ارقام وحقائق من مشهد العراق الانتخابي
تعد الانتخابات البرلمانية العامة في العراق، اهم وابرز حدث سياسي-جماهيري في العام الذي تجرى فيه، لانه على ضوء نتائج تلك الانتخابات ومعطياتها تترتب امورا كثيرة، او هكذا يفترض، لعل من بينها، او في مقدمتها، مجيء برلمان جديد، وحكومة جديدة، حتى وان كانت التغييرات قليلة وغير جذرية.
ولاشك ان المراقب والمتابع يمكنه ان يرصد جملة ارقام وحقائق في مشهد العراق الانتخابي، تشكل بمجموعها مع ما تفرزه صناديق الاقتراع وكواليس التفاوض فيما بعد، صورة المرحلة السياسية المقبلة في العراق، لاربعة اعوام مقبلة وربما لاكثر من ذلك.
مرشحون وكتل وتوقعات
بحسب المصادر الرسمية للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، سيتنافس 6986 مرشحا على 329 مقعدا في ثمان عشرة محافظة عراقية، وعدد المرشحين الذكور من بينهم بلغ 4972 مرشحا، فيما بلغ عدد المرشحات من الاناث 2014 مرشحة، وبلغ عدد المشمولين بأجراءات المساءلة والعدالة 374 مرشحا، وعدد الذين تم استبدالهم 220 مرشحا.
وبالمقارنة مع انتخابات عام 2014، يتضح ان هناك تراجعا في اعداد المرشحين، ففي العام المذكور ترشح 9039 مرشحا، ونفس الشيء بالنسبة لعدد الكيانات السياسية، فبينما كانت قبل اربعة اعوام، 277 كيانا، انخفضت في عام 2018 الى 204 كيانا.
ويحق لاربعة وعشرين مليون شخص المشاركة في الانتخابات المقبلة، في حين كان عدد من يحق لهم المشاركة في انتخابات عام 2014، اثنين وعشرين مليون شخص، حيث بلغت نسبة المصوتين حوالي 60%، هذا في الوقت الذي تذهب مجمل الاستطلاعات والتوقعات الى ان نسبة المشاركة في انتخابات الثاني عشر من ايار-مايو المقبل لن تتعد 55% في افضل الاحوال.
اسماء غابت واخرى حضرت
الملفت في مشهد العراق الانتخابي، هو غياب عدد من الشخصيات السياسية البارزة، التي كانت حاضرة بقوة في الانتخابات السابقة.
ومن بين ابرز تلك الشخصيات، رئيس تيار الاصلاح الوطني ووزير الخارجية ابراهيم الجعفري، والوزير السابق والقيادي في المجلس الاعلى الاسلامي العراقي باقر جبر الزبيدي، والنائب الاول السابق لرئيس مجلس النواب الشيخ خالد العطية، ووزير النفط الاسبق حسين الشهرستاني، ووزير النفط والقيادي السابق في المجلس الاعلى عادل عبد المهدي، والامين العام للحزب الاسلامي العراقي اياد السامرائي.
وهناك شخصيات بقيت بعيدة عن معترك التنافس الانتخابي المباشر، رغم تزعمها لكتل سياسية انتخابية تحظى بمساحات جماهيرية لابأس بها، مثل زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر، ورئيس تيار الحكمة الوطني السيد عمار الحكيم، ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني، والامين العام الجديد للاتحاد الوطني الكردستاني كوسرت رسول علي.
وجوه فنية ورياضية واعلامية
الظاهرة الملفتة كذلك في مشهد العراق الانتخابي لعام 2018، هي مشاركة وجوه فنية ورياضية واعلامية كثيرة من كلا الجنسين، لم يعرف عنها تعاطيها او اهتمامها بالعمل والنشاط السياسي، مثل الفنان فاضل عواد، ولاعب كرة القدم السابق احمد راضي، اللذان رشحا عن ائتلاف الوطنية الذي يتزعمه اياد علاوي، والمدير الاداري للمنتخب الوطني العراق لكرة القدم باسل كوركيس، الذي رشح عن قائمة الرافدين المسيحية برئاسة عضو البرلمان الحالي ورئيس الحركة الديمقراطية الاشورية يونادم كنا، ومدرب منتخب العراق للصالات هيثم عباس بعيوي، والامين المالي للجنة الاولمبية العراقية سرمد عبد الاله، اللذان ترشحا ضمن تحالف النصر برئاسة رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، ورئيس الاتحاد العراقي لالعاب القوى طالب فيصل، الذي ترشح ضمن ائتلاف دولة القانون، برئاسة نائب رئيس الجمهورية الحالي نوري المالكي، وبطلة اسيا لالعاب القوى ميساء حسين، التي ترشحت ضمن تحالف ارادة برئاسة عضوة البرلمان الحالية حنان الفتلاوي، وعميد كلية التربية الرياضية في جامعة بغداد عدي الربيعي، الذي ترشح ضمن قائمة كفاءات للتغيير برئاسة عضو البرلمان الحالي هيثم الجبوري.
وتعول الكتل السياسية على الوجوه الفنية والرياضية والاعلامية، في كسب اصوات فئات وشرائح معينة، قد لاتتفاعل مع الوجوه والعناوين السياسية بقدر تفاعلها مع الوجوه الفنية والرياضية والاعلامية، في ذات الوقت، فأن تلك الوجوه تطمح الى دخول المعترك السياسي من بوابة مجلس النواب، سعيا وراء امتيازات ومكاسب مادية ومعنوية.
كتل وشعارات جديدة
وعند التعمق في مشهد العراقي الانتخابي، يمكن ان نجد اسماء لكتل جديدة، ومعها شعارات جديدة، واغلب هذه الكتل في الواقع تتألف من ذات القوى والاحزاب مع اضافات طفيفة، وانتقالات وتحولات من هنا الى هناك او العكس، كما هو الحال مع تحالف النصر، وتحالف الفتح، وتحالف القرار العراقي، وتحالف الوطن، وقائمة السلام الكردستانية، وتيار الحكمة الوطني، وتحالف سائرون، وتحالف ارادة، وغيرها.
بيد ان معظم تلك الكتل والقوائم والتحالفات، لم تبرز انجازات تثير وتحفز الناخب على التعاطي والتفاعل معها ايجابيا، وكذلك لم تطرح برامج تلامس اشكاليات الواقع وهموم المواطن، وتتجاوز دائرة الوعود المكررة والخطابات الانشائية المستهلكة، رغم انها جاءت بالكثير من الاسماء الجديدة الى جانب الوجوه القديمة. ولعل هذا ما يجعل التوقعات بخصوص نسب المشاركة في الانتخابات لاتذهب بعيدا عن الـ(50%)، وهذا الرقم او قريبا منه، من الممكن ان يكون هو الاطار العام لمشهد العراق الانتخابي لعام 2018 بكل ما يشتمل عليه من تفاعلات وتداعيات، وحقائق ومعطيات.