سوريا واجهاض الحسابات الخاطئة
ما ادلى به السفير الاميركي السابق في دمشق "روبرت فودو" مؤخرا في جلسة استماع للجنة السياسة الخارجية في مجلس النواب الاميركي هو في الواقع تصريحات خطيرة وغير مسبوقة حول تدخل بلده السافر في الشأن السوري وهو يكشفها لاول مرة من ان "اميركا وظفت من عام 2014 الى 2017، 12 مليار دولار لاسقاط الرئيس الاسد"، ومن ثم اضاف ان هذا المبلغ هو غير المليارات التي انفقتها اميركا لتأجيج الازمة في هذا البلد، ابتداء من عام 2011. السفير "روبرت فورد" الذي هو احد العناصر الرئيسة للفتنة في سوريا عبر تحركاته المحمومة والعلنية في بعض المدن السورية في بداية الازمة لم يكشف عن الحقائق كاملة ومنها ان البيت الابيض وظف اكثر من ثمانية مليارات دولار للمجموعات الارهابية المسلحة لكنه يعلن بوقاحة ان هذا المبلغ قدم بمثابة مساعدات انسانية للشعب السوري.
غير ان تقديرات بعض الخبراء ترجح ان يكون الانفاق الاميركي في سوريا منذ عام 2011 وحتى اليوم تجاوز العشرين مليار تحت يافطة ايجاد دولة ديمقراطية في سوريا!. وهذه الاموال غير عشرات المليارات التي انفقتها السعودية وقطر وتركية وغيرها. الادارات الاميركية المتوالية الحمقاء وهذه ليست اهانة او تهمة بل حقيقة يجب ان يطلع عليها الرأي العام الاقليمي والدولي من ان "احمد اوغلو" وزير الخارجية التركي الاسبق "منظر الامبراطورية العثمانية الجديدة" هو من اقنع اميركا بان الرئيس الاسد سيسقط خلال ستة اسابيع وهذا ما فتح شهية الادارة الاميركية حينها للتدخل والتفرد بالكعكة السورية، واليوم مضى على الازمة السورية اكثر من سبع سنوات والرئيس الاسد صامد في موقعه كرئيس شرعي انتخبه شعبه ولا يحق لاي طرف مهما كان التحدث بالنيابة عنه.
ولا شك ان مسلسل الحسابات الاميركية والصهيونية والعربية الرخيصة الخاطئة تجاه سوريا مازال مستمرا وانهم يدخلون من مطب الى مطب آخر دون ان يحققوا اي من آمالهم الخائبة واحلامهم المريضة وستبقى حسرة في قلوبهم وسيموتون بغيظهم وان سوريا التي ارادوا اسقاطها هي اليوم اقوى مما كانت عليه قبل سبع سنوات وهي على اعتاب اقفال الملف الخبيث الذي قادته اميركا واذنابها في حرب اشبه بالكونية ضدها. وعملية اسقاط الطائرة "اف 16" الصهيونية يوم السبت الماضي فوق الاراضي الفلسطينية المحتلة برهنت ان سوريا هي اليوم في موقع جديد واستراتيجية جديدة تستطيع وضع حد للعربدة الصهيونية وتهديدها التي تكررت كثيرا ضد سوريا وقد حدث فعلا ذلك فصاروخ سوري يرعب الكيان الصهيوني ويهز اركانه لدرجة ان يخرج الاجتماع الامني الوزاري والمصغر للكيان بعد اسقاط الطائرة "اف 16" ببيان يعلن فيه بان "اسرائيل" لا تريد التصعيد مع ايران وسوريا ناهيك عن اتصال نتنياهو بموسكو وواشنطن بطلب التهدئة.
الفضيحة المدوية لهذا الكيان وقادته الذين هم اليوم في دائرة الاحراج بان رئيس الاركان الصهيوني تحدث قبل ثلاثة اسابيع في اجتماع لمركز دراسات الامن القومي "الاسرائيلي" بان "الميزان العسكري في المنطقة بالمطلق لصالح اسرائيل" فيما اضاف خبراء آخرون بان "اسرائيل في افضل حالاتها" واذا بالنكسة والصدمة تباغتهم بهذا الشكل المفاجئ التي تحبس انفاسهم وتلجم عربدتهم وهم اليوم منهمكين في البحث عن مخرج لهذه المحنة القاسية التي تحاصرهم وهذا يوكد ما ذهبنا اليه بانهم مستمرون في حساباتهم الخاطئة والوهمية في قراءتهم للمشهد السوري المدعوم من محور المقاومة. وحسب المعطيات الحالية فان الكيان الصهيوني لا يخاطر بوجوده بعد هذه الضربة الموجعة ويفكر الف مرة قبل ان يرتكب اي حماقة ضد اي جبهة من جبهات محور المقاومة التي اعلنت وحدة موقفها وتصديها الموحد لاي عدوان محتمل وهذا يعني الاستعداد والجهوزية الشاملة للمعركة الفاصلة مع هذا الكيان المصطنع والطارئ على المنطقة ومحوه نهائيا ليعم السلام والامن في ربوعها وينهي كل التدخلات الاميركية والغربية التي تبتز دول المنطقة من خلال هذا الاسطول الخبيث الذي اوجده لتمرير مصالحهم اللامشروعة.