قراءة حول عملية توقيف امير داعش في عين الحلوة
شارل أبي نادر
ربما ليست العملية النوعية الاولى التي تنفذها وحدات خاصة في مديرية المخابرات في الجيش اللبناني والتي استهدفت امير داعش في مخيم عين الحلوة الفلسطيني عماد ياسين، ولكن يمكن القول ان هذه العملية سوف تشكل مفصلا مهما في معركة هذا الجيش المفتوحة في لبنان ضد الارهاب بشكل عام وضد داعش بشكل خاص.
"أمير داعش" في عيمن الحلوة
بداية، لا يمكن فصل هذه العملية عن الحالة الاستعلامية المتماسكة التي استطاعت مديرية مخابرات الجيش اللبناني ان تخلقها بالتنسيق والعمل المشترك مع اجهزة الرصد الامنية في المديرية العامة للامن العام اللبناني، حيث ظهرت فعالية المتابعة الدقيقة والحرفية اللافتة لكل من الجهازين الامنيين في توقيف عدة شبكات ارهابية من التي نفذت بعض العمليات او التي كانت في تحضيراتها قد وصلت الى المراحل الاخيرة لتنفيذ عمليات اخرى، كانت ستكون خطرة ودموية ومؤثرة بشكل حساس على الوضع الداخلي اللبناني.
من هنا، جاءت عملية عين الحلوة لتعطي القيمة اللافتة والمهمة لهذا التحول في معركة الامن اللبناني بشكل عام ضد الارهاب وذلك على الشكل التالي:
من الناحية المعنوية:
برهنت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني انها تعمل بمستوى عال من الحرفية والتقنية والفعالية في مواجهة اكثر المجموعات الارهابية تنظيما وتمويلا وتشددا، وهذا حتما سيقوي ويزيد الثقة بالجيش اللبناني بشكل عام وبمديرية المخابرات بشكل خاص، وايضا سوف يؤثر بالتاكيد سلبا على معنويات وجهوزية المجموعات الارهابية التي ستجد نفسها تحت المراقبة الحثيثة والدقيقة من ناحية، ومعرضة لوصول يد الاجهزة العسكرية والامنية الى الامكنة البعيدة والسرية التي كانت تتحصن فيها عادة من ناحية ثانية، مما سيجعل هذه المجموعات الارهابية تحجم او تتردد كثيرا في تنفيذ اغلب مخططاتها الارهابية وبالتالي سيمنح هذا الموضوع المزيد من المناعة للساحة الداخلية اللبنانية من الناحية الامنية والاجتماعية.
من الناحية الامنية والعسكرية:
لا شك ان النجاح الباهر لهذه العملية النوعية جاء على خلفية التكامل بين المعطيات الاستعلامية الدقيقة التي تناولت الهدف بحد ذاته ومركزه ودوره الحساس في هيكلية التنظيم الارهابي داعش في مخيم عين الحلوة، والتي تناولت ايضا مكان وجوده بالتحديد عند البدء بتنفيذ العملية، وايضا مكان وطريقة القاء القبض عليه واختيار التوقيت المناسب للابتعاد عن الاشتباك المباشر ولتلافي تعريض عناصر المداهمة والتوقيف من جهة او المدنيين في محلة الطوارىء وتعمير عين الحلوة من جهة ثانية للخطر، والتكامل من ناحية اخرى بين هذه المعطيات الاستعلامية والنقاط العسكرية والميدانية الناجحة في اختيار مجموعة مدربة متخصصة في تنفيذ اخطر العمليات الامنية كالتي شهدناها. هذه المجموعة التي نجحت في اختيار الثغرة للدخول والاقتراب من بقعة الهدف في منطقة تعتبر عدوة بالكامل من خلال اختيار انسب محور او معبر للدخول المباشر الى تلك البقعة الخطرة وتنفيذ عملية امنية نظيفة مُحكَمة ومدروسة.
واخيرا... من الطبيعي انه بالاضافة للقيمة المعنوية والامنية لهذه العملية، فان تنفيذها داخل مخيم عين الحلوة مع ما يعنيه هذا المكان تاريخيا من كونه كان عصيّا على اغلب الاجهزة العسكرية والامنية لاسباب سياسية داخلية واقليمية، معروفة وغير معروفة، وحيث كان دائما هذا المخيم ملجأ للخارجين عن القانون لأسباب جنائية او لارتباطات ارهابية، يمكن القول الان، ان هذه العملية ستفرض تحولا استراتيجيا في النظرة التاريخية لهذا المخيم، وسوف تكون حتما مدخلا طبيعيا لنقله (اي المخيم) من خانة الممنوع الدخول اليه الى خانة المكان الذي سيخضع لسلطة ورقابة الاجهزة الامنية والعسكرية اللبنانية فيما يخص امنه وامن ساكنيه او فيما يخص امن الدولة بكامل اجهزتها وامن المجتمع اللبناني بشكل عام.