دمشق على طريق استعادة غوطتها: الطبل بحرستا... والعرس بالقصاع
مرح ماشي
قذيفة ليلية على حي القصاع كفيلة بإقلاق راحة الساهرين على أنغام الموسيقى الصاخبة في دمشق القديمة. بعض من لم يعتادوا بعد على الموت المخيّم جمعوا أغراضهم ومضوا إلى منازلهم. فيما احتلت أخبار معارك الغوطة الشرقية لدمشق أحاديث الباقين، باعتبارها منطلق القذائف التي تجتاح شوارع المدينة يومياً.
وعلى الرغم من تقدم الجيش وفصل بعض المناطق الاستراتيجية عن بعضها البعض، غير أن ذلك لم ينهِ حالة القلق المستمر من القذائف المتساقطة، حتى اللحظة، على الأحياء السكنية. على أنغام الموسيقى الصاخبة وأصوات القصف والمعارك القريبة يقضي رواد المدينة القديمة ومطاعمها سهراتهم. لا مبالاة عجيبة لدى البعض بمتابعة السهرة والنقاش حول مستجدات الوضع الميداني. يجمع الدمشقيون على أن مسألة القذائف على أحياء العاصمة لن تنتهي إن بقي شبر من الغوطة الشرقية خارج سيطرة الجيش، وخاصة دوما التي تمثل رأس حربة في احتجاز مدنيي عدرا العمالية وإطلاق القذائف على الأحياء السكنية. يردد الدمشقيون مثلهم الشعبي القديم «العرس بدوما والطبل بحرستا» فيما يبدو اليوم أن العرس في القصاع وباقي الأحياء، حيث تشترك حرستا ودوما المصير.
أما النقاشات حول مصير مدنيي المنطقة المنكوبة وفتح ممرات إنسانية في انتظار عبور من يريد طي صفحة الموت خلفه فيختلف «الموالون» حول اعتبار مدنيي الغوطة بيئة حاضنة للمسلحين، أم أنهم مجبرون على الانصياع لإرادة مسلحي «جبهة النصرة» و«جيش الإسلام» وشركائهما الذين يستخدمونهم دروعاً بشرية.
وفي ظل منع المسلحين للمدنيين من الخروج، عبر ممرات سمح بها الجيش، استطاع أكثر من 120 شخصاً العبور على مدار اليومين الماضيين، بينهم 60 شخصاً من بلدة مسرابا، بعد السيطرة عليها، وهروب المسلحين إلى مزارعها الشمالية.
في حين يتوقع إنهاء قضية حمورية عبر تسوية سياسية، بعد توالي خروج تظاهرات في أحيائها، ترفع العلم السوري، في محاولة للعودة إلى «حضن الوطن». هكذا يمضي سكان العاصمة سهراتهم، منتظرين مع دمشق عودة غوطتها إليها.
أحاديث مطولة تدور بين من تأثر من الموالين بإخفاء العلم السوري طيلة هذه السنوات، لرفعه في هذا اليوم المنتظر بالنسبة لبعض أهالي الغوطة، وآخرين اعتبروا الحادثة مجرد ممالأة للأقوى. وجهاء حمورية جرّبوا التواصل مع الجيش، بهدف مفاوضات التسوية السياسية، ونجحوا في الخروج عبر المعابر الرسمية، إلى مطار الضمير العسكري، بحسب وسائل إعلام معارضة. عودة الوجهاء إلى البلدة حاملين بنود اتفاق سياسي، أثارت ارتياحاً داخل حمورية، إذ يقضي الاتفاق بتسوية أوضاع المسلحين بعد تسليم أسلحتهم، أو إخراجهم إلى مدينة إدلب فيما يكفل الاتفاق تحييد المدنيين وإبقاءهم في منازلهم. ممثلون عن «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن» بدوا غير معنيين بأي تسوية سياسية متوقعة تقضي باستسلام مسلحيهم.