من يستطيع وقف الطموح الصيني بالصعود إلى مصاف القوى العظمى !؟
هشام الهبيشان
في وقت كثر الحديث عن مستقبل وطبيعة العلاقة بين القوة الصينية الصاعدة وبقوة إلى مصاف القوى العظمى وبين القوة العظمى الأولى "الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الغرب أوروبيين ” في المقبل من الأيام بعد هذا الصعود القوي للصين اقتصاديآ وعسكريآ .
فالصينيين اليوم اثبتوا للجميع أنهم اصحاب الكلمة العليا والفصل بالملف الاقتصادي العالمي ،فهم لم يرضخوا منذ سنوات لمجموعة ضغوط ومساومات من اجل تخفيض صادراتهم الاقتصادية التي اكتسحت العالم ،مع العلم أن للأوروبيين والأميركيين تجارب كثيرة في مسار المساومات مع الصينيين بخصوص التنازل عن جزء من حصتهم بالسوق العالمي للأوروبيين وللامريكان، وهناك أوراق مساومات طرحها جون كيري وجو بايدن وماكين للتفاوض مع الصينيين بمراحل زمنية مختلفة، ولكن صمود الموقف الصيني، وثبات موقف بعض القوى والنخب الرسمية والاقتصادية والشعبية والسياسية داخل الصين، هو من أجهض بالكثير من المراحل أوراق المساومات الأميركية- الأوروبية التي كانت تُقدّم للصينيين،والتي كانت تتزامن بالكثير من مراحلها مع اشتداد موجة الضغوطات الأميركية – الأوروبية على الصينيين بخصوص ملفي بحر الصيني الجنوبي وما صاحب كل هذا من موجة عقوبات اقتصادية على الصينيين ومن خلف الكواليس .
الصينيين بدورهم كانوا يدركون حجم الخطورة التي ستفرزها الضغوطات الأميركية –الأوروبية، وخصوصاً بعد تجميد الحلول السياسية "مرحلياً” بخصوص ملفي بحر الصين الجنوبي وكوريا الشمالية ، فالصينيين يدركون أن النظام الأميركي الرسمي وحلفاءه بالغرب وبالمنطقة يستعمل سلاح الممرات البحرية والمعابر الدولية ومناطق النفوذ والتهديد الأمني كورقة ضغط على النظام الرسمي الصيني، للوصول معه إلى تفاهمات حول مجموعة من القضايا والملفات الدولية العالقة بين الطرفين ومراكز النفوذ والقوة والثروات الطبيعية وتقسيماتها العالمية ومخطط تشكيل العالم الجديد وكيفية تقسيم مناطق النفوذ بين القوى الكبرى على الصعيد الدولي، وعلى رأس كل هذه الملفات هو الوضع ببحر الصين الجنوبي، ومن هنا ادرك الصينيين مبكرآ أن أميركا وحلفاءها بالغرب يحاولون بكل الوسائل جلب النظام الرسمي الصيني وحلفاءه إلى طاولة التسويات المذلة، ليتنازل الصينيين وحلفاؤهم عن مجموعة من الملفات الدولية لمصلحة بعض القوى العالمية وقوى الإقليم الاسيوي .
من جهة أخرى، برز واضحاً في الفترة الأخيرة مدى التقارب بالمواقف السياسية والأمنية، بين النظام الرسمي الروسي والنظام الرسمي الصيني ، وذلك ظهر جلياً من خلال دعم الروس للموقف الصيني ببحر الصين الجنوبي والدعم الصيني للروس بالملف الاوكراني ، فهذا الدعم وتقارب الآراء وثبات الموقف الروسي والصيني بخصوص رؤيتهما لسبل انهاء ملفات الصراع الدولية، يؤكد أن هناك حلف دولي بدأت تتبلور معالمه وركيزته الأولى هي القوتان العسكرية الروسية والاقتصادية الصينية .
ختاماً، يمكن القول إن جميع أوراق المساومات التي طرحها الأميركيون -والأوروبيون، أو التي سيطرحوها مستقبلآ للضغط على الصينيين ودفعهم إلى التخلي عن طموحاتهم بالصعود إلى مصاف القوى العظمى قد باءت وستبوء بالفشل، فمجموع المؤشرات الدولية والإقليمية تؤكد أنّ الصينيين هم من يفرضون اليوم رؤيتهم الاقتصادية على الجميع "لأنها هي الرؤية الانجع والافضل” ،وهذا ما يؤكد أن الصينيين عائدون وبقوة إلى مصاف الدول "العظمى "لصناعة عالم متعدد الاقطاب.