امريكا والسعودية.... براغماتية بيت الطاعة
رائد دباب
حين ُسئلت ابريل جلاسبي آخر سفيرة أمريكية بالعراق، وهي تهم بمغادرة مقر السفارة الأمريكية في بغداد. بعد حصول الصحفيين البريطانيين على شريط يتضمن نسخة مما دار في اجتماعها بصدام حسين الذي تم في الخامس والعشرين من أبريل عام 1990، حول إعطاءامريكا الضوء الأخضر لصدام للقيام بغزو الكويت. ردت جلاسبي: 'من الواضح والمؤكد جدًا أنه لم يكن يتخيل أحد ولم أفكر مطلقًا أن العراق سيقدم على أخذ كل الكويت'..وتركت الصحفيين وغادرت المكان...
وهذا يعني بأن بعض الاعتداء على الكويت ولو جزئيًا يمكن أن يكون مقبولاً، وأن الولايات المتحدة لا تعارض سيطرة العراق على حقول النفط بالرميلة، في اقل تقدير..... وفي الحادي والثلاثين من يوليو عام 1990 وقبل يومين من الغزو العراقي للكويت أخبر جون كيلي مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، الكونغرس ان الولايات المتّحدة ليس لديها التزام بالدفاع عن الكويت و ليس لديها نية في الدفاع عن الكويت إذا تعرضت لهجوم من قبل العراق'.
ويؤمن البعض ان هذا الكلام الاخير مثل الفخ الذي استدرج صدام ليقع فيه... ولانريد بهذا ان نستعرض احداث غزو الكويت، بل نسعى الى ان نوضح وبشكل جلي ان السياسة الامريكية التي دعمت صدام على مدى الحرب ضد ايران واستغلت الاموال العربية لدول الخليج الفارسي لشراء الاسلحة الامريكية وخفض اسعار النفط ولو ضد مصالحها القومية،، بهدف ارضاء امريكا وانعاش اقتصادها على حساب هذه شعوب هذه الدويلات.. سرعان ما فرضت البراغماتية السياسية الامريكية... غض النظر عن مصير الشعب الكويتي وما يحصل له بعد الغزو، لان ذلك كان يخدم المصلحة الامريكية العليا وهذا ما توصي به وكالة الامن القومي الامريكي ال(ان-اي-اس) ولم يكن مهما ما سيحصل لذلك الشعب الذي لاطالما تصورت حكومته انها تحت مظلة الحماية الامريكية..
والجدير بالذكر ان صدام حسين شخصيا وبعد ثماني سنوات من حربه المفروضة على ايران وقبل عامين من غزو الكويت اي في عام 1988، نصح مستشاريه بضرورة توخي الحذر من الأميركيين أكثر من الإيرانيين... ولربما توصل صدام قبل السعوديين واسرع من شاه ايران، ان لا ثبات مطلقا في السياسة الامريكية وان هناك تبدلا مستمرا في التنقل ما بين المواقع عبر العديد من المراحل.
ولا نظن ان آل سعود من العقلية السياسية التحليلية بمكان.. يمكنهم من معرفة استدراجهم من قبل امريكا الى محرقة اليمن والتي على العكس من تحرير الكويت بقوات على الارض، لاتكلف امريكا سوى عناء ابرام صفقات السلاح... ولايتغير موقفها من ال سعود حتى تنفد ملياراتهم التي هي ملك للشعب السعودي... وقد بدت بوادر النقلة الامريكية منذ سعت وبكل ما استطاعت من قوة ان تتفاهم مع ايران حول ملفها النووي السلمي رغم كل الضغوط السعودية والكيان الصهيوني، والتوصل معها الى اتفاق يحافظ على البرنامج النووي السلمي لايران رغما عن انف الجميع... وها هي امريكا تاخذ آل سعود الى بيت الطاعة لحضور مفاوضات جنيف بحضور ايراني وببقاء للرئيس الاسد، رغم قول الجبير: ان على الرئيس الاسد ان يرحل عسكريا كان او سياسيا.. فلا امريكا لبت ما ارادته السعودية من تغيير الحكومة السورية الشرعية، ولا استطاعت التغافل عن ضرورة الحضور الايراني.. وكل هذا يدلل على براغماتية السياسة الامريكية المتعددة الزوجات.. وها هي الزوجة تذهب مجبرة الى بيت الطاعة الامريكي بالرغم من كل المداعبات.. فمتى تصل الامور الى الطلاق مابينهما هذا ما يجب ان يعرفه السعوديون قبل فوات الاوان ...