’تشرين’: أزمة اللاجئين نتيجة الحروب الإمبريالية في إفريقيا وآسيا
إيمان الذنون
في الوقت الذي تهيمن فيه أزمة اللاجئين على معظم عناوين ووسائل الإعلام الغربية، "من المتوقع ظهور شبكة معقدة من النظريات والتحليلات حولها”، والأهم من ذلك أن الدعاية الإعلامية قدمت أزمة اللاجئين من وجهة نظر إنسانية وربما ثقافية أيضاً من دون التطرق إلى الجانب السياسي الأهم والذي يتمثل في أن تدفق اللاجئين ما هو إلا نتيجة الحروب الإمبريالية في إفريقيا وآسيا.
جاء ذلك في عرض للكاتب إيرك دريستر في تحليل نشره موقع "كاونتر بانش” أشار فيه إلى أن الصحافة الحقيقية والنزيهة تمكنت من الغوص في أعماق الذاكرة واستحضار كل الأدلة ونشرها في صفحاتها الخاصة بعد أن خلصت إلى نتيجة مهمة وهي أن القوى الإقليمية والدولية تتعاون فيما بينها لتحقيق مصالحها وأهدافها، وقد جسدت هذا التداخل في استراتيجيتها من خلال تآمرها على شن حرب في سورية بعد أن تواطأت قبلاً في حروب عدوانية وعلنية ضد كل من ليبيا والعراق وأفغانستان، واليمن حالياً، كما رسمت ولفترات طويلة نزاعات لا نهاية لها في الصومال وأماكن أخرى من خلال قرارات لم تكن عبثية أو بمحض الصدفة، بل بوعي كامل ومدروس من الطبقة السياسية الحاكمة وذلك أثناء تأسيس "تحالف” الولايات المتحدة و”ناتو” بالتعاون مع "إسرائيل” ودول مجلس التعاون الخليجي، وقد ساهم كل هؤلاء مجتمعين في أزمة اللاجئين القائمة حالياً.
ووفقاً للكاتب تعد مشكلة اللاجئين في مفهوم الغرب "معركة البقاء التي لا تكتمل إلا بالحفاظ على الحضارة الأوروبية ضد محافل الهمجية من جحافل البشر الجدد من ذوي البشرة السمراء البعيدين كل البعد -حسب اعتقاد الغرب-عن المدنية والحضارة”.
ولعل كلمة "سرب اللاجئين” التي استخدمها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون هي تعبير صادق عما يعتمل في نفوسهم تجاه اللاجئين، وهذا بالطبع موقف استعماري عنصري واضح يتبناه جهاراً اليمين المتطرف في أوروبا من ماريان لوبان والجبهة الوطنية في فرنسا إلى فيكتور أوربان رئيس وزراء المجر الذي طالما كرر دعوته للاجئين بعدم القدوم إلى بلاده ومشدداً في كل مقابلة له رفضه استقبالهم إذا ما قام الاتحاد الأوروبي بتوزيعهم كحصص على الدول الأعضاء.
وذكر الكاتب أنه من الواضح أن هناك محاولة لإعادة كتابة التاريخ الحديث بشكل عام لإزالة الدور الذي لعبته الإمبريالية في تعزيز هذه الأزمة، وهناك أيضاً صمت مخجل حول دور بعض الأطراف الإقليمية والدولية في التلاعب بذلك من أجل تحقيق مكاسب سياسية، وعلى سبيل المثال أغفلت وسائل الإعلام الدور التركي في إعادة توجيه اللاجئين من بلادها إلى اليونان ومن ثم إلى أوروبا، فضلاً عن تجنبها تغطية التواطؤ بين المتاجرين بالبشر في تنظيم "داعش” الإرهابي وبين الجماعات الإرهابية والعصابات الإجرامية الأخرى، بالتعاون مع من يساندهم في الولايات المتحدة وأوروبا والشرق الأوسط.
واختتم الكاتب تحليله بالقول: ما لاشك فيه أن استراتيجية الهجرة التي تتبعها الدول الغربية هي جزء من مخطط أوسع لتعزيز أهداف الإمبراطورية الأمريكية في جنوب الكرة الأرضية.