، الكتائب، ميشال معوض، شخصيات 14 آذار)، 25 نائباً لـ"الإصلاح والتغيير" (التيار الوطني الحر و"الطاشناق") -والمعروفة بمواقفها الداعمة للمقاومة-، بالإضافة الى 18 نائباً لقوى أخرى (العزم، اللقاء الديمقراطي، ميشال المر، فؤاد مخزومي، فريد الخازن وحلفاؤه). هذا في الأرقام، فماذا يعني ذلك؟.
لا يخفى على أي عاقل أنّ هذه المقاعد التي حصدتها القوى المؤيّده للمقاومة هي حُكماً مقاعد أنتجتها البيئة الجماهيرية المؤيدة لمشروعها، وبالتالي لمشروع المقاومة. ما يُعطي شرعية شعبية واسعة تجعل من الصعب استهداف هذه المقاومة نظراً للكتلة النيابية العابرة للطوائف والمذاهب التي شُكّلت.
وبطبيعة الحال، ستُصبح مهمة البعض بالداخل في ممارسة التآمر على المقاومة أمراً صعباً، بسبب الغطاء الجماهيري الواسع الذي أعطي لها.
هذا بالاضافة الى الرسالة التي وجّهت للخارج عبر هذا الحضور السياسي الكبير للمقاومة والذي يشكّل البيئة الحاضنة مع الحلفاء منعاً لأي حرب يشنها خصوم المقاومة عليها سواء الداخليين أم الخارجيين.
وهنا، لا بد للمتبّع لمسار مختلف المجالس النيابية التي انتُخبت في لبنان أن يسترجع كيف حوربت كلمة "المقاومة" من قبل البعض الذي اعترض حتى على إدراجها في البيان الوزاري. الأخير خضع في العديد من "المرات" لمخاض عسير، وتأخّر صدوره، نظراً لاصرار قوى سياسية معادية على حذف كلمة "المقاومة".
هذا من أبسط الأمثلة التي يمكن إيرادها في هذا الصدد، والذي أصبح التفاوض عليه، بفضل المجلس الجديد من موقع أقوى للمدافعين عن هذه المقاومة والثلاثية الذهبية الضامنة لاستقرار وأمن لبنان.
العهد