الصحف الاجنبية: عاصفة سياسية داخلية تجتاح السعودية
تتواصل التحذيرات في الصحف الاجنبية من مصير مستقبل السعودية، حيث سلط صحفي اميركي بارز الضوء على التوترات الداخلية في العائلة الملكية، وذلك في الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة البريطانية إلغاء اتفاقية مع السعودية على تحديث نظام السجون داخل المملكة على ضوء قضية مواطن بريطاني حكم عليه بثلاثمئة وستين جلدة لحيازة الكحول.
من جهة أخرى، اعتبر باحثون أن احداث العنف التي شهدتها مؤخرا تركيا تعود الى الاستراتيجيات السياسية التي تمارسها بعض الاطراف لكسب الاصوات قبل الانتخابات البرلمانية اوائل الشهر المقبل.
بعنوان "الاعصار يتشكل فوق السعودية” كتب الصحفي المعروف "ديفيد اغناتيوس” مقالة نشرتها صحيفة واشنطن بوست، سلط فيها الضوء على ما وصفه بـ”العاصفة السياسية الداخلية” التي تجتاح السعودية، حيث تحدث عن صراع على السلطة يدور بين ولي العهد ونائبه، بينما تدعم شخصيات اخرى في العائلة الملكية احد الامراء الكبار الذي يقولون انه يحظى بدعم اكبر داخل العائلة الملكية.
الكاتب اشار الى موقف داعمي ولي ولي العهد محمد بن سلمان، فهؤلاء يعتبرون انه شخصية التغيير التي تحتاجها المملكة. ولفت الى ان "الامير الشاب” يحث على تنويع الاقتصاد والمزيد من الخصخصة، وبناء مستقبل يكون اقرب الى النموذج الموجود في دولة الامارات. وفي هذا الاطار يتحدث الكاتب عن لقاءات عقدها محمد بن سلمان مع الشركات الاستشارية الاميركية لبحث خططه حول التجديد.
هذا ونقل الكاتب عن مسؤول اميركي سابق اجتمع مؤخراً بنجل الملك السعودي قوله بان لدى الاخير "رؤية مثيرة للاعجاب لناحية حجمها و تفاصيلها ووتيرتها، وهي ان الوضع السياسي الحالي في السعودية قد يشكل المراحل الاولى للثورة، أو لتأسيس دولة سعودية تكون اكثر قدرة بكثير اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً”.
في المقابل تطرق الكاتب الى ما يقوله منتقدو محمد بن سلمان، وذلك لجهة الحرب "المكلفة لكن غير الناجحة التي يناصرها في اليمن”، والتي عززت مكانة القاعدة هناك واوجدت ضغوطا جديدة تتمثل بوجود اللاجئين والمتمردين على الحدود السعودية.
الكاتب لفت الى أن التوتر الداخلي قد ازداد خلال الشهر الماضي، فقال انه وعقب عودته من واشنطن، قام الملك سلمان بناء على طلب نجله بطرد سعد الجبري، وهو كبير مستشاري ولي العهد محمد بن نايف. وقد أثارت هذه الخطوة القلق لدى الولايات المتحدة ودول غربية اخرى، حيث كان يعد الجبري من اهم الشخصيات في المملكة التي كانت تنسق في المجال الاستخبارتي مع الغرب. كما تحدث الكاتب عن معطيات تفيد بان الجبري كان قد شكك بالاساليب التي يتبعها محمد بن سلمان في اليمن، وذلك على ضوء تخوفه من تعزيز قوة تنظيم القاعدة هناك.
ثم تطرق الكاتب الى الرسائل المكتوبة الاربع الصادرة من داخل العائلة الملكية والتي تدعو الى ازاحة الملك واولياء العهد الاثنين. وكشف الكاتب انه تحدث هاتفياً مع احد الامراء الكبار الذي قام بكتابة رسالتين اثنين من اصل الرسائل الاربعة، حيث يقول ان الامير المذكور يؤيد تعيين الامير احمد بن عبدالعزيز، وهو نجل مؤسس الدولة السعودية الملك عبد العزيز بن سعود، كاشفا ان احمد بن عبد العزيز هو الخيار المفضل لدى "نسبة خمسة و ثمانين بالمائة من عائلة آ سعود”، وفق الكاتب.
