هدية السيسي لنتنياهو.. الغاز مقابل رئاسة آمنة
رأى مراقبون أن تعليق رئيس الوزراء "الإسرائيلي"، بنيامين نتنياهو، على صفقة الغاز الأخيرة مع مصر بأنه يوم عيد لإسرائيل، يعدّ تعبيرا صادقا عن قيمة الهدية التي قدمها رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي لنتنياهو، الذي يعاني من أزمة سياسية تكاد تطيح به من منصبه، بعد تورطه ونجله ومقربون منه في قضايا فساد.
الكاتب الصحفي المتخصص في الشؤون العربية، سمير حسانين لـ"عربي21" أكد أن نتنياهو حقق مكاسب اقتصادية وسياسية من هذه الصفقة سوف تساعده في تجاوز الأزمة التي يواجهها هو وحكومته، في ظل التحقيقات التي تجريها الشرطة ضده خلال الأيام الماضية.
ويضيف حسانين أن الصفقة يمكن أن تكون بابا جديدا لمزيد من التطبيع على المستوى الشعبي، باعتبار أن الغاز يمثل سلعة استهلاكية ترتبط بعموم الجماهير بشكل مباشر، ولعل هذا تحديدا ما كانت تتمناه "إسرائيل" منذ توقيع معاهدة السلام مع مصر، لكنها في الماضي كانت مستعدة لدفع ثمن كبير مقابل تحقيق ذلك. أما الآن، فهي تحصل عليه دون شيء، إلا لحفاظ السيسي على منصبه، على حد قوله.
بيع كامل
بدوره، يقول الباحث المتخصص في الشؤون العسكرية والأمن القومي، عبد المعز الشرقاوي، إن "السيسي مقابل بقائه في منصبه دون منغصات، على استعداد لبيع مصر، كلها دون أدنى اعتبار للأمن القومي، ليس المصري فقط، وإنما العربي كله".
وأوضح أن ما أسماها "المسرحية التي تنتجها دولة الإمارات بشراكة أمريكية لصالح "إسرائيل" بدأت ملامحها في الاكتمال، بدءا من إعلان أحمد شفيق دخول الانتخابات، ثم السيطرة عليه، وبالتالي تم الدفع بورقة أخرى أقوى، وهي سامي عنان، الذي كان مهددا حقيقيا لبقاء السيسي وقياداته الداعمة في الجيش، وبالتالي فهي كانت بمثابة أوراق ضغط ليس إلا".
ويلفت الشرقاوي الأنظار إلى اللقاء الذي جمع بين وزير خارجية مصر، سامح شكري، ورئيس الوزراء "الإسرائيلي"، نتنياهو، على هامش أعمال قمة ميونخ للأمن، المنعقدة في ألمانيا، "وهو الاجتماع الذي لم تخرج أي تصريحات من الجانبين عن محتواه، لكن الأحداث تشير إلى أن نتنياهو، الذي يمر بأزمة سياسية عاصفة تهدد بقاء حكومته، طلب من السيسي القيام بواجبه تجاهه، وبالتالي كان الضوء الأخضر من مصر لإتمام الصفقة".
ويرى الشرقاوي أن "إعلام السيسي يحاول تجميل الصفقة، دون الالتفات لخطورتها على الأمن القومي المصري، من خلال وصفها بأنها للصالح الوطني، وأنها ضربة لتركيا، لكنهم لم يلتفتوا إلى أن القرار المصري أصبح في يد الحكومة والموساد الإسرائيلي؛ لأن الوضع باختصار أن هذا الغاز سيتم استخدامه كمشغل أساسي للاستهلاك الشخصي والعام، حتى لا يمكن الاستغناء عنه بعد ذلك".
دفع ثمن البقاء
ويستبعد الباحث في علم الاجتماع السياسي في الجامعة الأمريكية، سيف المرصفاوي، أن يكون السيسي حصل على مقابل بسبب الصفقة؛ "لأنه يقوم بتسديد ثمن بقائه حتى الآن في منصبه، والتغاضي عن جرائمه ضد شعبه، وحملة التضييق الدائرة على المعارضة، والزج بهم في السجون، وأخيرا مسرحية الانتخابات الرئاسية المرتقبة".
وأضاف المرصفاوي أن الأيام القادمة يمكن أن تحمل جديدا ومزيدا من الصفقات لصالح "إسرائيل"، التي دعمت السيسي منذ اليوم الأول لظهوره، ليس قائدا للانقلاب، ولكن من أجل دعمه حتى وصل لمنصب وزير الدفاع بعهد محمد مرسي، وبالتالي فقد حان الوقت أن يقدم المقابل المطلوب منه، خاصة أن "إسرائيل" تضمن له عدم الغضب الأمريكي، كما أنها تضمن له الدعم المتواصل من المجتمع الغربي والمنظمات الدولية، وهو الدعم الذي أبقاه في مكانه حتى الآن، رغم كثرة أزماته.
وقال المرصفاوي إن العلاقات بين السيسي ونتنياهو حميمية أكثر من اللازم، ويكفي أنهما يتواصلان أسبوعيا من خلال الهاتف بصورة منتظمة، حيث يرى السيسي أن ثبيت أقدامه في المجتمع الدولي مرتبط بدعم "إسرائيل"؛ ولذلك فليس لديه مانع من أن يشارك بأموال المصريين في دعم الخزانة "الإسرائيلية" ضد الشعب الفلسطيني المحاصر، وكأنه عقد صفقة لقتل الشعب الفلسطيني بأموال عربية، فضلا عن سعيه المستمر لتدمير الاقتصاد المصري.