kayhan.ir

رمز الخبر: 69146
تأريخ النشر : 2018January01 - 20:10

أردوغان.. البهلوان من جديد


نظام مارديني

كما كانت حلب مقبرة أوهامه، ها هي إدلب تقترب رويداً رويداً من أن تشكّل نهاية أحلام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في الشمال السوري، وذلك بعد تقدّم الجيش السوري في ذلك المحور الذي كان قد سبق تقدّمه تصريحَين مهمّين الأول للرئيس السوري بشار الأسد، الذي أعطى الضوء الأخضر لاستعادة إدلب إلى حضن الدولة، والثاني، تصريح وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف عن أنّ العام المقبل سيكون عام القضاء على «جبهة النصرة» الإرهابية، ما يعني أنّ دمشق لن تقبل أبداً بأيّ دور لـ»إخوان الشياطين» في مستقبل سورية.

تصريحان دفعا أردوغان لكشف ما تُضمره نفسه، وليطلق لسانه تجاه الرئيس الأسد في إعادة تجديد أدواره المسرحية، باتجاه الإدارة الأميركية والسعودية، ما يذكّرنا أردوغان بالبهلوان، بطل مسرحية «بيت الزوجية» للمسرحي العراقي شاكر خصباك في المسرحية التي تحمل اسمه، وهو يحاول أن يسلّي المتفرّجين بين فقرات البرنامج. فلماذا لا يُسدل هذا البهلوان الستارة على مسيرة حياته الإجرامية بحقّ السوريين والعراقيين والمصريين والليبيين، ويذهب ليصطاد السمك في البحر الأسود؟

لا شكّ في أنّ «المنغّصات» التركية ثلاثية الأبعاد: عودة الدولة السورية إلى بسط سيادتها على 90 في المئة من الأراضي وهي تتّجه لاستعادة إدلب، العصا الروسية، ودبابير كرد سورية التي أُطلقت من أعشاشها وبحماية أميركية. وهنا، لعبة الدبلوماسية لا تحتاج إلى الجنون كثيراً، قدر حاجتها للعقل ولو قليلاً، إلّا أنّ الرهان على الأوهام أفضى إلى حماقات أردوغان، وإلى المزيد من الشطط والخسارات. وبالمقابل، سيشكّل الركون السوري للعقل دافعاً عميقاً للحماية والمنع ومراقبة العدو التركي، كما الصهيوني والوهابي، وهو إذ ينتفخ بأوهامه. وفي هذا السياق، شكّل استقبال الأسد للعشائر الكرديّة صفعة قوية له وللمحور المعادي، وجاء ظهور أسلحة جديدة بيد «النصرة» منها مضادّات طيران، وقصف قاعدة «حميميم» الروسية، الاعتداء بالصواريخ على محطة كهرباء الزارة في محردة ودخول قوات تركية شمال ريف حلب، جاءت كلّها في سياق تقديم أوراق اعتماده لواشنطن والرياض الأولى بإنهاء لعبة التأشيرات بين تركيا والولايات المتحدة، والثانية بإرسال رئيس وزرائه إلى السعودية وفتح صفحة جديدة معها. وقد سبق كلّ ذلك عقد مؤتمر برعاية الحكومية التركية، وهو الثاني من نوعه خلال أقلّ من شهر لما يُسمّى بـ»شيوخ العشائر» واتخاذه قرار تشكيل «جيش وطني» يحارب ضدّ الأكراد ومحور المقاومة!

أردوغان الذي تتداخل في شخصيته رقصة السلاطين ورقصة الدراويش، كان يُصرّ على «كلّ سورية»، وليس على جزء منها فقط. الآن يسعى لجزء الجزء بأن يكون له موطئ قدم في إدلب، مع وجود قواته المحتلّة في تلك المنطقة بالتعاون مع «جبهة النصرة» الإرهابية، وهو يسعى لتطبيق «دبلوماسية الثعبان» في التأثير على الآخرين من خلال تركيب سيناريوات راعبة، إذا لم يؤخذ بآرائه وبسياساته عشيّة التسويات التي ستفضي إلى تغيير مثير في «الجبهات» السوريّة لصالح محور المقاومة بعد تصريح أردوغان الأخير، ما يذكّرنا بالمثل «العربي» الذي يقول: «إنّ أكل الماعز للفلفل يجعله يصدر أصواتاً غريبة طيلة اليوم». وقد أصبح هذا الموضوع مثلاً للشخص الذي يتكلّم كلاماً فارغاً أو مطوّلاً من غير فائدة. فلماذا الاهتمام بهذا الدونكيشوتي، الذي يحمل سيفه ولا يحارب إلّا طواحين الهواء؟

وهكذا، فإنّ «السلطان العثماني» زادت «لوثته» مؤخّراً، عندما وصل إلى مسامعه أنّ الجيش السوري باتَ قاب قوسين أو أدنى من إنهاء حلمه في شمال سورية.

لنعوم تشومسكي، المفكّر والمؤرخ الأميركي الشهير، هدية معنوية قوية قدّمها للرئيس التركي قائلاً: «أردوغان أنت حثالة».