السعودية "تستنفر" وسائل إعلامها للرّد على "فضيحة" اختراق بريد سفير الإمارات
خالد الجيوسي
استنفر السعوديون حِساباتهم "التويترية"، ووسائلهم الإعلامية الكثيرة الشهيرة والهزيلة من مكتوبةٍ ومرئية، على وَقع ما أسماه البعض "فضيحة" اختراق بريد السفير الإماراتي يوسف العتيبة في واشنطن، وحَبس نُخب بلاد الحرمين أنفاسهم، تحسبّاً لتسريب وثائق تضر بالعلاقات السعودية الإماراتية، أو تكشف عن مستورٍ في توقيتٍ حسّاس، ويبدو أن المباحث الإلكترونية السعودية وجيوشها قد قامت بواجبها "الحمائي" للشقيقة الإمارات والدفاع عنها على أكمل وجه.
حتى إعداد هذ التقرير، لا يبدو أن الوثائق المُسرّبة إلى الآن، والتي تنشرتها صحيفة "دايلي بيست" الأمريكية تِباعاً، قد تحمل ما يضر بتلك العلاقات، بل على العكس سارعت المنظومة الإعلامية السعودية إلى تدشين وسم "هاشتاق" على "تويتر" تحت عنوان (#إيميل العتيبة يُمثّلني، وكالت الحسابات المديح والتأييد للسفير الإماراتي، وقيادة بلاده من خلفه.
نُشطاء "تويتر" والذين اعتبرهم بعض المُعارضين للنظامين السعودي والإماراتي، يُنفّذون أجندات تابعة، قالوا (النشطاء) أن تسريبات السفير، لا تُعد فضائح، بل فخر لدولة الإمارات العربية، فالضغط على الشركات الأجنبية لعدم الاستثمار في إيران، ومُكافحة المُنظّمات الإرهابية، وإحباط مُخطّطات الدول الراعية لها (حماس- الإخوان- داعش)، بالإضافة إلى دعم الشقيقة مصر، ليست إلا أموراً تدعو للفخر بحسب النشطاء.
في مُقابل هذه الهجمة الإعلامية السعودية، لامتصاص الأثر التي سعت له دول بعينها بعد التسريب، تساءل بعض المُغرّدين عن كيفية تمثيل العتيبة لهم، وهو الذي يتآمر مع لوبي صهيوني كما كشفت الوثائق، مع "إسرائيل" واللوبي اليهودي التابع لها، وإرغام الخليج (الفارسي) للتحالف معها، كشرطٍ لردع إيران.
المُغرّد الشهير "مُجتهد" بدوره، أعاد تغريدة مُستشار محمد بن سلمان الإعلامي سعود القحطاني، والتي قال فيها أن أبناء الشيخ زايد، يثبتون أن مُسلّمات السياسة الإماراتية، المصير المُشترك مع إخوانهم بالسعودية، وهو ما علّق عليه "مُجتهد" بالقول: "كلّفه سيّده أن يكتب تلك التغريدة، وكلّفه أن يشغل فريق المركز يرتوتون، ويكتبون مثلها".
صحيفة "سبق" الإلكترونية المحليّة، والناطقة باسم السلطات عَنونت خبرها عن اختراق بريد السفير الإماراتي يوسف العتيبة: "أذرع فتنة تصوّرها فضيحة، وتسريبات مُشرّفة.."، واعتبرت الصحيفة أن ما جاء في التسريبات ما هو إلا تأكيدٌ على تطابق مواقف الدبلوماسية الإماراتية المشرّفة مع موقف الحزم والعزم السعودي.
الإعلام القطري، وخاصّةً قناة "الجزيرة" الذراع الأخطر للدولة القطرية، أفردت ساعات طويلة للحديث عن التسريبات، وربطها بمُحاولات دفاعية عن موقف قطر التي تتعرّض للظلم من أشقائها، وليس العكس على إثر هجمة إعلامية سعودية إماراتية، على خلفية تصريحات منسوبة لتميم بن حمد كان أهمها دعوته للتقارب مع إيران، حيث كشفت وثائق بريد السفير دعوة ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وزير الدفاع الأمريكي السابق روبرت غيتس بضرب قطر بكل ما استطاع، وتحريض أبو ظبي على نقل القاعدة الأمريكية على خلفية مؤتمر "حماس″ الأخير الذي عُقد في الدوحة، وتنظيم مؤتمر ضد قطر وتركيا والإخوان.
من جِهته، تساءل رئيس تحرير صحيفة "العرب" القطرية عبدالله العذبة عن الضغوط التي مارسها يوسف العتيبة لإلغاء قانون "جاستا"، وقال في مُداخلة له على قناة "الجزيرة": "لو أنّي كنت مُواطن إماراتي لشعرت بالفخر، لو وجدت إيميل واحد من إيميلات السفير الإماراتي في واشنطن، يُمارس الضغط لإبطال قانون "جاستا" الذي يطال العربية السعودية".
الامر الذي اعتبره نُشطاء سعوديون اصطياداً في الماء العَكر، ومُحاولة لإحداث فتنة بين السعودية والإمارات الللتان تصطفان سَويّاً فيما يبدو للإطاحة بتميم بن حمد، وهو إشارة واضحة وفق مُتابعين على استمرار الحرب الكلامية الشرسة التي قد تتطوّر إلى مُواجهة عسكرية، بين السعودية والإمارات من جهة، وقطر من جهةٍ أخرى.
مراقبون يرون أنه من المُبكر جدّاً الحُكم على أثر الفعل الذي ستتركه الوثائق الإماراتية على علاقاتها مع الأشقاء الخليجيين، فالوثائق عبارة عن "55صفحة"، ولم تُنشر كاملةً بعد، ويعتقد مراقبون أيضاً أن تسريب مثل تلك الوثائق تحت عنوان "الاختراق" يطرح تساؤلات عن سر "نشرها" في مثل هذا التوقيت الحسّاس الذي قد يخدم مصالح دول بعينها.
وقد تكون المصالح السعودية الإماراتية وفق مُطّلعين، قد دفعت باتجاه "تسريب" تلك الوثائق، للتأكيد ربّما على عُمق العلاقات التي تجمع بين البلدين بعد خلافات ظهرت على السطح في اليمن، خاصّةً لو نظرنا حسب ما يقول مُطّلعون إلى سُرعة تأكيد الاختراق، والذي جاء على لسان المُتحدّثة باسم السفارة الإماراتية، على عكس عادة الالتزام بالصّمت، أو النفي الذي تُسارع إليه الدول الخليجية.
وجهة نظرٍ أخرى تقول أن المُخترقين "جلوبال ليكس″ نفوا علاقتهم بدولة قطر بحسب ما ورد في مواقع صُحف قطرية، وهو ما اعتبره مختصون في الشؤون الخليجية، دليلاً على تورّطها، أي قطر، في "تسريب" الوثائق، وأملاً منها في إحداث شرخ في العلاقات السعودية الإماراتية، أو على الأقل تخفيف حدّة الهجمة الإعلامية التي تطالها مُؤخّراً، وخلط الأوراق، علّ الأضواء تتسلّط على غيرها من الشقيقات، يقول مختصون.