الكاتب أشار الى أن الرسالة الاولى التي وجهها هذا الامير تنتقد "تهميش ابناء عبدالعزيز” والخطر الذي يتشكل امام "قوة وبقاء العائلة في السلطة، و يتناول كذلك الرسالة الثانية التي تتحدث عن "ضعف” الملك سلمان وعن "اعتماده بشكل كلي على حكم نجله”. وخلص نقلا عن مراقبين إلى انه لا يمكن التنبؤ بمستقبل المملكة في ظل هذا الاعصار السياسي.
من جهة ثانية، علق موقع "دايلي بيست” على قضية المواطن البريطاني كارل اندري الذي كان قد نجا ثلاث مرات من مرض السرطان وحكم عليه بثلاثمئة وستين جلدة من قبل "النظام السعودي الوحشي” وذلك إثر اكتشاف زجاجات من النبيذ داخل سيارته.
واشار الموقع الى ان الجلدات تنفذ بقصب الخيزران يبلغ طول الواحدة منها ثلاثة اقدام، وذلك استناداً الى النظام القضائي السعودي القائم على الوهابية المتطرفة، كما لفت الى ان منظمتي العفو الدولية و”هيومن رايتس ووتش” قد حذرتا من ان الضرب بهذه الطريقة قد تسفر عن اصابات خطيرة.
الموقع الذي ذكّر بأن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون تدخل شخصياً في القضية بعد 14 شهراً من المراوغة، لفت إلى ان بريطانيا قامت ببيع اسلحة إلى المملكة تتجاوز قيمتها ستة مليارات دولار، وذلك على الرغم من سجلها الاسود في مجال حقوق الانسان فضلا عن دعمها للارهابيين.
وتطرق إلى الانتقادات التي وجهها زعيم حزب العمال الجديد جيريمي كوربين الى الحكومة لجهة عقد الصفقات مع السعودية، وما تلاها من إلغاء كاميرون عقد بقيمة تسعة مليون دولار مع السعودية في مجال التدريب على تحديث نظام السجون داخل المملكة. وقد دعت بريطانيا الى عدم تنفيذ عقوبة الجلد بحق كارل اندري المعتقل في سجن بريمان المعروف بسوء المعاملة والتفنن باساليب التعذيب، حيث تنتظر العائلة نحو ستة أشهر لرؤية ولدها.
الملف التركي
الباحث في مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن "ستيفن كوك” كتب مقالة نشرت على الموقع التابع للمجلس تحت عنوان "تركيا في حرب مع نفسها”، رأى فيها ان تركيا تمزق نفسها في "حرب تشنها مع نفسها”.
الكاتب أشار الى أن خلفية التفجيرات الاخيرة التي وقعت بالعاصمة التركية انقرة تعود الى الخلاف بين القوميتين التركية والكردية، لكنه تحدث عن سلسلة من الصراعات الاخرى التي تدور في البلاد وساهمت "بتراكم الجثث على الشوارع التركية بوتيرة غير مسبوقة” وهي: الصراع بين حزب العدالة والتنمية من جهة وأحزاب الشعب الجمهوري، الحراك القومي، والشعب الديمقراطي وتيار فتح الله كولن من جهة ثانية إضافة إلى الصراع بين حزبي الشعب الديمقراطي وجميع الفصائل من جهة والعمال الكردستاني من جهة ثانية. والصراع بين حزبي الحراك القومي والشعب الديمقراطي مرورا بالصراع بين الجميع وتنظيم داعش، على الرغم من وجود تساؤلات حول موقف الحكومة من هذه الجماعة، وصولا إلى الصراع بين العلويين والمسلمين "السنة المتعصبين”، وفق الكاتب.
