لا أمان للاحتلال اليهودي في بلادنا
معن حمية
«وعد بلفور» بجعل فلسطين وطناً قومياً لليهود، «يقيّد الدولة البريطانية باليهود». وكذلك، قرار ترامب الأخير الذي يعترف بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال اليهودي، هو قرار يقيّد الدولة الأميركية باليهود، وليس للوعد المشؤوم ولا للقرار المشين أيّ قيمة حقوقية على الإطلاق. ففلسطين واقعة تحت احتلال يهودي ارتكب المجازر بحق الفلسطينيين بمؤازرة الدول الاستعمارية، وهذا الاحتلال، ككلّ احتلال، سيزول، طال الزمن أم قصر.
في عقيدتنا، المسألة الفلسطينية هي جوهر القضية القومية، وفلسطين، جزء لا يتجزأ من أمتنا، والفلسطينيون هم من أبناء شعبنا، ولذلك نحن حركة صراع وقتال، واتصالنا باليهود هو «اتصال الحرب والنار.. واتصال الأعداء بالأعداء». فخطر اليهود «لا ينحصر في فلسطين بل هو يتناول لبنان والشام والعراق أيضاً».
في العام 1982 كاد لبنان أن يتحوّل لفلسطين محتلّة ثانية، فقد وصل العدو اليهودي في اجتياحه إلى العاصمة بيروت، مستهدفاً إخضاعه بفرض اتفاقية «سلام» وفق المفهوم الذي كان سائداً حينذاك، ولم يكن هناك إنقاذ للبنان من مفاعيل الاجتياح اليهودي إلا عن طريق المقاومة التي أسقطت اتفاق 17 أيار الخياني بسيل من الدماء.
ولبنان الذي أسقط 17 أيار ودحر الاحتلال، رسّخ ثابتاً هو أنّ «إسرائيل» عدوّ، وعلى هذا يجمع اللبنانيون وفي الطليعة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
كما أنّ لبنان يضع في أولوياته تحرير ما تبقى من أراضٍ له لا تزال تحت الاحتلال، وهو قرّر البدء باستخراج النفط والغاز من حقوله البرية والمائية. وكلّ هذا لم يكن ليحصل لولا أنه شكّل قوة ردع حقيقية تمثلت بمعادلة جيشه وشعبه ومقاومته في مواجهة العدو اليهودي.
وعليه، فإنّ لبنان الذي قاوم لتحرير أرضه من الاحتلال، لا يستطيع إلا أن يكون مع فلسطين في مقاومتها وداعماً لحق عودة الفلسطينيين إلى أرضهم وقراهم وبيوتهم. وهذا ينسجم مع موقفه الرافض للتوطين.
لذا، لا يحق لأحد في لبنان، أن يمنح الاحتلال حقاً بالأمان. فهذا الاحتلال جلب الويل والدمار ليس لفلسطين وحسب، بل للبنان والشام والعراق، فحيث هناك إرهاب وقتل ومجازر وإجرام، فتّش عن «إسرائيل».
ثمة أمر آخر، لا بدّ من تأكيده، وهو أنّ مقاربة المسألة الفلسطينية، يجب أن تتمّ فقط على قاعدة الحق المطلق للفلسطينيين بفلسطين كلها. وهذا حق طبيعي لشعبنا دون غيره.
ولأنّ لبنان لم يتخاذل إزاء قضية فلسطين ولن يتخاذل، ولأنّ لبنان واجه الاحتلال «الإسرائيلي» وانتصر، فليس مطلوباً منه أن يطمئن «إسرائيل»، بل أن يبقى على صموده وموقفه ومقاومته، منتصراً لفلسطين، ثائراً بوجه العدوان والاحتلال، وغير آسف على موت «أمم» نائمة، وعلى دول عربية وإسلامية متخاذلة ومتآمرة على فلسطين لصالح العدو تارة بالتلطّي خلف بدعة «الحقوق» الدينية، وطوراً بالتطبيع والاستسلام وصكوك الإذعان.