اليمن... أين الإنسانية أين الضمير!؟
هشام الهبيشان
تزامناً مع الوقت الذي حذّرت به الأمم المتحدة، من إمكانية ارتفاع حالات الإصابة بمرض الكوليرا في اليمن، مع قرب موسم الأمطار، مشيرة إلى وصول حالات الإصابة حالياً إلى 480 ألف حالة، وأقرّت بأنّ الوباء امتدّ إلى جميع المحافظات في البلاد البالغ عددها 22 محافظة باستثناء محافظة واحدة لم تسمّها لم يصلها الوباء بعد»، وأوضحت أنّ «هناك ألفي حالة وفاة بسبب وباء «الكوليرا» مرض يسبّب إسهالاً حاداً يمكن أن يودي بحياة المريض خلال ساعات، إذا لم يخضع للعلاج، ويتعرّض الأطفال، الذين يعانون من سوء التغذية، وتقلّ أعمارهم عن 5 سنوات بشكل خاص لخطر الإصابة بالمرض .
وتزامناً مع هذا التحذير الأممي، حذرت منظمة «أنقذوا الأطفال» غير الحكومية البريطانية من أنّ الكوليرا في اليمن في طريقه للخروج عن السيطرة، حيث يُصاب طفل جديد بالمرض كلّ 6 دقائق في مختلف أنحاء البلاد. وأشارت المنظمة إلى أنّ آلاف اليمنيّين مهدّدون بالموت خلال الأشهر القادمة، مع توقعات بارتفاع عدد حالات الإصابة إلى أكثر من 700 ألف يمني بعد أن تضاعفت معدلات انتشار المرض إلى أكثر من 3 أضعاف خلال أسبوعين فقط، مشيرة إلى عجز المؤسّسات الطبية عن السيطرة على الوباء الذي فتك بما يقارب 2000 شخص منذ تفشيه أواخر نيسان/ أبريل الماضي.
وفي اليمن، تحدّثت آخر إحصائية عن الخسائر والأضرار البشرية والمادية الناتجة عن العدوان، لتؤكد أنّ الحرب على اليمن أودت بحياة ما يقارب 16 ألف مواطن كحصيلة أولية بينهم 2568 طفلاً و 1870 امرأة وجرح ما لا يقلّ عن 25 ألف مواطن بينهم 2354 طفلاً و 1960 امرأة، بالإضافة إلى ملايين المهجرين، وأوضاع معيشية صعبة جداً في ظلّ التقارير التي تتحدّث عن انّ جرائم العدوان طالت خلال 830 يوماً 746 مسجداً و 775 مدرسة و230 منشأة سياحية و207 معلماً أثرياً و103 منشأة رياضية و114 منشأة جامعية و676 مخزن غذاء و528 ناقلة غذاء و368 خزاناً وشبكة مياه و353 شبكة ومحطة اتصالات و294 مستشفى ومرفقاً صحياً و221 مزرعة دجاج ومواش 404.458 منزلاً و1733 طريقاً وجسراً.
في المحصلة، قد تعطي هذه التقارير صورة واضحة لحجم المأساة التي يعيشها الشعب اليمني نتيجة العدوان السعودي الأميركي على اليمن كلّ اليمن بمن فيه، وبهذه المرحلة يبدو واضحاً، أنّ تداعيات العدوان السعودي – الأميركي على اليمن بدأت تلقي بظلالها على الوضع المأساوي والمعيشي بالداخل اليمني، فاليوم جاء المشهد اليمني ليلقي بكلّ ظلاله وتجلياته المأساوية واقعاً جديداً على الواقع العربي المضطرب، فيظهر إلى جانب هذا المشهد العربي المضطرب واقع المشهد اليمني بكلّ تجلياته المؤلمة والمأساوية، والتي ما زالت حاضرة منذ اندلاع الحرب العدوانية السعودية -الأميركية على الشعب اليمني قبل ما ييزيد على العامين، وفي آخر تطورات هذا المشهد استمرار فصول هذا العدوان العسكري على الأرض، تاركاً خلفه عشرات الآف الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى ودماراً واضحاً وبطريقة ممنهجة لكلّ البنى التحتية في الدولة اليمنية.
وفي الوقت الذي ما زالت فيه أصداء العدوان السعودي الأميركي على اليمن تأخذ أبعادها المحلية والإقليمية والدولية، عادت من جديد قوى العدوان لتكثف من عملياتها بالشمال اليمني رغم فشل جميع هذه العمليات، هذا الفشل ومحاولات التعويض بالميدان من قبل أطراف العدوان بدأت تأخذ بمجموعها عدة مسارات خطيرة في الداخل اليمني، وهنا يلاحظ كلّ متابع لما يجري باليمن كيف اتضح بشكل واضح أنّ تداعيات الحرب العدوانية على اليمن بدأت تأخذ مسارات خطيرة جداً، وبهذه المرحلة لا يمكن لأيّ متابع لمسار تحركات الحرب العدوانية السعودية – الأميركية على اليمن أن ينكر حقيقة أنّ هذه الحرب بطريقة عملها ومخطط سيرها ستجرّ المنطقة بكاملها إلى مستنقع الفوضى والاحتراب، والكلّ يعلم أنّ المستفيد الوحيد من التداعيات المستقبلية لهذه الحرب هو الكيان الصهيوني، ومع كلّ هذا وذاك ما زالت طبول حرب قوى العدوان تقرع داخل حدود اليمن براً وبحراً، وطائرات «الناتو الخليجي» تغطي سماء اليمن، والقصف يستمرّ والجوع يستمرّ ويموت أطفال اليمن ونساؤه ورجاله، ونستعدّ بـ»فضل وبركة ناتو الخليج» لحرب مذهبية تقسيمية جديدة مسرحها الجديد هو اليمن.
وبالتزامن مع مشروع تفتيت وتدمير وتقسيم اليمن الذي يتمّ اليوم من خلال هذه الحرب الشعواء على اليمن الذي «يعاني أكثر من 90 في المئة من أهله من فقر وضنك الحياة، ومع كلّ هذا وذاك ما زالت كرامة وعزة الشعب اليمني مضرب مثل لكلّ من عرف هذا الشعب»، فقد لاحظ جميع المتابعين كيف أطلّ علينا في الفترة الأخيرة بعض المحسوبين على محور العدوان على اليمن ليروّجوا لاستمرار حرب «الإبادة « في اليمن، فهؤلاء عندما يروّجون لاستمرار الحرب على اليمن ألا يعلمون أنّ نتائج ومكاسب هذه الحرب ستكون على حساب دماء الأبرياء وجثث الأطفال ودموع الثكالى، وهذا إنْ دلّ على شيء فهو لا يدلّ إلا على غباء وحمق يعيشه بعض هؤلاء، فما هكذا تورد الإبل يا حمقى...!