تعبّد طريق الجيش السوري إلى الغوطة
معن حمية
عند كلّ محطة حسم تستهدف التنظيمات الإرهابية في سورية، تقف الدول الراعية للإرهاب عائقاً، وتستخدم كلّ ما تملك من وسائل الضغط لمنع سقوط القواعد الإرهابية بيد الجيش السوري. ومن الوسائل المستخدمة اتهام دمشق بحصار المدنيّين ومزاعم استخدام السلاح الكيماوي، وعلى خلفية هذه الاتهامات والمزاعم تصعّد الدول الراعية للإرهاب مواقفها وحملاتها تارة تحت عناوين وشعارات الدفاع عن حقوق الإنسان، وطوراً بالتهديد والوعيد بعمليات عسكرية مباشرة.
ولأنّ الغوطة الشرقية، تمثل أخطر قاعدة إرهابية في سورية، لكونها تتاخم العاصمة دمشق، وتحوي الآلاف من الإرهابيين الموزّعين على مجموعات وتنظيمات تتبع لدول وممالك وإمارات مشتركة في الحرب على سورية، فإنه من الطبيعي أن نشهد كلّ هذه الحملات من قبل رعاة الإرهاب نصرة الغوطة الشرقية، لأنّ هزيمة الإرهاب في هذه المنطقة، تقوّض ما تبقى من رهانات على إمكانية نجاح المشروع التفتيتي الذي يستهدف سورية منذ سبع سنوات.
ما هو مؤكد أنّ الغوطة الشرقية بموقعها، وبما تحوي من عناصر إرهابية بعشرات الآلاف، تشكل قاعدة متقدّمة للإرهاب. وهذه القاعدة تمّت تهيّئتها لكي تكون محورية في اللحظة التي تحدّد فيها الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها الساعة الصفر لتغيير قواعد الاشتباك من خلال توجيه ضربات عسكرية تستهدف الجيش السوري، لتمكين الإرهابيين من السيطرة على مناطق في محيط دمشق وإحداث خرق في العاصمة. وهذا الأمر ظهر بوضوح في الآونة الأخيرة، ولم يعد مجرد احتمال، إذ إنّ التهديدات التي أطلقتها أميركا وفرنسا وبريطانيا، وتجنيد عشرات المسؤولين في الأمم المتحدة للحديث عن استخدام دمشق الأسلحة الكيماوية واتهامها بقصف وحصار المدنيين، خلافاً للواقع الذي يثبت أنّ الإرهاييين هم مَن يقصفون المدنيين والهدنة.
ومن الإشارات الدالة على أنّ هناك خطة لاستهداف الجيش السوري واستخدام الغوطة الشرقية نقطة انطلاق لاستهداف مواقع الجيش إعادة تفعيل مخيمات وقواعد التدريب في التنف بإشراف أميركي وفي الأردن. وهذه المخيمات تحوي آلاف العناصر الذين سيُدفع بهم إلى الغوطة.
وعليه، فإنّ ما أظهره الجيش السوري من تصميم على تحرير الغوطة الشرقية وإسقاطها كقاعدة إرهايية، هو بمثابة تأكيد أنّ الدولة السورية وحلفاءها عازمون على إجهاض ما تخطط له أميركا وحلفاؤها.
الولايات المتحدة والدول المتحالفة معها، قابلت تأكيد سورية على الحسم في الغوطة بالتصعيد وبمواقف تشي بعمل عدواني ضدّها. الأمر الذي تعتبره روسيا تجاوزاً للخطوط الحمر التي رسمها الوجود الروسي في سورية. وهذا ما دفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأن يرفع البطاقة الحمراء بموقف غير مسبوق أعلن فيه أنّ بلاده ستردّ على أيّ هجوم نووي أو بالستي يستهدف روسيا أو حلفاءها كاشفاً عن قدرات نوعية وترسانة متطوّرة تمتلكها روسيا.
بطاقة بوتين الحمراء التي استندت إلى عامل القوة أربكت الولايات المتحدة، فسارع البنتاغون الأميركي إلى الاعتراف ضمناً بأهمية القدرات الروسية، وحرص على تأكيد أنّ القدرات الأميركية لا سيما الصاروخية ليست موجّهة الى روسيا. واللافت هو تأكيد البنتاغون ان لا أدلة على استخدام أسلحة كيماوية في الغوطة الشرقية!
وعليه يصحّ الجزم بأنّ أميركا لم تقرأ جيداً الاستعدادات السورية لحسم معركة الغوطة الشرقية بتأييد ودعم مطلقين من روسيا وإيران، لكنها بالتأكيد فهمت جيداً رسالة الردع الروسية التي أعلنها بوتين، وأنّ طريق الجيش السوري إلى الغوطة الشرقية يجب أن تخلو من العوائق الأميركية.