الامام الحسين (ع).. نبراس الإباء والتضحية والانتصار
جميل ظاهري
يئن عالمنا الاسلامي ألم الفتنة الدموية الاستعمارية - الصهيونية - الرجعية - الخبيثة التي تديرها عقول حاقدة ساخطة على الاسلام والمسلمين بدافع الانتقام من الرسول وآله الكرام، رافعين شعار الانتقام لقتلاهم في بدر وخيبر والخندق والنهروان وصفين، والبسوا مشروعهم النفاقي حلة ديمقراطية مزيفة فتنوية مررته عبر فتاوى البتردولار السعودي - الخليجي المرتهن لأبناء العم من بني قريضة والقنيقاع.
أرتأى الحاقدون القاسطون المارقون المنافقون أن يعيدوا الأمة الى الظلمة والجاهلية والقبلية وسطوة القوي على الضعيف لتحل الوثنية محل العبودية للخالق المتعال سبحانه وتعالى ويكون النفاق والشقاق والظلم والاستعباد والاستحقار والتزوير نهج وشيمة سلطويين عالمنا الاسلامي على طول التاريخ يعبثون بمقدرات وقدرات ومقدسات الأمة مدعومين بدعاة أعمى الله قلوبهم قبل أعينهم ليمزقوا جسد الأمة وينهشوا فيه كما تنهش الذئاب والضباع بجسد فريسة غدرها وتتكالب عليه وتستبيح دم المسلم البريء في العراق وسوريا واليمن والبحرين ولبنان وغيرها من ديار المسلمين.
وقد تصدى أئمة الهدى عليهم السلام وأتباعهم وأنصارهم ومحبيهم والسائرين على نهجهم القويم الحق ووقفوا بوجه دعاة التحريف والتزوير والفرقة والنفاق منذ "سقيفة بني ساعدة" وحتى يومنا هذا إمتثالاً لأوامر الخالق المتعال وإلتزاماً بوصايا رسول الرحمة والرأفة الربانية محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم وقدموا في هذا الطريق الغالي والنفيس ليحولوا دون عدوة البشرية الى الجاهلية الأولى التي يصر عليها آل سعود وأخوانهم العربان في هدم أركان الدين ودعم مخطط الاسلاموفوبيا الصهيوني للحد من اتساع رقعة الاسلام المحمدي الاصيل التي كانت آخذة بالانتشار في ربوع العمورة .
تاريخ البشرية لم ير على طول امتداده وآلاف سنينه ملحمة أروع وأسمى وأرفع مما سطره الامام الحسين بن علي بن أبي طالب وأهل بيته عليهم السلام وأصحابه الميامين في يوم عاشوراء عام 60 للهجرة التي رسمت صرح مدرسة الاباء والتضحية والفداء وأدت لانتصار الدم على السيف والحق على الباطل والمظلوم على الظالم والحر على الطاغية والحقيقة على التحريف والواقع على التزوير.
الصرح الذي رسمه أبو الأحرار وسيد شباب أهل الجنة وريحانة رسول الله (ص) الامام الحسين (ع) والذي يصادف اليوم الثالث من شعبان المعظم ذكرى ميلاده المبارك والميمون، بقيّ يصدح في ربوع المعمورة وأضحى مناراً وضاءاً يهتدي به جميع الاحرار والمقاومين في كل مكان ولن يقتصر على المسلمين الشيعة لوحدهم ليسطروا الملاحم والانتصارات الواحد تلو الآخر بل تعدى حدود العالم الاسلامي وتمسك به غير المسلمين ايضاً ليحققوا ما كانوا يصبون اليه طيلة عقود بل قرون طويلة في الحرية والاستقلال.
لا تزال صرخة "غاندي" مؤسس الهند الجديدة ورائد مسيرة استقلالها تكتسح الـتأريخ وتدوي في سماء الذين ينشدون العيش السليم والحرية وهو يقول:"لقد طالعت بدقة حياة الامام الحسين، شهيد الاسلام الكبير، ودققت النظر في صفحات كربلاء وإتضح لي أن الهند إذا أرادت إحراز النصر، فلابد لها من إقتفاء سيرة الامام الحسين"، أو كما قال "محمد علي جناح" مؤسس دولة باكستان.."لا تجد في العالم مثالاً للشجاعة كتضحية الامام الحسين بنفسه واعتقد أن على جميع المسلمين أن يحذو حذو هذا الرجل القدوة الذي ضحّى بنفسه في أرض العراق".
من هذا المنطلق نرى ان الشعوب التي تمسكت بهذا النهج القويم والصرح العظيم بلغت ذروة الانتصار والاعتلاء، فها هي الثورة الاسلامية المباركة تعيش عقدها الرابع مرفوعة الرأس شامخة الى عنان السماء يشهد لها العدو قبل الصديق بتطورها وتقدمها وصمودها لتمسكها بمدرسة الامام الحسين عليه السلام مدرسة الحياة الكريمة ورمز المسلم القرآني وقدوة الأخلاق الانسانية وقيمها ومقياس الحق .
الانتصارات الباهرة التي سجلتها المقاومة الاسلامية اللبنانية أمام عدو خبيث مدجج بالسلاح كان يقال عنه "لا يقهر" وارغمته على الهروب والتقهقر في ظلام الليل الدامس على عدة مراحل وحررت جنوبها، وكذلك دورها الريادي في التصدي للارهاب التكفيري الوهابي بالتعاون مع الأشقاء في سوريا ومن ايران وافغانستان والعراق وتكبيدهم الخسائر في العتاد والأفراد؛ ما كانت لتتحقق لولا تمسكها بمدرسة التضحية الحسينية فتحقق انتصار الدم على السيف .
المقاومة الفلسطينية هي الاخرى ما كانت تتمكن من تسجيل ادنى انتصار على عدو قهر جيوش العرب برمته في عدة معارك وخذلهم، لولا تمسكها بنهج أبي الأحرار (ع) في التضحية والفداء ليقول الشهيد فتحي الشقاقي" أنا تلميذ مدرسة عاشوراء التي علمتني كيف أكون صاعقة الجهاد الفلسطيني ضد العدو الصهيوني المحتل"؛ فيما سيسجل الشعب البحريني المظلوم والأعزل في القريب العاجل انتصاره بمشيئة الله تعالى على نظام الحقد الطائفي الخليفي والاحتلال الوهابي السعودي لتمسكه بنهج العز والإباء الحسيني.
الثورات العربية الفتية كانت ستبلغ ساحل الأمان لو تمسكت بمنهجية ومدرسة الامام الحسين (ع) في الإباء والتضحية والفداء والعزة والكرامة، المدرسة التي وصفها الآثاري الانكليزي وليم لوفتس: "قدم الحسين بن علي أبلغ شهادة في تاريخ الانسانية، وارتفع بمأساته الى مستوى البطولة الفذة"، أو قال عنها الباحث الغربي الشهير جون أشر: "مأساة الحسين بن علي تنطوي على أسمى معاني الاستشهاد في سبيل العدل الاجتماعي".