خلافات تلاحق سنجار بعد تحريرها
عادل الجبوري
عبرت اوساط سياسية ودينية وشعبية في قضاء سنجار التابع لمحافظة نينوى، الذي تم تحريره مؤخرا من عصابات داعش الارهابية، من استشراء النزاعات القومية والطائفية بين الفرقاء، في اطار التنافس والصراع المحموم من اجل السيطرة على مقاليد الامور في القضاء.
وحذرت تلك الاوساط من خطر تفاقم التنافس والصراع المحموم بين الفرقاء لوضع اليد على المؤسسات الحكومية والخدمية في سنجار، والسيطرة على اكبر مساحة ممكنة منه.
وكان قضاء سنجار الذي احتل من قبل عصابات داعش بعد احتلال الموصل بحوالي شهرين، صيف العام الماضي، قد اعلن عن تحريره من تلك العصابات قبل عشرة ايام، على ايدي قوات البيشمركه الكردية والجيش العراقي والتشكيلات المسلحة لابناء الديانة الايزيدية من اهالي سنجار.
واعقب تحرير سنجار قيام جهات متعددة، من بينها الحزب الديمقراطي الكردستاني، وحزب العمال الكردستاني التركي المعارض(P.K.K)، وقوى ايزيدية برفع اعلامها الحزبية الخاصة فوق المباني والمواقع التي سيطرت عليها، وهو ما مثل المؤشرات الاولية على وجود ارضيات ومناخات ملائمة لاندلاع الصراعات الداخلية بين الفرقاء السياسيين الذين يمثلون-او يدعون تمثيل- مكونات وشرائح مختلفة من ابناء قضاء سنجار.
اصطفاف
وقد اثار اعلان رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني، بأن الاكراد هم من حرروا سنجار، وكان يعني تحديدا القوات التابعة للحزب الديمقراطي، حفيظة اطراف كردية وايزيدية وعربية عديدة، وما زاد من مظاهر الغضب والاستياء، هو تعيين القيادي في الحزب الديمقراطي والنائب السابق في البرلمان العراقي محما خليل قائمقام لقضاء سنجار، باعتبار انه ينتمي للديانه الايزيدية، ليفهم من خلال ذلك التعيين ان حزب البارزاني يسعى ويخطط للانفراد في ادارة شؤون القضاء، ومن ثم ضمه للمناطق الخاضعة لادارته في اقليم كردستان.
والشيء الاخر، تمثل بقيام مجموعات مسلحة ايزيدية، يقال انها في واقع الامر تابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني بطرد العوائل العربية القاطنة في سنجار، ومن ثم نهب وسلب ممتلكاتها، ووضع اليد على منازلها، ناهيك عن قتل اعداد من افراد تلك العوائل بدعوى التعاون مع تنظيم داعش الارهابي، وهذا ما اثار حفيظة وغضب جماعات عربية في داخل القضاء وخارجه، معتبرة ان هذه الممارسات، تأتي في سياق سعي الاكراد لتغيير التركيبة الديمغرافية لمدينتهم تمهيدا لضمها للاقليم.
ولعل ما يعزز تلك التصورات، هو اعلان رئيس الاقليم ان سنجار كردستانية، فضلا عن دعواته لرفع علم الاقليم دون غيره في مدينة سنجار، ليدلي بعد ايام مستشار امن الاقليم مسرور البارزاني نجل رئيس الاقليم بتصريحات بنفس المعنى.
الى جانب ذلك، فأن الاكراد اطلقوا رسائل واضحة عن رفضهم اقتراب الحشد الشعبي من سنجار، ناهيك عن فتح جبهه مواجهة معه في قضاء طوزخورماتو ذي الاغلبية التركمانية الشيعية بالتزامن مع تحرير سنجار.
وبحسب مصادر من داخل سنجار، فان ممارسات الحزب الديمقراطي قوبلت بعدم ارتياح المكون الايزيدي البعيد عن الاصطفافات الحزبيه مع الديمقراطي، اضف الى ذلك فأن حزب العمال الكردستاني، الذي زج بالكثير من عناصره في عملية تحرير سنجار، راح يتحرك بطريقة توحي للمتابع بأنه يعد منافسا رئيسيا للديمقراطي في سنجار، بعدما راح يرفع اعلامه وينشر صور زعيمه عبد الله اوجلان في مختلف الاماكن، ويفتح مقرات له في القضاء.
وتتوقع اوساط كردية خاصة ان يندلع الصراع العسكري بين الديمقراطي والعمال، وستدخل انقره على الخط من خلال تقديم الدعم اللوجيستي والاستخباراتي لحزب البارزاني لاضعاف وتدمير خصمها التقليدي اللدود، المتمثل بحزب العمال.
في الوقت ذاته، لاحت مخاوف وهواجس من ان تمتد ما سمي بالمطامع الكردية الى مدن ومناطق اخرى متنازع عليها، مثل خانقين وكالار وجلولاء ومخمور، لترافقها نزاعات وصراعات فيما بين الاطراف الكردية المتنازعة على السلطة والنفوذ داخل حدود الاقليم وخارجها، وكذلك فيما بين الاطراف الكردية من جهة، والمكونات الاخرى العربية والتركمانية والايزيدية والشبكية التي تتحسس كثيرا من مخططات واجندات الاكراد المدعومة من قوى خارجية دولية واقليمية عديدة، من جهة اخرى.