البحرين ، الأحلام لا تموت .
أحمد الحباسى
كاذبون ، منافقون ، هؤلاء الذين يزعمون أن الثورة البحرينية قد ماتت ، أن النظام الإرهابي البحريني المستبد قد استطاع السيطرة على حالة الرفض الشعبية، أن الاستعمار السعودي قد انتزع انتصارا قذرا على الثوار البحرينيين ، طبعا ، الثورة البحرينية كغيرها من الثورات في دول الخليج الفارسي منبوذة من الأنظمة الاستبدادية التي تملك العصا و الهراوة و القبضة الحديدية و كل وسائل التعذيب المدمرة للأجساد ، الثورة البحرينية تعانى من كم هائل من الأخبار الزائفة التي تضخها وسائل إعلام الخليج المتعاونة مع الصهيونية ، تعانى الثورة أيضا من عدم شهامة الجيش البحريني و بقية المنظومة الأمنية الفاسدة ، فالجيش الذي يقبل الاعتداء على الحرمات لا يمكن أن يكون جيشا و الجيش الذي يقبل باستعمار دولة أخرى لقمع الشعب البحريني لا يمكن أن يسمى بالجيش ، و الجيش يطلق الرصاص على أهل البحرين هو مجرد عصابة لا تختلف كثيرا عن عصابة الجيش الصهيوني بل لنقل أن الجيش البحريني الذي يتجاوز القيم الإسلامية هو من أقذر الجيوش العربية و أكثرها تدنيا أخلاقيا .
من دروس الثورات العالمية أن إرادة الشعوب لا تقهر و أن استبداد النظام الفاشل لن يدوم مهما تحصن بالحديد و النار و بالدعم الصهيوني الخليجي المتآمر على الشعب البحريني ، هذه مسلمات و حقائق و عبر من التاريخ ، فحلم التحرر من الاستبداد لا يموت إذا شب في صدر الشعب ، و الشعوب الحالمة هي من تنتصر في معركة إقصاء الديكتاتوريات الفاشية الاستبدادية ، و على قول الشاعر التونسي الكبير أبو القاسم الشابى " إذا الشعب يوما أراد الحياة ، فلا بد أن يستجيب القدر " ، و الشعب البحريني يقف بالنهار و الليل ضد هذا النظام الصهيوني العنصري العميل فكيف يهزم ؟ …لكن بطبيعة الحال هناك ألسنة عفنة و وسائل "أعلام " تمارس التضليل و هي من تقف وراء ثقافة القبول بالأمر الواقع و بالإيحاء للمتابعين ببعض الشبهات الواهية حول هوية هذه الثورة السلمية ، فهل نجحت وسائل الإعلام في قتل الحلم البحريني ؟.. الجواب يأتي صريحا للمتابعين رغم التعتيم بأن الحلم البحريني لا يموت و أن حرائر البحرين قبل رجالها مستعدون لخوض معركة قلب الموازين و القضاء على الاستبداد و الدفع لرحيل الشيطان مهما تحالف مع شياطين السعودية و إسرائيل .
بين هذا "الداعية” السعودي المريض نفسيا الذي أباح للمسلمين مشاهدة الأفلام الإباحية و بين هؤلاء المتظاهرين البحرينيين الذين يتحدون السلطات البحرينية السعودية الصهيونية القمعية هناك مسافة أميال قمرية لأنه هناك فرق بين عقل هذه الطبقة السعودية المهيمنة على الحكم في دولة الإرهاب و التحريض على الكراهية النهمة للجنس و النوم و الخنوع و بين هذه العقول البحرينية التي تصارع قوة استبدادية للحصول على مساحة الحرية و الديمقراطية كغيرها من الشعوب الحرة في العالم ، و لأنها ثورة سلمية في مواجهة منظومة استبداد قمعية فقد نالها بعض الإعياء أحيانا نتيجة تراكم المشاكل و الأعداء و لكنها بقيت رغم ذلك تصارع هذا الجبروت الصهيوني الذي يمارس إرهابا رسميا دون تنديد من دول العالم و من هذه المنظمات الدولية الانتهازية ذات العلاقة بحقوق الإنسان ، و رغم عديد الشهداء الأبرياء و الجرحى و المعتقلين و المضطهدين في شغلهم و لقمة عيشهم و تعليمهم فقد تمكنت هذه الثورة من إيصال صوتها للعالم حتى لا يهدأ أو ينام للنظام الكافر جفن قبل أن تعصف به رياح التغيير المقبلة ، فهذه الثورة تفاجأ العالم بكونها تجدد نفسها عبر الأجيال التي تتناقل نضالها ضد هذا النظام المستعمر الممثل للمصالح الصهيونية في المنطقة ، لكن الشعب البحريني كما الشعب اليمنى له عتب على كل هذه العمائم البيضاء العربية التي صمتت على العدوان و مارست الخجل الخطابي و أغمضت عين الحقيقة بغربال العار .
لن تصمت الشعوب على حقوقها المشروعة ، هذه ألف باء التاريخ و المنطق ، كل ذلك رغم صمت بان كى مون و بقية دول منظومة الفساد العالمية التي مثل اللوبي الصهيوني ، و لعل الشعب البحريني يدرك اليوم مغزى تصريح سماحة السيد بان هذا الدكان " الأممى " القذر لن يهتم بالشعوب المضطهدة و أن الحقوق لن تنالها الشعوب إلا بالإرادة و العزيمة و الكفاح و الصبر على الظلم ، و حين نرى كيف قدمت الجامعة العربية بقيادة رأس الأفعى نبيل العربي سوريا على طبق من خيانة إلى منظومة "أصدقاء سوريا” و سارعت لمد هذه المنظومة بالغطاء "العربي” لتبرر استعمار سوريا تحت البند السابع ، و قبلا قامت بنفس الشيء تجاه ليبيا لتتحول إلى بؤرة إرهاب دولية ، فمن المؤسف اليوم أن نتحدث عن كون حاميها حراميها و أن هذا الدكان العفن قد وجب العمل على إغلاقه بكل الطرق تلافيا لتسريب إشعاعه الملوث بالخيانة ليصيب بقية الجسم العربي المنهك ، لذلك يبقى الأمل ما دام هناك شعب في البحرين يزرع الأمل و يبقى الحلم ممكنا ما دام هناك من يسهر على زرع الحلم في أذهان شعب البحرين ، أيها الخليج ، افتحوا نوافذكم ، اعتلوا السطوح ، استرقوا السمع ، استمعوا إلى التكبير البحريني ، إلى التهليل في المنامة ، إلى الزغاريد في ميدان اللؤلؤة ، شاهدوا هذا القمر الساطع في سماء البحرين ، شاهدوا كيف تصنع حرائر البحرين التاريخ ، كيف يقهرن الظلم ، كيف يتقدمن الصفوف ، كيف يداوون الجرحى ، كيف يموت حلم شعب يعيش يملك هذا الكم الهائل من الأمل ؟.
..