أميركا تفقد توازنها!
تأكد لدى الادارة الاميركية وبصورة لا تقبل النقاش ان بريقها بدأ يخف، وان هيمنتها بدأت تضمحل يوما بعد آخر، لذلك لم يتبق لديها وهي تعيش هذه الصورة المؤلمة الا ان تتجه نحو ارسال رسائل التهديد والوعيد وتفتح النار وبصورة عشوائية محاولة منها للعودة الى ما كانت عليه في السابق.
الا ان الاحداث المتسارعة والتي لا يمكن ان تعطي فرصة لواشنطن من ان تاخذ زمام المبادرة في أي مسعى كان، قد افقدها صوابها واصاب توازنها الخلل، لذلك فهي تلجأ الى القيام باعمال استفزازية عجولة وغير مدروسة ظنا منها تستطيع ان تجلب الانظار او تعيد الكفة لصالحها.
والا ماذا يعني ارسال الطائرات المقاتلة الى قاعدة انجيرليك التركية وبنفس الوقت مطالبة دول الخليج الفارسي بتشكيل جيشمن هذه الدول بل والذهاب بعيدا الى انها تريد وضع خطة استراتيجية لمواجهة ايران وروسيا والصين وغيرها من التصريحات التي بدت تنطلق على لسان وزير الحرب الاميركي اشتون كارتر وكان العالم لازال لعبة بيده يستطيع ان يفعل ما يريد.
بطبيعة الحال والذي لابد من الاشارة اليه ان واشنطن قد بذلت جل جهدها وعلى مدى عقد من الزمان على تخويف المنطقة من ايران من اجل ان تجعل من دول الخليج الفارسي على الخصوص بقرة حلوب لكي تفرغ ميزانياتها من الاموال لتصب في صالح مصانع تسليحها وتدعم اقتصادها المنهار، وقد نجحت بعض الوقت بسبب الجهل المطبق الذي يتمتع به القائمون على الحكم في مشيخات الخليج الفارسي. وكذلك وبنفس الوقت مارست دورا قذرا ليس فقط بزعزعة أمن المنطقة باكملها بل حتى العالم من خلال تدريب الارهابيين وارسالهم الى العراق وسوريا لاعلان حرب بالنيابة عنها من اجل تحقيق اهدافها التي رسمتها في مخيلتها للمنطقة وشعوبها.
ولكي وبعد ان انكشفت الغبرة اتضح كل شيء واشرقت شمس الحقيقة التي اظهرت زيف كل الادعاءات الاميركية مما افقد واشنطن مصداقيتها ليس فقط لشعوب المنطقة بل لكل شعوب العالم خاصة، وان كل ما حذرت منه واشنطن سواء كان عن النفوذ الايراني او خطر الارهاب لم تكن سوى شماعات وهمية استخدمتها للوصول الى فرض هيمنتها من جديد.
والذي وضح للجميع اليوم ان اميركا وحلفاءها لا يريدون لهذه المنطقة الاستقرار والامن بل هم يبذلون قصارى جهودهم من اجل ان تبقى حالة القلق والرعب مسيطرة لكي تصل الى مآربها الاجرامية، ولكن وبعد الانتصارات التي تحققت وتتحقذق في كل من العراق وسوريا واليمن قد وضعت الادارة الاميركية امام واقع جديد و في مأزق كبير امام العالم اجمع لانها وبكل الامكانيات اللوجستية والبشرية والمادية التي منحتها للارهابيين تجد نفسها انها خارج المحدودة وانها معزولة عن كل تحرك يريد ايجاد الحلول السلمية لازمات المنطقة.
لذلك لم يتبق لواشنطن الا ان ترسل رسائل التهديد الجوفاء والتي لا طائل تحتها وهي تعلم علم اليقين انها اليوم تعيش في اضعف حالاتها وانها ليس لها القدرة على المواجهة المباشرة وهو ما صرح به رئيس الاركان الاميركي والكثير من القيادات العسكرية العليا في الجيش الاميركي ولعدة عوامل واسباب بعضها داخلية واخرى خارجية، ومن هنا فان حالة الصراخ التي تنطلق على السنة المسؤولين الاميركيين خاصة وزير الحرب كارتر تدل على مدى الالم والمعاناة التي تعيشها الادارة الاميركية والذي جاءت بسبب الفشل اللذريع في تحقيق الاهداف.
وفي نهاية المطاف لابد من الاشارة الى التناقضات التي تعيشها الادارة الاميركية والتي وضحت على لسان كارتر عند قوله ان واشنطن لاتريد تكرار اخطائها في العراق وافغانستان وبنفس الوقت ينكفئ على نفسه ويهدد بالعدوان والحرب ، مما يدل على مدى استشاطة الغضب الاميركي، مما يعيد بنا الذاكرة الى ماقاله الشهيد السعيد السيد البهشتي موجها خطابه الى اميركا " استشاطي منا غضبا وستنالين حتفك نتيجة ذلك الغضب".