الصحف الأجنبية: ترامب: لن ندخل سوريا... وتيلرسون سيطرح على موسكو عملية انتقال سياسي
شدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب في عدد من المقابلات الاعلامية التي أجراها على أنّه "لن يقوم بعملية اجتياح بري في سوريا بهدف الاطاحة بالحكومة هناك"، بينما توقع صحفيون أميركيون مطلعون أن يحمل وزير الخارجية الاميركي طرحاً لعملية انتقال سياسي تنص على اخراج الرئيس السوري بشار الأسد من السلطة، وذلك خلال اللقاءات التي سيجريها في موسكو.
وفي السياق نفسه، دعا دبلوماسي أميركي سابق معروف ادارة ترامب الى التلويح بالمزيد من العمل العسكري ضد الحكومة السورية كورقة تفاوضية من أجل انتزاع موافقة روسيا على خطة دبلوماسية أميركية.
ترامب: أميركا لن تجتاح سوريا
بدورها، نشرت صحيفة "Financial Times" تقريراً أشارت فيه الى ما قاله الرئيس الاميركي دونالد ترامب في مقابلة مع قناة "Fox News" بأن الولايات المتحدة "لن تدخل سوريا"، وذلك ردًّا على ما يُشاع بأن البيت الابيض قد يقوم بعمل عسكري بهدف الاطاحة بحكومة الرئيس السوري.
ونقلت الصحيفة عن ترامب قوله في مقابلة أخرى مع صحيفة "New York Post" "إن السياسة الاميركية حيال سوريا لم تتغير وإن أولويته في الشرق الاوسط لا تزال محاربة "داعش"".
وزير الخارجية الأميركي يحمل معه الى موسكو طرحاً لعملية انتقالية تُخرج الأسد من السلطة
بموازاة ذلك، كتب الصحفي "David Ignatius" مقالة نشرت في صحيفة "واشنطن بوست" قال فيها "إنّ الرئيس الاميركي اتخذ قرارات صائبة حيال سوريا وروسيا والصين خلال الاسبوع الفائت، وإن ادارته تتجه أكثر نحو "أعمدة السياسة الاميركية التقليدية".
ونقل الكاتب عن مسؤول أميركي رفيع قوله "إنّ قرار توجيه ضربة عسكرية الى سوريا "عزّز ثقة البيت الابيض"، وفقاً لتعبيره، و"إنّ الضربة هذه فاجأت الروس، ووجهت رسالة مدروسة بدلاً من أن تكون بداية تدخل عسكري مفتوح الامد".
كما تابع الكاتب "إنّ الضربة على سوريا عززت قوة فريق ترامب للسياسة الخارجية بحيث قد تؤدي الى تغيير ميزان القوة السياسية في البيت الابيض".حسب قوله، مضيفاً "إنّ من أهم المستفيدين ربما هو وزير الخارجية "Rex Tillerson"،الذي قال انه اكتسب ثقة ترامب وانشأ كذلك تحالفاً مع زوج ابنة الرئيس الاميركي "Jared Kushner" الذي هو ايضاً من كبار مستشاري ترامب".
كذلك قال الكاتب "إنّ ترامب يحاول الاقتراب من الصين والابتعاد عن روسيا، تماماً كما فعل وزير الخارجية الاميركي الاسبق "Henry Kissinger""، لافتاً في الوقت نفسه الى أنّ" "Kissinger" يبدو انه "معلّم" "Kushner" (زوج ابنة الرئيس الاميركي)".
ونبّه الكاتب الى أن عملية "إعادة توازن" العلاقات هذه هي عكس ما كان يقوله ترامب خلال الحملة الانتخابية عندما هاجم الصين وتودد الى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين"، واعتبر الكاتب أنّ "الاقتراب من الصين بدلاً من روسيا هو مسار أنسب".
هذا وأشار الكاتب -المعروف بعلاقاته القوية بوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية "CIA"- الى أن" "Tillerson" يحمل معه رسالة من ترامب، حيث يتوقع بأن يقول للمسؤولين الروس أنّ التحالف مع الرئيس السوري رهان خاسر وأن الولايات المتحدة ستعمل مع موسكو على عملية انتقال سياسي "من أجل استبدال الاسد بشخصية اخرى تكون مقبولة لروسيا".وفق قوله.
