اعتراف نادر
حميدي العبدالله
صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، كانت أكثر من غيرها من كبرى الصحف الأميركية التي دأبت على توجيه الانتقادات لإدارة الرئيس باراك أوباما بسبب عدم تورّطه في شنّ حرب مباشرة في سورية.
ودأبب الصحيفة على نشر التقارير والمقالات التي تزيّن خيار التورّط العسكري المباشر والواسع، إلى درجة أنها تجاهلت دائماً النتائج والمخاطر المترتبة على ذلك، بما في هذه النتائج الواقع الذي آل إليه حال ليبيا بسبب التدخل العسكري الأميركي المباشر، إضافةً إلى نتائج الغزو الأميركي لكلّ من أفغانستان والعراق، الذي قاد إلى صعود تنظيم القاعدة.
صحيفة «واشنطن بوست» هذه لأول مرة تنشر تقريراً لمراسليها في المنطقة بتاريخ 29/5/2016 تعترف فيه بأنّ اتفاق الهدنة الذي تمّ التوصل إليه بين واشنطن وموسكو صبّ في مصلحة تنظيم القاعدة. فتحت عنوان «وقف إطلاق النار في سورية يقوي فرع تنظيم القاعدة» أشار مراسلو الصحيفة إلى أنّ «جبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة في سورية، قام بتجنيد آلاف من المقاتلين بما في ذلك المراهقين، وأخذ أراضي من القوات الحكومية في هجوم ناجح شنّته في الشمال، الأمر الذي يوضح كيف أنّ وقف إطلاق النار الذي وضعته كلاً من روسيا والولايات المتحدة والرامي إلى إضعاف المتشدّدين، قد أتى من نواح عديدة بنتائج عكسية». لكن الصحيفة لم تحدّد من المسؤول عن ذلك. بات معروفاً لدى الجميع أنّ الولايات المتحدة هي التي أخرت وعرقلت أيّ عمل عسكري لاستهداف جبهة النصرة ومنعها من الوصول إلى هذه النتيجة، بذريعة أنّ مواقع النصرة متداخلة مع مواقع التنظيمات المعتدلة، وعرقلت أيّ عملية فرز وفصل للمواقع، لتسهيل استهداف جبهة النصرة ومن يقدّم لها الدعم. وبفضل هذه السياسة الأميركية، التي أثارت غضب روسيا ودفعتها لتوجيه الاتهام للولايات المتحدة، حققت النصرة الإنجازات التي تحدثت عنها الصحيفة، سواء ما يتعلق منها بتجنيد المزيد من الإرهابيين، أو شنّ المزيد من الهجمات على مواقع الجيش السوري وحلفائه في مناطق واقعة في ريف حلب.
هذه الاعترافات التي تدين الولايات المتحدة وتوجه إليها اتهاماً ضمنياً بالتواطؤ هي اليوم أيضاً برسم الدولة الروسية الراعي الثاني لاتفاق وقف العمليات.