من يصفي الآخر؟!
ما صدر اخيرا من قرارات مفاجئة سواء في التعيينات او الاقالات التي صدرت من قبل الملك السعودي سلمان وطالت مناصب رفيعة في الدولة وفي مختلف مجالاتها، كانت موضع دهشة وحيرة المراقبين الاقليميين والدوليين خاصة وانها اعلنت في ليلة ظلماء زادت من ابهاماتها وملابساتها في وقت ان مثل هذه القرارات الهامة التي تشمل مختلف مفاصل الدولة تعلن في النهار وهذا ما زاد من حدة التساؤلات و الاستفسارات التي دارت حولها وهو بالتالي اقرار تلويحي بمخاوف النظام السلماني من التصدعات والحساسيات التي ستتركها مثل هذه القرارات على الاجنحة الاخرى للاسرة الحاكمة خاصة وانه يمهد عبر تعين ابنائه الاخرين في مناصب حساسة لوصول ولده محمد الى العرش متخطيا محمد بن نايف المتلهف لهذا العرش.
وما كان لافتا في هذه التعيينات هو تعيين ولده العشريني خالد العسكري الطيار في منصب حساس وهام جدا كسفير للسعودية في واشنطن وهو لم يمارس السياسة بعد اضافة الى ان حجم العلاقات الاستراتيجية بين البلدين تستوجب تعيين شخصية مخضرمة لكن يبدو ان الملك سلمان وبالاحرى محمد بن سلمان القادم الى العرش يريد ترتيب علاقات عائلية مع واشنطن خارج نطاق الدبلوماسية المتعارف عليها كما فعل ذلك من قبل بندر بن سلطان.
ومما لا شك فيه ان اصابع محمد بن سلمان وبصماته واضحة في هذه التعيينات وبالذات اخيه خالد وهناك من يعتقد بل ويجزم ان محمد الابن هو وراء كل القرارات والاب مجرد ماكنة توقيع لا اكثر بهدف ترتيب اوراقه للوصل الى العرش قبل ان يداهم الموت ابيه واذا لم يحصل ذلك فان نايف سيعتلي العرش ويدمر كل ما بناه سلمان لحصر الوراثة في ابنائه بعيدا عن الاجنحة الاخرى وهذا ما يحصل اليوم بالضبط لابناء سلطان وفهد وعبدالله.
واذا ما استمر الملك سلمان وابنه المتنفذ في هذه السياسة الاقصائية فان العائلة السلمانية ستتولى العرش وستندثر عائلة آل سعود التي حكمت بشكل افقي طيلة الفترة الماضية. وما اثار دهشة المتابعين للشأن السعودي هي ممارسات الملك سلمان المتقلبة الذي عين مجلسين للشؤون الاقتصادية برئاسة ابنه محمد والامنية برئاسة محمد بن نايف بمجرد وصوله للسلطة وها هو اليوم يشكل مركزا للامن الوطني تابعا للديوان الملكي وهذا تداخل صارخ يقص اجنحة الداخلية ويحاصر بن نايف في التحرك لاداء مهامه.
اما تعيين الملك سلمان لثمانية امراء من الاجنحة المختلفة ليكونوا نوابا لامراء المناطق ما هي الا تغطية على قراراته في حصر المُلك في ابنائه وان ذهب البعض على انها خطوة ارضائية يحد من وقوع صراع حتمي ينتظر المملكة عاجلا ام آجلا وقد تفجر حمامات دم داخل القصور الملكية لكنهم في الواقع بعيدون كل البعد عن القرار السياسي الذي يتخذ في الرياض. اما قرار تعيين قائد القوة البرية من داخل العائلة الحاكمة يؤشر الى ان النظام السعودي بات يتوجس من الحرب ضد اليمن ودور الجيش الضعيف فيها لذلك يحاول عبر مضاعفة رواتبه لتعزيز معنوياته المنهارة لكن المؤكد ان هناك تقارير مسربة بان واشنطن انذرت الرياض وامهلتها بانهاء هذه الحرب التي باتت تحرج حتى الادارة الاميركية لشدة انتهاكاتها خاصة قتل اطفال اليمن وتداعيات المجاعة الكارثية التي تنتظر هذا البلد.
اما السؤال الملح الذي يفرض نفسه اليوم على الساحة السعودية المرتبكة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، هل ينحني محمد بن نايف الوريث الطبيعي للعرش امام هذه العاصفة كما انحنى سابقا وفي مناسبات مختلفة، ام ان بن سلمان سيتغدى بابن نايف قبل ان يتعشا به وبكلمة ادق من يزيح الاخر في سباق التصفيات؟!