على ضوء كل هذه الصراعات، قال الكاتب انه والى جانب تفجيرات انقرة، هناك بيئة مليئة "بالفرص التي يصعب مقاومتها” ليقوم السياسيون بتعميق حالة الفوضى داخل تركيا. وشدد على ان ذلك يتعزز مع اقتراب موعد الانتخابات في الاول من تشرين الثاني المقبل. ورأى الكاتب ان الاستراتيجية السياسية التي اتبعها اردوغان منذ ما قبل الانتخابات في شهر حزيران/ يوينو ساهمت "بجعل المجتمع راديكالياً”، ملمحاً الى ان ذلك ساهم بوقوع هجوم انقرة. فبرأي الكاتب ان مناورة اردوغان القومية والخطاب الذي رافقها لجهة ربط حزب الشعب الديمقراطي مع ارهابيي حزب العدالة و التنمية من اجل تخفيض مستوى تمثيل هذا الحزب في البرلمان التركي الى ما دون نسبة عشرة بالمئة، جعلت من جميع الاكراد هدفاً.
من ناحية أخرى اعتبر الكاتب ان حزب العدالة والتنمية ايضاً لعب دوراً في ايجاد بيئة للعنف، حيث تحدث عن عملية قتل ضابطي شرطة تركيين على يد جناح تابع لحزب العمال الكردستاني في الثاني والعشرين من شهر تموز الماضي. كما تحدث عن عدم استعداد قيادة حزب العمال الكردستاني دعم صعود حزب الشعب الديمقراطي، وعن مصلحة سياسية مشرتكة بين حزب العمال الكردستاني وحزب الحراك القومي بتحجيم حزب الشعب الديمقراطي.
في الخلاصة، تحدث الكاتب عن "مجتمع تركي يتألف من معسكرات لا تثق ببعضها البعض”، واعتبر ان الظروف المطلوبة من اجل القيادة التي تقوم بالمحاسبة غير موجودة اليوم، بل ان العكس صحيح، فالحوافز السياسية للسياسيين الاتراك "تشجعهم على الاستفادة من وفاة ما يزيد عن مئة شخص بغية نزع شرعية منافسيهم وكسب الاصوات”.
بدوره، الباحث التركي "كمال كريتشي” كتب مقالة على موقع معهد بروكنغز اعتبر فيها ان التفجيرات الاخيرة التي وقعت في انقرة، اضافة الى تلك التي شهدتها منطقتي سوروتش وديار بكر التركيتين ناتجة عن الدعاية الانتخابية، الى جانب التطورات في سوريا.
وقال الكاتب ان اعمال العنف وقعت على خلفية تعزيز الحكم الاستبدادي في البلاد، وكذلك المشاكل الاقتصادية والتورط فيما أسماها الحرب الاهلية السورية. كما لفت الى أن القتال المتواصل بين قوات الامن التركية وحزب العمال الكردستاني كشف الغطاء عن حالة الاحباط داخل المجتمع الكردي حيال قيادة حزب العدالة، حيث يتهم الاكراد حزب العدالة بالخيانة كونهم انسحبوا من عملية السلام مع حزب العمال. واشار الى ازدياد عدد العلمانيين والليبراليين المعارضين لسياسة اردوغان.
وحسب الكاتب، فان تفجيرات انقرة هي من عوارض كل هذه المخاوف وكذلك حالة الاستقطاب الحادة في البلاد. كما تطرق الكاتب الى رفض المسؤولين الدعوات لاستقالة وزير الداخلية على ضوء التفجيرات الاخيرة، حيث لفت الى ان "هذا التجاهل الواضح للمحاسبة قد ازعج بعض الشخصيات البارزة في حزب العدالة والتنمية حتى”. وقال ان "هذا التجاهل” قد جعل جزءا ليس قليلا من الاتراك العلمانيين شركاء للاكراد.