التواجد الاميركي وصمت العبادي
أميركا كانت تهدف وبغزوها العراق بذريعة تبت زيفها وكذبها ان يكون هذا البلد منطلقا أو مركزا استراتيجيا لها لتنفيذ مخططاتها التي اعدتها لهذه المنطقة.
الا ان الرفض العراقي لتواجد القوات الاميركية من خلال المواجهة التي اتخذت صورا واشكالا مختلفة فرضت على واشنطن توقيع الاتفاقية الامنية الاستراتيجية مع بغداد التي اشترطت خروج قواتها من العراق، وفعلا قد تم تنفيذ هذا الامر وخرجت القوات الاميركية مما اثار استغراب الكثير من الدول بحيث ان ميركل قد خاطبت المالكي وفي احدى لقاءاته متسائلة "كيف تمكنتم ان تخرجوا اميركا من دون ان تثبت قواعد في بلدكم".
الا انه وبعد ان خرجت اميركا تحمل اذيال الخيبة من الباب فانها عادت الى العراق من الشباك وبذريعة وليدها الجديد "داعش" الارهابي الذي مكنته من السيطرة على بعض المدن العراقية، من خلال تشكيل تحالف صوري يحمل عنوانا كاذبا وهو محاربة "داعش"، الا انه ومن خلال التجربة ثبت ان هذا التحالف كان نعم العون لهذا التنظيم بحيث وقفت عقبة كأداء امام عمليات القوات العراقية وقوات الحشد الشعبي من خلال ضربها بالطائرات لعرقلة هجومها على مواقع الارهابيين من جانب، ومن جانب اخر تقوم باجلاء قادة هذا التنظيم فيما اذا أحيط بهم او وقعوا في منطقة الخطر، وبهذا الاسلوب استغلت الظروف وعمدت الى ادخال بعض قواتها واستقرارها في بعض المدن والمعسكرات.
واليوم وبعد ان خيب الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي امال الاميركيين وحلفائهم بعد تحقيق الانتصار على "داعش" وتم تطهير الارض العراقية من دنس هؤلاء المجرمين الا من بعض الجيوب في بعض الاماكن والتي تواجه الضربات الجوية والبرية اليومية، واصبح وجود القوات الاميركية على الارض العراقية غير مبرر، اخذت تصدر التصريحات من القيادات العسكرية الاميركية من انها ستبقي اعدادا من قواتها بهدف تدريب وابداء المشورة للقوات العراقية، وعلقت اوساط اعلامية وسياسية عراقية على هذا التبرير غير الموجه ساخرة بالقول في الوقت الذي كان 140 الف عسكري اميركي ومن جميع المراتب على الارض العراقية ولسنين طويلة لم تتمكن من ان تطور او تحدث تحولا نوعيا في القدرات العسكرية العراقية، فكيف يمكن بهذا العدد تستطيع ان تفعل ذلك؟!
والسؤال المهم هنا هو انه وكما اعلن من ان تواجد القوات الاميركية فرضها وجود "داعش" الارهابي كما يزعمون، فاليوم اصبح العراق خاليا من هؤلاء القتلة، فما المبرر لبقاء القوات الاميركية على الارض العراقية؟، مما حدا ارتفاع صوت المطالبات من بعض القيادات السياسية والبرلمانيين وابناء الشعب العراقي من خلال تظاهراتهم من الحكومة ان تجيب على التساؤلات المطروحة وتنهي الوجود العسكري الاميركي، لكن الاستغراب الذي بدا عند الاوساط السياسية والاعلامية هو السكوت المطبق للقائد العام للقوات المسلحة العراقية العبادي الذي لم يحرك ساكتا او يتطرق لهذا الامر من قريب او بعيد وكأنما الامر لايعنيه مما دفع هذا السكوت ارسال التحذيرات للعبادي من قبل البرلمانيين للحضور الى قاعة البرلمان ليجيب عن الاسئلة المطروحة بهذا الخصوص وبصورة صريحة وشفافة.
والمهم في الامر ايضا فان ابناء المقاومة العراقية وبمختلف فصائلها اعتبرت التواجد الاميركي على الاراضي يعتبر احتلالا للبلاد، ولذا فانهم حذروا وبصورة قاطعة وفيما اذا لم تتخذ الحكومة العراقية موقفا تجاه التواجد الاميركي فانهم سيحملون السلاح في مواجهته حتى يطهروا ارضهم منه كما طهروها من دنس الدواعش المجرمين.