الصحف الاجنبية: التفكك يلاحق تركيا وتشكيك برواية أميركا حول حادثة قندوز
حظيت حادثة استهداف مستشفى تديره منظمة "أطباء بلاد حدود” بمدينة قندوز الافغانية بنيران طائرة حربية اميركية، باهتمام واسع في كبرى الصحف الاميركية التي سلطت الضوء على التناقضات في التصريحات الاميركية وطالبت بفتح تحقيق مستقل وشفاف بشأن ما جرى، في وقت يتواصل النقاش حول مقاربة البيت الابيض ملف سوريا على خلفية التدخل الروسي الاخير، حيث اعتبر كتاب اميركيون انه ليس باستطاعة اوباما القيام بشيء بديل عن السياسة التي يتبعها، فيما حذر باحث تركي من اندلاع حالة من الفوضى في تركيا جراء السياسات التي يمارسها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان.
تعرض مستشفى في مدينة قندوز الافغانية للنيران
صحيفة "نيويورك تايمز” وصفت بيان البنتاغون الاولي بشأن تعرض مستشفى تابع لمنظمة "أطباء بلا حدود” لضربة جوية اميركية في مدينة قندوز الافغانية، بالامر الشائن، ورأت أن اعتراف قائد القوات الاميركية وحلف "الناتو” في افغانستان جون كامبل بان الضربة الجوية قد "استهدفت عن طريق الخطأ” المدنيين وأن وعوده بفتح تحقيق بما جرى ليست كافية، ودعت الى تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في الحادث.
وشككت الصحيفة بالتفسيرات التي قدمها الجنرال كامبل، ولا سيما أن القوات الاميركية تدخلت بعد طلب القوات الافغانية تحرير قندوز ما ادى الى قصف المستشفى، واستندت الصحيفة إلى تصريحات المسؤولين في منظمة اطباء بلاد حدود الذين أكدوا أن القصف الاميركي استمر لاكثر نصف ساعة رغم ابلاغنا القوات الافغانية والاميركية بالأمر.
كما لفتت الصحيفة الى ان ثلاثة عاملين في المستشفى قد اكدوا ان اي قتال لم يدر في المحيط القريب من المستشفى وانه لم يكن هناك اي تواجد بالمطلق لعناصر طالبان بداخله. كما نقلت عن مدير منظمة اطباء بلاد حدود في هولندا تأكيده على صفحة توتير ان "موظفي المستشفى والمرضى هم فقط من كانوا في داخله”.
وطرحت الصحيفة عدة تساؤلات من بينها: هل ارتكبت القوات الافغانية خطأ بشأن قيام عناصر طالبان باطلاق النيران من داخل المستشفى؟ وما الدور الذي لعبته القوات الخاصة الاميركية المتواجدة على الارض؟ لماذا لم ير الطيار الاميركي المشفى ويتأكد من الهدف قبل اطلاق النيران؟
صحيفة "واشنطن بوست” من جهتها نشرت تقريراً سلطت فيه الضوء على التناقضات بالتصريحات الاميركية حول الضربة الجوية التي استهدفت المشفى وقتلت 22 شخصاً. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في البنتاغون تحميلهم طائرة حربية اميركية مسؤولية فتح النيران ومقتل المدنيين، وذكّرت بتصريح المدير العام لمنظمة اطباء بلاد حدود الذي شدد على ضرورة اجراء "تحقيق كامل مستقل وشفاف”.
وتحدثت الصحيفة عن الاختلاف في التبريرات الاميركية، فأوضحت انه و”بينما اكد الجنرال كامبل ان القوات الافغانية هي التي استدعت التدخل الاميركي، قال وزير الحرب الاميركي آشتون كارتر إن "تدخل الطائرة الحربية الاميركية جاء لحماية قواتنا التي كانت تتعرض لهجوم”.
سياسات البيت الابيض في سوريا
من جهة ثانية، رأى الكاتب في صحيفة "واشنطن بوست” "يوجين روبنسون” ان الرئيس الاميركي محق بعدم التورط بشكل اكبر في سوريا، معتبرا أن مقاربة اوباما هذه تخدم المصالح القومية الاميركية. وأضاف: تمتلك روسيا رؤية واضحة لتحقيق اهدافها المباشرة في سوريا على خلاف الولايات المتحدة التي لا تتمتع بذلك.
كما رأى الكاتب ان ما جرى من احداث يؤكد صوابية موقف اوباما، حيث اشار الى اعتراف البنتاغون الشهر الفائت بتسليم المتمردين الذين دربتهم واشنطن اسلحتهم وآلياتهم لجبهة النصرة. وقال ان "هذا الاعتراف يشكل المرة الاولى التي يقر بها مسؤولون اميركيون بانتقال الاسلحة الى ايدي هذه الجماعات”، لكنه اضاف ان هناك معلومات تفيد بان هذه لم تكن المرة الاولى التي يحصل فيها ذلك.
الكاتب شدد على ان المشكلة الاكبر هي كون الهدف الاميركي الاهم في سوريا يختلف عن الهدف الاولي لدى المتمردين غير "الجهاديين” الذين تدعمهم واشنطن. بحسب الكاتب، فان إضعاف "داعش” أو القضاء عليه هو المصلحة الاميركية الكبرى، والضربات الجوية الاميركية تهدف الى تحقيق هذه الغاية ولفت الى الاهتمام الكبير بدعم القوات المتمردة التي تحاول استعادة مدينة الرقة من ايدي داعش.
مخاطر مستقبل تركيا
في سياق آخر، كتب الباحث التركي "سونر كاجابتاي” مقالة نشرتها مجلة "The Atlantic” حذر فيها من المستقبل الذي قد تواجهه تركيا. وتحدث عن تغيير الديناميات بشأن موقف الاكراد تجاه حكم حزب العدالية والتنمية، لافتا إلى أن الاكراد من كافة الاطياف في تركيا التفوا حول حزب الشعب الديمقراطي الكردي في الانتخابات الماضية، بينما كانت الانقسامات تسود اكراد تركيا في السابق وكان البعض منهم يؤيد حزب العدالة والتنمية.
وبناء على ذلك، رأى الكاتب ان قيام الحكومة التركية بشن ضربات جوية ضد عناصر حزب العمال حمل معه خطر اندلاع حرب مع المجتمع الكردي في تركيا، متوقعا قيام عناصر كردية سورية داعمة لحزب العمال بعبور الحدود الى تركيا وافتعال المشاكل. ورأى أن هذه المحاولات ستعقد مساعي الحكومة ليس فقط داخل تركيا نفسها وانما ايضاً في سوريا حيث تنشط الجماعات المسلحة المقربة من تركيا على مسافة قريبة من المناطق الكردية.
كذلك، حذر الكاتب من قيام داعش بهجمات داخل تركيا على غرار ما حصل في شهر تموز/يوليو الماضي، مؤكدا أن تنفيذ "داعش” هذه الهجمات بات مسألة حتمية، ورأى ان أنقرة نظريا قادرة على مواجهة تهديدات داعش وحزب العمال الكردستاني، غير انه شكك في الوقت نفسه من ان يكون لدى الحكومة التركية الدعم المحلي الكافي من اجل القيام بذلك.
وحسب الكاتب فان مصدر حالة الاستقطاب الخطيرة في تركيا هو الرئيس اردوغان نفسه، منبها الى ان تركيا باتت على حافة ازمة دستورية، حيث ينص دستورها على النظام البرلماني الديمقراطي، في حين أنها تقترب اكثر فاكثر من نظام رئاسي مع وجود اردوغان في اعلى الهرم.