المرجعية والضربة الفنية القاضية
كانت انظار ليس العراقيون وحسب، بل كل الذين يريدون للعراق ان يكون موحدا ارضا وشعبا متوجهة الى النجف الاشرف وماذا ستكون كلمتها الفاصلة في مجريات الاحداث الاخيرة خاصة اصرار بارزاني على المضي في المشروع الصهيو اميركي السعودي لتقسيم هذا البلد واضعافه لينهبوا ثرواته وليسيطروا على مقدرات شعبه، وقد تفاوتت الاراء حول ماذا سيكون رأي المرجعية فيما يجري والى اي طرف او جانب تقف رغم ان المطلعين على مواقف المرجعية كانوا متفائلين لكونها دوما صمام الامان للعراقيين وتتخذ موقفها الصارم وفي الوقت المناسب، وستعلن رايها القاطع والذي سيكون الفصل لحل كل الاشكالات التي حصلت وستحصل بعد الاستفتاء .
وفعلا وبعد ان وصل العناد ببارزاني حدا بحيث ضرب كل النداءات والاصوات التي دعته لتأجيل الاستفتاء عرض الحائط وذهب الى ماخطط له، ولكن وكما قيل ان "رب ضارة نافعة" قد تحققت وبصورة لم يتوقعها أحد اذ ان نتيجة الاستفتاء قد جاءت لصالح العراق والعراقيين، بحيث أضعفت البارزاني من جانب للنتائج الضعيفة والمخيبة للامال التي ظهرت بحيث لم تسمح له بالاستمرار فضلا عن انها وحدت الموقف العراقي، بل جعلته اقوى مما كان، خاصه بعد القرارات الجريئة والقوية للحكومة العراقية مدعومة بتأييد شعبي غير متوقع، ولم يقف الامر عند هذا الحد بل جاء موقف المرجعية الفاصل في الامر والذي وكما يقال ان ختامها مسك الداعم لوحده العراق أرضا وشعبا وبصورة لم تدع مجالا لاعداء العراق ان يعبثوا بارضه وشعبه وكما يحلو لهم، بحيث عبرت اوساط سياسية واعلامية ان رأي المرجعية كانت ضربة معلم عرف من خلالها كيف ينبغي ان تدار دفة الامور في هدا البلد والذي كان بلسما شافيا لكل جراحاته ومعاناته.
ان المرجعية العليا التي تحنو على العراق والعراقيين والتي اصبحت الاب الراعي لهم، بحيث وقفت وتقف امام كل مشروع او مخطط داخلي او خارجي يريد ان يصادر المكتسبات التي حصل عليها بعد سقوط صدام المقبور. ولذا فانها وبحق كانت ولازالت الحارس الامين الذي لايعرف للنوم والغفلة معنى، وقد كانت الفتوى التاريخية في محاربة الارهاب ودرء خطره عن المقدسات والتي اخذ الشعب العراقي يقتطف ثمارها وبصورة لم يتوقعها حتى الذين خططوا لهذا الارهاب لكي يبقى بعبعا يخيف ويبتز هذا الشعب والى مالانهاية، الا ان اليوم وبعد الجهود الكبيرة للقوات العراقية مدعومة بغيارى العراق من ابناء الحشد الشعبي فان الارهاب يلفظ انفاسه الاخيرة ولم تبق سوى ايام وكما اعلنت القيادات العسكرية العراقية وتطهر ارض المقدسات من لوث هؤلاء المجرمين القتلة، وبذلك يمكن القول ان الفتوى التأريخية قد حققت نصرا عسكريا كبيرا على اعداء العراق والعراقيين في الداخل والخارج.
وبنفس المنظار يمكن النظر الى رأي المرجعية الاخير في رفضها للاستفتاء وتأكيدها على وحدة العراق ارضا وشعبا يمكن اعتباره نصرا سياسيا كبيرا حقتته المرجعية العليا بالضربة الفنية القاضية والتي اوقعت العدو ومخططاته ارضا فاقدا للوعي والحركة مما يفرض على الحكومة العراقية وبالاعتماد على هذا السند القوي ان تمضي قدما ومن دون أي تلكؤ في الحفاظ على العراق ووحدته من خلال تنفيذ قراراتها وبقوة من دون النظر الى نداءات الداعمين لداعش الذين يطالبون بالذهاب الى حلول ترقيعية تعود بالاوضاع الى المربع الاول والذي عانى ولازال يعاني منها الشعب العراقي الامرين.
وبالامس ولما وصلت القيادات الكردية الى طريق مسدود بفضل الاجراءات الحكومية القاسية التي احكمت الطوق وبصورة خلقت حالة من الارباك في الداخل الكردي استجابت لنداء المرجعية العليا بالقبول بمحاورة الحكومة العراقية لدرء البلاد مما سيترتب على استمرار الوضع من امور قد لاتحمد عقباها، وبنفس الوقت فان الحكومة العراقية قد رحبت بالفكرة الا انها اكدت من انطلاق مبدأ الحوار لابد ان يسبقه الغاء الاستفتاء من قبل الكرد كبادرة حسن نية لانجاح الخطوات اللاحقة التي تدفع بالاوضاع الى طبيعتها الاساسية.