جهود جزائرية للحل في ليبيا
روعة قاسم
مثلت الزيارة التي أداها وزير الشؤون المغاربية والعربية والإفريقية الجزائري عبد القادر مساهل إلى ليبيا يوم الثلاثاء، بحسب جل الخبراء والمحللين، تأكيدا للدعم الذي تقدمه الجزائر لحكومة الوفاق الوطني الليبية برئاسة فائز السراج. وتحظى هذه الحكومة أيضا بدعم كل من تونس ومصر الباحثتين عن الاستقرار في ليبيا الذي يمثل مصلحة مشتركة للجميع.
كما بحث مساهل، الذي يتصدر المشهد في الآونة الأخيرة بخلاف وزير الخارجية رمطان لعمامرة، سبل إعادة إعمار ليبيا. ويبدو من خلال ما رشح من أنباء عن كواليس هذه الزيارة، أن الجانب الجزائري لديه رؤية متكاملة ومشاريع لإعادة الإعمار تم عرضها على الجانب الليبي، رغم أن البعض بدا له أن الأمر سابق لأوانه مادامت البلاد لم تتخلص من الجماعات الإرهابية ولم تتمكن من حصر السلاح بيد الدولة.
رؤية متكاملة
بالمقابل يرى البعض أن ما قدمه عبد القادر مساهل للجانب الليبي فيما يتعلق بإعادة الإعمار، جاء في وقته، وأن للجزائر كما جيران ليبيا رؤية متكاملة لمعالجة الأمور في بلد عمر المختار. ففي مجال محاربة الإرهاب، مثلا، وإلى جانب ملاحقة التنظيمات الإرهابية عسكريًّا، يجب القضاء على الأسباب المؤدية إلى التطرف ومن ذلك الآفات الاجتماعية على غرار الفقر والجهل والتخلف.
كما وجبت محاربة الإرهاب فكريا أيضا من خلال تركيز مناهج تعليمية غير معادية للآخر ولا تحرض على الحقد والكراهية وتدعو إلى التسامح وتنبذ جميع أشكال التمييز على أساس العرق أو الدين أو اللون أو المذهب. ويضاف إلى كل ذلك تركيز سلطة سياسية قوية تفرض هيمنتها، لإعادة الأمن والإستقرار، على كامل الإقليم المترامي لا فقط على المركز كما هو الحال في الصومال أو في أفغانستان.
الازمة في ليبيا مستمرة
تنمية المناطق الحدودية
ومن بين المقترحات التي حملها مساهل إلى الليبيين ولفتت الانتباه، مقترح تنمية المناطق الحدودية بين الحزائر وليبيا لتكون جسرا للتبادل بين البلدين. وربط مساهل هذا المشروع بمجرد إقرار حكومة الوحدة الوطنية بشكل دائم في طرابلس، خاصة وأن هناك عددًا من الأطراف التي تسعى لعرقلة عمل هذه الحكومة.
ويدرك القاصي والداني أن هذه المناطق هي بؤر لأنشطة التهريب عبر الصحراء لمختلف البضائع على غرار السلاح والمخدرات وغيرها وأيضا لتنقلات الإرهابيين بين ليبيا والجزائر وتونس ومالي وحتى النيجر. كما أن هذه المناطق وبسبب بعدها عن مركز القرار في العواصم تكون في أحيان كثيرة ملاجئ للإرهابيين يركزون فيها الإقامات ويضعون فيها المؤن ويخزنون فيها الأسلحة.
المقاومة الشعبية
وللجزائر تجربة رائدة في مكافحة الإرهاب خلال عشرية تسعينيات القرن الماضي السوداء، اعتمدت في جزء منها على المقاومة الشعبية من خلال تسليح المواطنين لمعاضدة جهود الدولة في حربها تلك. ويدرك الجزائريون أكثر من غيرهم أهمية أن ينخرط سكان الجبال والمناطق الحدودية في هذا المجهود.
فأهل هذه المناطق هم الأدرى بشعابها وهم من يحفظ تضاريسها عن ظهر قلب أحيانا أكثر من قوى الأمن والجيش. وبالتالي فإن العناية بسكان هذه المناطق، من خلال مشاريع على غرار تلك التي اقترحها مساهل، توفر لهم العيش الكريم، سيزيد من الشعور بالارتباط بالوطن لدى هؤلاء الذين سيدعمون جهود الدولة ويصبحون عينها الساهرة على الأمن في الربوع النائية.