دمشق نبوءة العرب .. أين الطريق
مها الخطيب
منذ بدء الاحداث في سوريا عام 2011 كنت أقول دائماً، سوريا ستخرج من محنتها وتكون دمشق منارة تقود العرب الى مشروعهم الحضاري الحديث، والآن وسوريا تحقق انتصارها بصمود اَهلها وجيشها والحفاظ على كيان الدولة، أقول ستكون دمشق نبوءة العرب في حاضرهم. ولكن هذه النبوءة ألا تحتاج الى أُطر وقواعد فكرية تتجذر في المجتمع العربي.
لو عدنا الى الماضي القريب، في الخمسينات والستينات ألم يكن جمال عبدالناصر نبوءة العرب، ولكن هذه النبوءة أجهضت بموته، ولعل من اهم العوامل التي أجهضت هذه النبوءة انها لم تتجذر في المجتمع العربي رغم الملايين الذين احبوا عبد الناصر، الا ان المحبة لا تكفي في بناء المجتمع والدولة، فمجتمعاتنا تتعطش الى فكر حر يبنيها، ومفكرين مخلصين يعملون من اجلها لا من اجل مصالحهم وامتيازاتهم.
دمشق صمدت، والسوريون يحققون انتصارا في الميدان، لكن انتصارات الميدان لا تكفي في بناء المجتمع الحر، وبما ان دمشق منارة العرب، فلا يكفي ان يكون هناك اتباع في المدن العربية تؤيد دمشق وإنما يجب ان تكون هناك أُطر تستعد لاستقبال هذه الانتصارات واستثمارها في المجتمع العربي
ان حالة التيه الذي تغرق فيه المدن العربية في الزمن الحاضر ، يهيء فرصة تاريخية امام الانسان العربي كي يخرج من هذا التيه، وخصوصا ان دمشق صمدت رغم التكالب الدولي والنظام الرسمي العربي والعمل من اجل اسقاطها، فأين الطريق.
يبدأ الطريق من الصادقين المخلصين لهذه الامة الذين لا يشترون بمال او جاه، والذين يؤمنون بهذه الامة، يبدأ الطريق من فكر تنويري يقوم أساسا على الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية.
يبدأ الطريق حين تصبح المحبة والصدق عنوانين تقوم عليهما العلاقات الانسانية، ولا يكون هناك مكان للنفاق، والعلاقة من اجل مصالح مادية.
يبدأ الطريق حين يعود المال ليكون وسيلة الحياة الكريمة لا سيدا لأناس عبيد، يشترون بأبخس الاثمان
يبدأ الطريق حين ترتقي الروح فوق الجسد، ويصير الانسان إنسانا لا كما هو اليوم حيوان وحشي بصورة إنسان
يبدأ الطريق حين يكون الله للجميع وليس لفئة او مذهب او طائفة
يبدأ الطريق حين يؤمن الانسان ان هذه الارض تتسع لمخلوقات الله قاطبة
يبدأ الطريق حين يؤمن العرب انه لا تنمية حقيقية بدون كرامة، ولا كرامة بدون استقلال القرار السياسي، ولا استقلال حقيقي بدون تحرير المدن من العملاء والمحتلين، ورأس المدن هي القدس، مدينة تمايز الحق والباطل.
دمشق نبوءة العرب حاضرة بكل تاريخها ومجدها وانتصاراتها، لتقول للعرب .. انا هنا.. فاستعدوا اني قادمة كي أنير لكم درب الحرية والمجد.