ونقل الكاتب عن مسؤول أميركي إشارته الى أن ّ"واشنطن تريد من موسكو اتخاذ قرارات، وأنّ واشنطن وموسكو يمكن ان تتعاونا أو أن تعملا ضد بعضهما"، مضيفاً "إنّ فريق ترامب يشعر بأن الولايات المتحدة استعادت المبادرة الاستراتيجية بعد العدوان الأميركي على سوريا، ونقل عن مسؤول أميركي رفيع أنّ "روسيا "تفاجأت" بما أقدم عليه ترامب".
للاستفادة من الضربة العسكرية الاميركية على سوريا كورقة تفاوضية مع روسيا
الدبلوماسي الأميركي السابق المعروف "ولي نصر" كتب مقالة نشرتها مجلة "The Atlantic" أشار فيها الى أنّ" الرئيس الاميركي دونالد ترامب وبعد توجيه الضربة العسكرية الى سوريا غيّر سياسة سلفه باراك أوباما تجاه الشرق الاوسط وأنهى "الحظر" على توجيه ضربات عسكرية أميركية ضد حكومة الرئيس السوري"، الا أنّه نبّه في الوقت نفسه الى أن ذلك لا يعني بالضرورة بدء حرب أميركية أوسع في سوريا، لكنه قد يعني بداية نهاية الأزمة السورية.
واعتبر الكاتب أنّ" اقناع روسيا بالتخلي عن الرئيس السوري عبارة عن "أمنيات" وأنّ العدوان الأميركي على سوريا لا يعطي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سبباً للتخلي عن الأسد"، وذلك وسط ما يتم تداوله بأن واشنطن ستسعى الى إبعاد موسكو عن دمشق.
وأشار الكاتب الى أنّ" توازن القوة في الحرب يبقى كما هو بعد الضربة الاميركية، والى أن الحكومة السورية وحلفاءها يحققون المزيد من التقدم الميداني في ادلب ويعززون سيطرتهم على الممر الذي يمتد من دمشق الى ساحل البحر المتوسط"، مضيفاً "إنّ الرئيس الاسد لا يزال "ينتصر" وإنّ ذلك يعني بأن بوتين لن يرى حاجة لتغيير استراتيجيته على المدى الطويل"، معتبراً أنّ" "هيبة" وتصور بوتين لمكانة روسيا كقوة عظمى يرتبط بنتيجة الحرب السورية، وأن بقاء الاسد اصبح مقياساً لمدى نفوذ بوتين".
كذلك ذكّر الكاتب بأنّ" مصالح روسيا في سوريا تعود الى ما قبل الاتحاد السوفييتي حتى"، مشيراً "الى العلاقات الوطيدة بين الكنيسية الاورثوذكسية الروسية والكنيسة الاورثوذكسية السورية".
وتابع الكاتب "إنّ ما يعزّز علاقات بوتين بالأسد هو رغبتهما المشتركة باحتواء ما أسماه "التطرف" في العالم العربي وفي افغانستان، اذ تخشى روسيا من أن يمتد هذا التطرف الى "المناطق الاسلامية" داخل روسيا وفي محيطها" على حد تعبير الكاتب، وعليه، قال:"إنّ سوريا أصبحت ساحة لاستراتيجية بوتين لاحتواء التطرف، وإن الرئيس الروسي يرى في نظام الاسد حصناً ضد التطرف، وبالتالي تبنى بوتين استراتيجية لهزيمة التطرف تبدأ من ابقاء الاسد في السلطة".
وشرح الكاتب بأن ذلك يعني أن بوتين يصف الاطراف المعارضة للأسد و"داعش" بالعقبات أمام استراتيجيته لاحتواء "التطرف"، مضيفاً "إنّ ذلك قد سمح لايران وروسيا بتعميق العلاقات العسكرية والاستخباراتية"، ولفت الى أنّ" ايران شكلت ما أسماها الكاتب "قوة معتبرة" تتألف من حزب الله ومتطوعين من باكستان و افغانستان"، ورأى أن ذلك له قيمة كبيرة لبوتين، وأن الدفاع عن الرئيس الاسد لا يتعلق فقط بمستقبل سوريا وانما "باستخدام هذه القوة لخدمة مصالح روسيا الاوسع في الشرق الاوسط"، بحسب تعبيره، معتبراً أنّه" ولهذا السبب وجدت تركيا والدول العربية التي تدعم المجموعات المسحلة في سوريا صعوبة كبيرة بابعاد موسكو عن طهران".
