المدارس الدينية في باكستان لعبة بأيدي الكبار
عون هادي حسين
في موقفٍ لافت من سياسي باكستاني شدَّد قائد حزب العدالة عمران خان، خلال مؤتمر صحفي، على ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة ضد المدارس الدينية المتطرفة في البلاد، معتبرا الجهود الحكومية المبذولة في مكافحة التطرف "ناقصة ما لم يتم معالجة أساس المشكلة"، قاصدا بكلامه المدارس الدينية.
هذا ولاتزال المدارس الدينية المتشددة في باكستان، تقف عائقا أمام نجاح الحرب الباكستانية ضد التطرف، وعلى الرغم من ثبوت تورط هذه المدارس، في العديد من أعمال العنف التي شهدتها باكستان، إلا أن الحكومة تقف عاجزة عن فعل ما يلزم ضد هذه المدارس، أو كما يعتبر البعض تغض الطرف عن هذه المدارس لتشابك المصالح بين بعضها البعض، حيث أن هذه المدارس لطالما كانت الخزان الذي يرفد الجبهة الشرقية مع الهند والجبهة الشمال غربية مع افغانستان بـ"الجهاديين" الذين هم جزء من استراتيجية وكالة الاستخبارات الباكستانية في تحقيق طموحاتها الإقليمية.
وتعد باكستان من أكثر الدول الإسلامية الحاضنة للمدارس الدينية، بعدد يقارب الثلاثين ألف مدرسة، يدرس فيها ما يقارب المليوني طالب وطالبة، كما وتحظى هذه المدارس التي يعد الكثير منها بيئة حاضنة ومُصدرة للفكر التكفيري، برعاية ودعم مالي لا محدود، من أمراء وشيوخ في الخليج الفارسي غالبيتهم من السعودية، وذلك بعلم الحكومة الباكستانية التي لم تتخذ إجراءات جدية حتى الآن لتقنين عمل هذه المدارس وضبط مناهجها التعليمية التي تبث العدائية والكراهية في المجتمع الباكستاني.
يرى مراقبون أن الحرب الباكستانية ضد التطرف، لن تتكلل بالنجاح دون اتخاذ خطوات جريئة ضد المدارس الدينية المتشددة، إلى جانب قطع موارد تمويلها التي تفوق بعشرات المرات ميزانية كُبرى الجامعات الأكاديمية في باكستان، والتعامل بحزم مع الداعمين لها دون تفرقة.
فالإصلاح التعليمي، كما يرى متخصصون، ضرورة لا مناص منها لدعم الأمن والاستقرار في باكستان، وعلى الحكومة أن تعتمد خطة متوازن الأبعاد لقلع التطرف من جذوره. وفي هذا السياق يأتي أهمية تحصين حقل التعليم في باكستان والعمل على مناهج تعليمية تبث روح الإلفة والمودة وتعزز من الحوار كقيمة اجتماعية ضرورية لاستمرارية المجتمع.
في الخلاصة، من الجدير ذكره أن المدارس الدينية في باكستان لم تعد تحظى بالشعبية ذاتها التي تمتعت بها خلال الاحتلال السوفياتي لأفغانستان، غير ان الصمت الحكومي تجاه هذه المدارس يثير الكثير من التساؤلات، فهل باكستان عاجزة أمام هذه المدارس ورعاتها؟ وما السبب وراء هذا العجز؟ هل أن باكستان ما تزال على سياستها القديمة اتجاه المدارس الدينية كما في سنين العصر الذهبي لما سُمي بجهاد أفغانستان؟ أم أن القضية مجرد إهمال حكومي كما هو الحال في مختلف الحقول الأخرى؟ اسئلة كثيرة يفضل الباكستانيون تجنب الجواب عنها لأنها تفتح عليهم ابواب جهنم، فكل ما هو مرتبط بوكالة الاستخبارات الباكستانية محذورٌ تداوله، واللبيب من الإشارة يفهم.