كما شدّد الكاتب على أن ميزان القوة على الارض سيبقى لمصلحة الاسد وروسيا اذا ما بقي التدخل الأميركي ضد النظام السوري محصوراً بتطبيق الخطوط الحمر، الا انه أشار في الوقت نفسه الى أنّ" بوتين سيتصدى لما أسماه "مبادرة أميركية أوسع" لتغيير النظام في سوريا.
وشرح بأن مساعي أميركية لفرض تغيير النظام في سوريا ستقلص دور روسيا في النزاع وتعد بالنهاية هزيمة لبوتين، وبالتالي توقع أن يصعّد بوتين على المدى القصير من أجل تقوية الرئيس الاسد بدلاً من أن يعطي مجالاً لتغيير النظام.
وتابع الكاتب "إنّ الذين يعتقدون أنّ الصفقة مع بوتين في سوريا أمر ممكن عليهم أن يسألوا اولاً عما سيحصل عليه الرئيس الروسي مقابل مثل هذه الصفقة."، مضيفاً "إنّ الخيارات في هذا الاطار تشمل الاعتراف بضم جزيرة القرم أو بنفوذ روسيا في أوكرانيا، وكذلك وقف توسع حلف "الناتو" والاتحاد الاوروبي في شرق أوروبا"، الا أنّه استبعد أن تعتبر واشنطن بأن سوريا تستحق مثل هذه التنازلات، وعلى ضوء كل ذلك، خلص الى أن السياسة الاميركية حيال سوريا التي تستند على امكانية ابعاد بوتين عن الاسد هي سياسة غير حكيمة.
وأضاف الكاتب "إنّ ادارة ترامب يمكنها أن تجبر روسيا على قطع العلاقات مع الرئيس الاسد من خلال تعزيز التواجد العسكري الاميركي في سوريا"، لكنه نبّه من أنّ ذلك يحمل معه خطر المواجهة المباشرة مع روسيا وسيفرض على واشنطن بأن تصبح "صاحبة الحرب السورية"، منبهاً الى أنّ ترامب سيواجه صعوبة كبيرة بإقناع الشعب الأميركي بذلك.
وبالتالي، رأى الكاتب أنّ" السياسة الأنسب للمصالح الأميركية في سوريا تتمثل بعملية دبلوماسية توقف "المذبحة" وتدفق اللاجئين وتركز الاهتمام على استئصال "داعش" وتحد كذلك من التوتر الاقليمي"، وزعم أنّ" وزير الخارجية الاميركي "Rex Tillerson" بات يملك أوراقاً تفاوضية مع الجانب الروسي بعد أن أوضحت واشنطن أنها ستتدخل عسكرياً ضد الحكومة السورية.
وأوضح الكاتب أنّ" الخطوات الاميركية الاخيرة في سوريا لا يجب أن تؤدي بالضرورة الى حرب أميركية توسيعة، بل ان ادارة ترامب قد تعتمد على العمل العسكري "كحجر أساس" ضمن استراتيجية دبلوماسية لانهاء الحرب في سوريا"، وتابع "إنّ الدبلوماسية يجب أن تكون مدعومة بالقوة العسكرية، وإن ذلك سيهدد روسيا بحيث قد يدفعها الى دعم "اجبار الاسد على التعاون"، بحسب تعبير الكاتب.
كما قال الكاتب "إن أمام "Tillerson" فرصة في موسكو ليوضح بأن الولايات المتحدة قد توجه ضربة عسكرية جديدة، وليصر بأن يقوم بوتين بما أسماه "السيطرة على أفعال الاسد" وبنفس الوقت الموافقة على مساعي دبلوماسية جديدة تقودها أميركا تكون الضامن الوحيد لمنع المزيد من العمل العسكري الاميركي في سوريا"، وأضاف "إنّ" الدور القيادي الأميركي بهذا الاطار سيعزّز مكانة أميركا في المنطقة والعالم ويقلّص مما أسماه "اطماع روسيا""، وعليه رأى الكاتب أن "Tillerson" بات يمتلك الفرصة لرسم خطة دبلوماسية لإنهاء النزاع.